رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الدولة القوية

675

 

فى عام 1968 ظهر لأول مرة مصطلح “الدولة الرخوة.. Soft State” استخدمه الاقتصادي السويدي جونار ميردل فى كتابه “الدراما الآسيوية – بحث فى فقر الأمم”؛ ليصف من خلاله عدم الانضباط المجتمعي فى جنوب آسيا وكثير من دول العالم النامي، مقارنةً بالدولة الحديثة التي ظهرت فى أوروبا (من وجهة نظره).

والدول الطامعة والاستعمارية (القديمة والحديثة) تفضل هذا النوع من الدول “الرخوة”، حيث يسهل السيطرة عليها، والاستعمار الحديث يلجأ إلى مؤسسات العولمة لغزو الدولة القوية، التى يخطط للسيطرة عليها، ويكون ذلك عبر إصابتها بفيروس الرخاوة، الذى يستهدف مراكز السلطة التقليدية فى الدولة المعنية بالغزو، وإضعاف نفوذها المحلي وإفشالها فى إيجاد بدائل قابلة للتطبيق، وفى ذات الوقت دعم مواقف العصيان (داخل الدولة) لأي سلطة مركزية تسعى لتطبيق السياسات الوطنية والقومية.

والدولة الرخوة، التى لا تملك سلطة السيطرة على مقدراتها هى دولة غير قادرة على فرض سياسات التنمية الصحيحة، وليست على استعداد للعمل ضد الفساد على جميع المستويات.

وشياطين الاستعمار الحديث لن تأتى للدولة المعنية بالغزو فى هيئة الشر المعهودة، ولكنها تأتى فاتحة ذراعيها تدعى الدعم وتنصح وتقدم برامج الإصلاح، السياسى، الاقتصادى والاجتماعى، توظف شعارات “النصب الحديثة” مثل: حقوق الإنسان، الديموقراطية، المجتمع المدنى، العمل الأهلى، وهى شعارات جربناها منه، وتأكدنا أن ظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب.

وقبل 25 يناير 2011 انتشرت هذه الشعارات بين النخب المصرية الجاهلة (جهالة الكفار فى عصر النبوة)، وضمن الشعارات التى راجت: “قبول الآخر”، وتلقف الإعلاميون المزايدون على لجنة السياسات، المبشرون بالتوريث المصطلح الذى تم تمريره من الخارج، وراحوا ينظّرون له، يدعون فى ثنايا كلامهم وبين سطور كتاباتهم إلى قبول عنصر بعينه، يقصدون الترويج لـ “التطبيع الشعبى”، بعبارة أخرى السماح للإسرائيلى بالتسرب إلى مجتمعنا.. وقد يبدو المثل الأخير بعيدا عن موضوع “الدولة الرخوة” لكننى أراه – ضمن أمثلة أخرى – فى صميم الموضوع، فما محاولات “الأعداء” لتحويل مصر إلى دولة رخوة، ضعيفة إلا لخلق ثغرات تمهد للآخر بالتسرب إلى دول ومجتمعات المنطقة العربية، ومن ثم السيطرة والهيمنة، وأخطر أساليب إسقاط سلطة الدولة تلخصها نظرية “إسقاط النظام الأبوى”، التى تدعو إلى إسقاط كل سلطة مادية أو معنوية حاكمة من سلطة مؤسسات الدولة إلى سلطة الدين، وللأسف تعود الآن لمجتمعنا العربى الأصوات التى تجهر بهذه النظرية والدول والأشخاص التى تشجع عليها، وتوجه للدول والأشخاص جزءا من فائض ثرواتها “الفاحشة”؛ لتمويل مؤسسات تتبنى على سبيل المثال “إعادة تكوين” الفكر.. لصالح فكر الآخر” وهذا موضوع آخر.