فى ظل حملات المقاطعة لبعض المنتجات، كان لا بد من وجود بديل محلي أو منتج وطنى يغطى الاستهلاك المحلى، ويعتمد وجود منتج محلى على توطين الصناعات، لذلك أصبح تعميق التصنيع المحلى أمرًا حتميًا، خاصة فى ضوء ما يشهده العالم من تداعيات للأزمات العالمية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد المصري مثل جائحة كورونا والصراع الروسي-الأوكراني، فضلًا عما تفرضه متطلبات خطط الإصلاح الاقتصادي مما يلزم اتخاذ إجراءات تستهدف دورًا أكبر للدولة في مواجهة التداعيات الداخلية والخارجية.
محمد العوضى
على صعيد جهود توطين وتعميق التصنيع المحلي، قامت وزارة التجارة والصناعة ممثلة فى مركز تحديث الصناعة، بإعداد قائمة بعدد (152) فرصة استثمارية لمنتجات صناعية يمكن البدء فى تصنيعها محليًّا بدلًا من استيرادها من الخارج، وتمثل تلك المنتجات فرصة جيدة أمام الشركات الراغبة فى تعميق التصنيع المحلى وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة، بما يعزز القدرات الإنتاجية للمنشآت الصناعية وتحسين مواردها.
وتم تحديد الفرص الاستثمارية بالقطاع الصناعي، بشكل تفصيلى داخل كل قطاع فيما يلي: الصناعات الخشبية والأثاث، والصناعات الطبية والدوائية، والصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، والصناعات النسيجية، وصناعات الطباعة والتغليف، والصناعات الكيماوية، وصناعات مواد البناء والصناعات المعدنية، والصناعات الهندسية، وتمنح الدولة لهذه المنتجات أولوية لها فى الحوافز الحكومية وفى تخصيص الأراضي.
استراتيجية تخفيض الواردات
كما أعلن مركز تحديث الصناعة، أن واردات 131 منتجًا تتضمنها القائمة تتعدى 14 مليار دولار سنويًا، وأن المركز يتيح القائمة على موقعه الرسمى أمام المستثمرين الراغبين فى الاستثمار بأحد المنتجات، ومن ثم بدء التفاعل مع تلك الفرص بالشكل الذى تراه كل شركة سواء من خلال التوسعات أو الشراكة وغيرهما.
وأضاف أن مصر تمر بمرحلة مهمة للغاية وهى مرحلة «اقتناص الفرص» فى ظل ما تشهده من إصلاح اقتصادى شامل تلبيةً لمفهوم «الجمهورية الجديدة»، ولعل ملف الفرص الاستثمارية أحد أبرز ملفات هذا الإصلاح الاقتصادى لتحقيق رؤية مصر 2030.
وأشار إلى أن القطاع الصناعى يعد أحد أعمدة هذه الرؤية المستقبلية، ومن هنا أعد المركز ملفا بأبرز الفرص الاستثمارية المتاحة لما تمتلكه القطاعات الصناعية المصرية وقطاعاتها من فرص تستطيع أن تدعم التصنيع المحلى وتشجع الصناعة الوطنية مما يؤدى إلى زيادة القيمة المضافة للمنتجات وخفض العجز فى الميزان التجارى وخلق فرص عمل جديدة.
وترتكز استراتيجية توفير الفرص الصناعية على 3 محاور رئيسية منها منتجات تساهم فى زيادة القيمة المضافة فى الصناعة المحلية ومنتجات تامة الصنع ومدخلات إنتاج تدخل فى الصناعة، وهى منتجات تؤثر بشكل كبير على عجز الميزان التجارى، والمنتجات التى لديها فرص للنمو والتصدير، وتهدف استراتيجية توفير الفرص الاستثمارية وتوطين الصناعة، خفض فاتورة الاستيراد وزيادة الصادرات.
وأوضح مركز تحديث الصناعة، أن هناك 4804 بنود جمركية يمكن العمل على تصنيعها محليا، هذه البنود بلغت فاتورة استيرادها قرابة 60 مليار دولار فى عام 2019، أو ما يعادل 85% من إجمالى فاتورة الاستيراد، ومن بين تلك البنود نحو 855 بندا يكلف كل منها 10 ملايين دولار أو أكثر، وشكلت 74% من إجمالى الواردات فى عام 2019، ومن المقرر أن تسهل الحكومة تخصيص الأراضى لهذه الفرص الاستثمارية ومنح الرخص الصناعية لها بشكل سريع وبدء الإنتاج بصورة أسرع من خلال عدة حوافز نتطرق إليها لاحقًا.
توطين وتعميق الصناعة
بالتزامن من ذلك، تقوم الحكومة بعدة إجراءات تشمل الرؤى والاستراتيجيات القومية الهادفة إلى دعم القطاع الصناعي، والتدابير التى تم تبنيها مؤخرًا لتوفير الإطار التشريعى والتنظيمى والمؤسسى الملائم لدفع أداء قطاع الصناعة، علاوةً على الحوافز الاستثمارية المختلفة التى تم منحها للقطاعات الصناعية المختلفة، إضافةً إلى السياسات والإجراءات التى تم تبنيها لتوطين وتعميق الصناعة المحلية، ومن أبرزها:
1 – إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية (2022/ 2023- 2026/2027)، والتى ترتكز على جذب الاستثمارات لتعميق الصناعة، من خلال استهداف قطاعات صناعية ذات أولوية، تمتلك فيها مصر قاعدة تصنيعية وفرصًا ومزايا تنافسية على المستويين الإقليمى والعالمى.
2 – رفع كفاءة تشغيل المجمعات الصناعية القائمة وتوجيهها للصناعات المُستهدفة للإحلال محل الواردات.
3 – زيادة نصيب الصناعة إلى 20% من الناتج المحلى الإجمالى، مع الوصول إلى معدل نمو للصادرات الصناعية ما بين (18- 25%) سنويًّا.
4 – زيادة الوزن النسبى لقطاعات الصناعات التحويلية، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى ما يتراوح بين 30% إلى 35% من الناتج المحلى الإجمالى.
5 – متابعة تنفيذ الـ 100 إجراء الخاصة بتحفيز الاستثمار فى القطاع الصناعي، والتى تم تنفيذ 81 إجراءً منها، وفق جدول زمنى دقيق، أما الـ 19 إجراء المتبقية فهى قيد التنفيذ وفقًا لمدى زمنى محدد، وذلك لكونها مرتبطة بتشريعات خاصة بتنظيم الصناعة وتشجيعها بما يتماشى مع المستجدات المحلية والعالمية.
6 – إطلاق استراتيجية تنمية صناعة السيارات، لتحقيق الهدف الاستراتيجى للدولة المصرية بتعميق صناعة السيارات داخل مصر، وكذا كل الصناعات المغذية لها، حتى يتم الاعتماد على الإنتاج المحلى قدر الإمكان.
7 – توقيع اتفاقيات بقيمة 145 مليون دولار لتنفيذ استثمارات مع عدد (3) شركات سيارات، بحجم إنتاج مستهدف من 60 إلى 70 ألف سيارة سنويًّا، وذلك لتوطين صناعة السيارات محليًّا، وتقليل الفجوة الاستيرادية الكبيرة للسيارات، وتخصيص شريحة منها للتصدير.
8 – إقرار منظومة إجراءات جديدة لتيسير إصدار التراخيص للمنشآت الصناعية وفقًا لقانون 15 لسنة 2017.
9 – إصدار القانون رقم (153) لسنة 2022 للتجاوز عن نسبة 65٪ من غرامات وفوائد التأخير والضريبة الإضافية على متأخرات الضرائب والجمارك والضريبة العقارية، بشرط سداد أصل الضريبة قبل نهاية أغسطس 2022، وصدور قرار رئيس الوزراء رقم (3308) لسنة 2022 بشأن إجراءات التخصيص الفورى للأراضى الصناعية بأسعار ثابتة طبقًا لتكلفة المرافق.
10 – توحيد إجراءات تخصيص الأراضى الصناعية بصدور القرار رقم (2100) الصادر عن رئيس مجلس الوزراء بجمع جميع جهات الولاية فى لجنة واحدة، حتى لا يذهب المستثمر لأكثر من ولاية للحصول على الأراضى الصناعية. علاوة على تسعير الأراضى الصناعية فى الجمهورية وتحديد أسلوب التعامل عليها سواء عن طريق التملك أو بحق الانتفاع.
11 – فيما يتعلق بإجراءات منح التراخيص، والتى كانت تشكل أحد أهم التحديات التى تواجه المستثمرين، تم تيسير إجراءات الحصول على رخص التشغيل خلال 20 يوم عمل للرخص التى تحتاج إلى موافقات مسبقة (ويشكل عددها نحو 15% من إجمالى الأنشطة الصناعية)، و7 أيام عمل فقط للرخص التى يتم الحصول عليها بنظام الإخطار (وتشكل 85%) من إجمالى الأنشطة الصناعية.
12 – إنشاء وحدة برئاسة مجلس الوزراء لمتابعة التراخيص، ومتابعة المستثمرين المسجلين فى قاعدة بيانات وزارة التجارة والصناعة.
13 – إطلاق «منصة مصر الصناعية الرقمية» الموحدة للخدمات والتراخيص الصناعية، والتى شهدت رقمنة 381 خدمة حتى ديسمبر 2022، ليتم تقديمها إلكترونيًا.
14 – إنشاء 17 مجمعًا صناعيًّا بواقع 5046 مصنعًا فى (15) محافظة، كما تم تسهيل الإجراءات وترفيق هذه المناطق، وتقسيط تكلفة توصيل المرافق لكى يبدأ التشغيل فورًا، وقد تم تخصيص 13 مجمعًا صناعيًّا، وجارٍ تخصيص أربعة مجمعات صناعية.
15 – منح القطاع الصناعى العديد من الحوافز الضريبية والاستثمارية على عدد كبير من الأصعدة، وذلك بما يشمل إنشاء وحدة الرخصة الذهبية، التى يمنحها مجلس الوزراء للشركات خلال عشرين يومًا فقط، وهى رخصة جامعة لكل التصاريح المطلوبة لبدء النشاط وتأسيس الشركات.
16 – تعليق أداء الضريبة على القيمة المضافة على الآلات والمعدات الواردة من الخارج للمصانع والوحدات الإنتاجية لمدة سنة من تاريخ الإفراج عنها، وإسقاط الضريبة فور بدء الإنتاج، وكذلك عن السلع أو الخدمات التى تُصدِّرها مشروعات المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة للخارج، أو الواردة إليها.
17 – إلغاء شرط إلزام المنتج الصناعى بتقديم ضمانات «أصول المنشأة» أو «التأمين النقدي» أو خطاب الضمان البنكى للاستفادة بتعليق ضريبة القيمة المضافة المقررة بـ ٥٪ على الآلات والمعدات وخطوط الإنتاج الواردة من الخارج لاستخدامها فى الإنتاج الصناعى أو تأدية خدمة، والاكتفاء بتقديم تعهد من المُنتج الصناعى يقدمه بنفسه أو من يُمثله قانونًا.
18 – تعليق الضريبة العقارية اعتبارًا من الأول من يناير 2023، ولمدة 3 سنوات، لـ (19) قطاعًا صناعيًّا وفقًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (61) لسنة 2022، (أغسطس 2022)، بتكلفة إجمالية متوقعة بنحو (3.3) مليار جنيه، بما يسهم فى دعم جهود الدولة الهادفة لتوطين الصناعة.
19 – إضافة مزارع الدواجن لتلك القطاعات وتعليق الضريبة العقارية عليها، ليصبح عدد القطاعات الصناعية المستفيدة بتعليق الضريبة العقارية عليها حتى مايو 2023 نحو (20) قطاعا صناعيا، وتتحمل الخزانة (5) مليارات جنيه سنويًا قيمة الضريبة العقارية عن القطاعات الصناعية والإنتاجية.
20 – إصدار قرارين جمهوريين بإنشاء المجلس الأعلى للتصدير، والمجلس الأعلى للاستثمار، حيث تضمن الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للاستثمار، بعد إعادة تشكيله، إصدار عدد 22 قرارًا، تمثل أهمها فى: ترخيص مشروعات الصناعات القائمة على الغاز الطبيعى بنظام المناطق الحرة، وإتمام كافة الموافقات عند تأسيس الشركات فى مدى زمنى 10 أيام فقط.
21 – إطلاق منصة إلكترونية موحدة لتأسيس المشروعات، وتعديلات تشريعية للتغلب على قيود تملك الأراضى.
22 – تسهيل تملك الأجانب للعقارات، ونقل تبعية الأجهزة المُنظمة بقطاعات المرافق بما يضمن استقلاليتها.
خفض فئة «ضريبة الوارد» على أكثر من 150 صنفًا من مستلزمات ومدخلات الإنتاج.
23 – إطلاق البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلي، من قِبل مركز تحديث الصناعة؛ بهدف زيادة تنافسية المنتجات المحلية المصرية لتكون بديلًا لمثيلاتها المستوردة.
24 – تطوير قاعدة صناعية متنوعة من الموردين المحليين توفر مُنتجًا بسعر مُنافس وبجودة عالية، ويعمل البرنامج على محورين أساسيين، هما: التكامل الرأسي: بواسطة تكوين شراكات مستدامة بين المنشآت الصناعية والموردين المحليين، والتكامل الأفقي: بواسطة دعم العمل الجماعى بين الموردين المحليين لتلبية احتياجات المنشآت الصناعية.
25 – وشملت جهود الدولة لتوطين وتعميق الصناعة تأسيس المجلس التنفيذى لإحلال الواردات وتعميق المنتج المحلى برئاسة وزارة التجارة والصناعة، والذى يختص بتحديد ومتابعة الخطوات المقترحة لتنفيذ مشروعات الاستثمار الصناعى المستهدفة بمشاركة القطاع الخاص، مع توحيد الجهود والتنسيق بين الجهات ذات الصلة بملف إحلال الواردات وتعميق المنتج المحلى بشأن تحديد الأنشطة الصناعية المستهدفة لتحقيق الاستفادة المُثلى من إمكانات كل جهة، وضمان عدم تكرار الأنشطة الصناعية.
26 – كما أقرت الدولة للمستثمرين فى عدد من القطاعات الاستراتيجية عدة حوافز، منها الإعفاءات الضريبية واسترداد نسبة من قيمة الأراضى الصناعية فى حالة الانتهاء من تنفيذ المشروع فى غضون 18 شهرًا من بدء الإنشاء.
27 – التوسع فى إصدار الرخصة الذهبية.
28 – دعم وزارة التجارة والصناعة للمستثمرين لضمان سهولة ممارسة الأعمال فى السوق المصري.
29 – دعم الدولة للمستثمرين فى عمليات الإنشاء للمشروعات الصناعية.