متابعاتهام
بعد تأجيل نقلها لمتحف الحضارة.. كبسولات تحمى المومياوات
By mkamalفبراير 08, 2021, 11:01 ص
1360
محمود درغام
ألقت الموجة الثانية لفيروس «كورونا» المستجد بظلالها على جميع الفعاليات والمجالات فى مصر والعالم أيضًا، حيث تأجل العديد منها لأجل غير مسمى، ومن ضمن الفعاليات التى من المقرر إقامتها خلال الفترة المقبلة هو موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط والذى لم يتم تحديد موعد له حتى اللحظة.
وتأجل الموكب عدة مرات خلال عام 2020 كان آخرها يوم الجمعة الرابع من ديسمبر الماضى، ما أثار العديد من التساؤلات منها هل تنجح الكبسولات فى حماية المومياوات لفترة طويلة إلى أن يصدر قرار نقلها؟ وهل ستكون هناك آثار جانبية على المومياوات أم لا؟
كل هذه الأسئلة وغيرها حملناها إلى د.مصطفى إسماعيل، رئيس فريق ترميم وصيانة المومياوات بالمتحف القومى للحضارة المصرية، والذى استمع إلينا فى هدوء ثم رد قائلاً، إن كبسولات النيتروجين الموضوع داخلها المومياوات الملكية حاليًا كفيلة بأن تحميها وتحفظها ليس لأيام أو شهور بل لخمس سنوات مقبلة، لأنها توفر البيئة الخاملة الملائمة والمثالية للحفظ، وهى تشبه كثيرًا فى وظيفتها الفترينات التى كانت المومياوات معروضة داخلها بالمتحف المصرى مع اختلاف التقنيات المستخدمة، فالفترينات كانت تعمل بنظام أسلوب الضخ المستمر عبر المواسير، أما النظام المعمول به فى الكبسولات فهو الحفظ بالنيتروجين بالنظام المغلق وهو يعطى كفاءة مرتفعةجدًا فى نقاء النيتروجين، والتحكم الجيد فى درجات الحرارة، والرطوبة، وعملية العزل الداخلي، مؤكدًا أنه عند البدء فى عملية تصميم الكبسولات لحفظ المومياوات داخلها لم يكن الهدف هو إبقائها لخمس سنوات، بل إن العمل على شيء مهم مثل المومياوت يجعل الهدف هو الانتقال من معدل أمان 100% إلى ما لا يقل عن 500٪.
وأضاف أن الموجه الثانية من وباء كورونا ليست هى السبب الوحيد لتأجيل موكب المومياوات الملكية، بل هناك أسباب أخرى منها تهيئة الظروف البيئية حتى يتم النقل فى ظل ظروف مثالية، لأن عملية النقل ستتم بأعلى تكنولوجيا موجودة فى العالم وهى ابتكار مصرى 100%، حيث ستنقل المومياوات داخل وحدات ممتلئة بالنيتروجين إلى جانب دعامات لمنع المومياء من التحرك، بالإضافة إلى أن الهيكل الخارجى للكبسولة مصنوع من مواد مضادة للصدمات ويعمل على العزل التام لدرجة الحرارة والرطوبة والبيئة الداخلية للكبسولة عن الخارجية، أما تجهيزات مخزن المومياوات وقاعة العرض بمتحف الحضارة فمصممة بتقنيات عالية مماثلة للموجودة فى متحف المتروبوليتان بنيويورك والمتحف البريطانى بلندن، حيث قامت شركة ألمانية بتصميم الفتارين ووحدة التخزين التى تعتمد على الضخ المستمر للنيتروجين النقي، إلى جانب القدرة على التحكم فى كل فاترينة على حدا وتحديد نسبة نقاء النيتروجين والكمية والكفاءة.
علوم القدماء
وأوضح د. مصطفى أنه عند وضع خطة التعامل مع المومياوات كان لابد من الأخذ فى الاعتبار حالة كل مومياء وطبيعتها ووضعها، فهى تتكون من عظام وعضلات ولحم وطبقة الراتنجات «الطبقة العازلة» وطبقة الكتان، وهى مواد قابلة للتأثر بالحرارة والرطوبة، كما أن العمل فى مجال المومياوات أثبت مدى تقدم المصريين القدماء فى مجال الطب، فعلى سبيل المثال وجد أن إحدى المومياوات رأسها انفصل عن جسمها أثناء التحنيط، وحسب المعتقد المصرى القديم لا تستطيع تلك المومياء الحياة بسلام فى العالم الآخر فصمم المحنط دعامة داخلية حتى يربط الرقبة بالرأس، مضيفًا: أنه اكتشف مشكلة هشاشة العظام فصمم هيكلاً داخليًا من الخشب مما يدل على أن المصريين القدماء عرفوا علم التشريح بشكل كامل وكيفية استخدام الشرائح والمسامير إلى جانب تصميم الأجهزة التعويضية، فمثلاً هناك مومياء مبتورة القدم ومركب لها قدم تعويضية سيتم عرضها ضمن مقتنيات المتحف القومى للحضارة المصرية، كماعرف الاجداد استخدام مواد التحنيط طبقا لطبيعة البيئة المتواجدة بها المومياء المدفونة فى أسوان وضع لها المحنط طبقة «راتينج» تتناسب مع البيئة الجافة مختلفة عن مثيلتها فالمدفونة فى الإسكندرية والتى استخدم لها راتنج يتناسب مع البيئة الساحلية.
وأشار إلى أنه أثناء صيانة المومياوات وترميمها كانت طريقة التعامل تختلف من واحدة إلىأخرى بسبب اختلاف الشكل ومظاهر التلف التى تعانى منها وأسلوب التحنيط الخاص بها، ومن مظاهر التلف فى تلك المومياوات أنه عند اكتشافها فى نهاية القرن التاسع عشر تم فك اللفائف الكتانية من عليها بالقوة فانتزع جزءًا من المومياء، وهناك مومياوات أخرى تم إحداث قطع فى الجلد أو الضلوع وذلك لاكتشاف ما بداخلها، مضيفًا أنه قام مع الفريق المسئول بعمل معاينة وتحاليل وفحوصات للتعرف على المشاكل فى كل مومياء وعلى هذا الأساس تم وضع برنامج الصيانة والترميم وأخيرًا تم وضعها داخل كبسولات النيتروجين، وعند وصول المومياوات إلى المتحف القومى للحضارة فسيتم تدعيم جسم المومياء داخل الفترينة وضبط أجهزة الرصد مثل قياس الرطوبة ودرجات الحرارة والإضاءة كل ثانية، مؤكدًا أن تلك العملية ستستغرق قرابة من 10 إلى 15 يومًا بعدها تعرض المومياوات للجماهير.
سيناريو العرض
وعن قاعة المومياوات الملكية قال د. مصطفى إسماعيل، إن مقابر ملوك الفراعنة كانت تضم المومياء إلى جانب الأثاث الجنائزي، وقد وضعت لجنة السيناريو الخاص بالمتحف القومى للحضارة المصرية سيناريو العرض الخاص بالقاعة بحيث تعرض المومياء إلى جانب الأثاث الخاص بها مثل الإكسسوارات والأدوات الخاصة بالحياة اليومية، الأمر الذى لم يحدث فى أى متحف من قبل، إلى جانب أن قاعة المومياوات ستكون سوداء ومظلمةالأمر الذى له شق دينى فى الحضارة المصرية، فالزائر سيشعر بانه فى العالم الآخر يشاهد المومياوات وأثاثها الجنائزي، بالإضافةإلى استخدام التقنيات الحديثة فى العرض فعلى سبيل المثال تم اختيار عدد من المومياوات التى تم عمل أشعة مقطعية «سيتى سكان» فاكتشف داخلها حلى واكسسوارات وتمائم سيتم عرضها على شاشات صغيرة للزوار.