https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

كلنا مخطئون!

1478

الحادث المأساوى لقطار الإسكندرية الأقصر، الذى هزّ وجدان الشعب المصرى فى الأيام الماضية وراح ضحيته شاب وأصيب فيه آخر- هو انعكاس دقيق لما آل إليه حال المجتمع المصرى من قسوة ولا مبالاة وفوضى وتخبط، الكل مسئول والكل مدان والكل مقصر والكل مخطئ!
فى فيلم «ضد الحكومة»، الذى يعد أحد روائع السينما المصرية عن قصة وجيه أبو ذكرى وسيناريو وحوار بشير الديك وإخراج عاطف الطيب، وقف بطل الفيلم العبقرى الراحل أحمد زكى فى مرافعته الشهيرة وعبارته الأشهر قائلا: «كلنا فاسدون لا أستثنى أحدًا».
هذا تمامًا ما ينطبق على هذا الحادث الأليم. الشابان اللذان خالفا القانون أخطأ، وكمسرى القطار الذى أساء التصرف أخطأ، ورئيس القطار الذى أخذته العزة بالإثم أخطأ وقبل كل هؤلاء ركاب القطار الذين انصرف بعضهم للتصوير والبعض الآخر بالمشاهدة والباقون باللا مبالاة، كل هؤلاء أخطأوا! حتى المسئولين عن هيئة السكة الحديد أخطأوا.. الكل شارك فى الجريمة والكل يتحمل وزر ما حدث.
هذا الحادث ليس الأول ولن يكون الأخير فى ضياع الشهامة والكرم والجود، وكلها معانٍ أصبحت نادرة، وأصبح من المعتاد مشاهدة مصائب وكوارث ينصرف مشاهدوها إلى الفرجة والتصوير بدلا من المبادرة والإنقاذ والإيجابية والإنسانية!
الغريب فى كل هذا أننا مجتمع يقوم فى الأساس عبر تاريخه القديم والحديث على التدين وما يصاحبه من مظاهر الكثير منها فيه المغالاة، وبعضها فيه التعصب، وقليلها فيه التسامح والصدق. فكيف تحول تديننا وتحولت أخلاقنا لمجرد شعارات نرددها، هناك خلل كبير قد حدث وضرب قيمنا وأخلاقنا فى مقتل!
لقد تحمل هذا البلد الحروب والأزمات والصعاب والحصار، واستمر وأكمل مسيرته جيلا بعد جيل، وحافظ على هويته ووجوده وبقائه، لأنه حافظ على الأهم وهو القيم والأخلاق والتقاليد، فإذا ما ضاع كل هذا ما الذى يمكن أن يتبقى منا؟
نحن يا سادة مهددون فى وجودنا وكياننا فإذا ما استمر حالنا هكذا سنتحول إلى مسخ مشوه فلا نجحنا فى التمسك بهويتنا وتاريخنا، ولا لحقنا بركب الحضارة الحديثة بمظاهرها وجوهرها أو حتى سلبياتها!
ربما يدين القانون كمسارى القطار ورئيسه، وربما تتحمل قيادات الهيئة المسئولية، وتتحمل الدولة تبعاتها، لكن الحقيقة أن المشكلة أكبر وأعمق وأعقد، وتحتاج إلى خطوات جادة وعاجلة وقوية قبل أن ينهار هذا المجتمع ويصبح هذا المشهد المأساوى قدرا محتوما نعتاد على مشاهدته ولا نملك إلا إدارة رؤوسنا فى الاتجاه الآخر، فكل ما يشهده مجتمعنا اليوم من سلبيات مستقرة بدأت بحالة فردية صمتنا وتخاذلنا ولم ندق ناقوس الخطر ونقف صفا واحدا فى الوقت المناسب.

أميرة خواسك