رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

رغم ازدواجية المعايير ووضعها فوق القانون إسرائيل تخطط لتفجير الأمم المتحدة

544

هبة مظهر

رغم عدم امتثال إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة وضربها عرض الحائط بكل القرارات الأممية والتحذيرات الدولية وتجاهلها لكل قرارات مجلس الأمن ضدها معتمدة على استخدام واشنطن حق النقض «فيتو» لوقف القرارات المنتقدة لها ولعدوانها على الفلسطينيين والدول المجاورة، إلا أن دولة الاحتلال صعدت من لهجتها العدائية ضد منظمات الأمم المتحدة ليتصاعد التوتر المستمر منذ عقود بينها وبين الهيئة الدولية.

 آخر مظاهر العداء الإسرائيلى للأمم المتحدة كان استهداف قواتها لحفظ السلام فى لبنان (اليونيفيل)، وسبق ذلك هجوم غير مسبوق من مسئولين إسرائيليين على الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو جوتيريش، حيث وصفت تل أبيب مؤخرا جوتيريش، بالـ «شخص غير المرغوب فيه الكاره لإسرائيل، الذى يقدم الدعم للإرهابيين والمغتصبين والقتلة».

وكانت الدعوات الإسرائيلية  إلى استقالة جوتيريش بدأت بعد أسابيع قليلة من السابع من أكتوبر، عندما أكد أن «الشعب الفلسطينى خضع على مدى 56 عاما للاحتلال الخانق»، مشدّدا على أهمية الإقرار بأن «هجمات حماس لم تأت من فراغ».

وفى أبريل الماضى، منعت الحكومة الإسرائيلية، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان فى «الأراضى الفلسطينية المحتلة» فرانشيسكا ألبانيز من الحصول على تأشيرة دخول.

وتصاعد التوتر بين الطرفين، لا سيما بعد مصادقة الكنيست الإسرائيلى على تصنيف منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) «منظمة إرهابية»، ما أثار إدانات أممية ودولية واسعة.

ومن جانبها، أصدرت الأمم المتحدة خلال العام الماضى اتهامات متكررة لإسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» فى الحرب التى تخوضها ضد حركة حماس فى قطاع غزة.

وقبل ثلاثة أشهر من اندلاع أحداث السابع من أكتوبر 2023، أصدرت لجنة التحقيق المستقلة فى النزاع الإسرائيلى الفلسطينى التابعة للأمم المتحدة تقريرا اتهم إسرائيل بـ»انتهاك حقوق الإنسان فى الضفة الغربية وقطاع غزة»، وأدان جوتيريش خطط إسرائيل «لبناء أكثر من

 5500 وحدة سكنية فى المستوطنات الإسرائيلية» بالضفة الغربية المحتلة.

واتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إسرائيل بتنفيذ «سياسة ممنهجة لتدمير نظام الرعاية الصحية فى غزة» خلال حربها المستمرة مع حماس.

وقالت اللجنة: إن الهجمات الإسرائيلية على المرافق الصحية فى غزة ومعاملة إسرائيل للمعتقلين الفلسطينيين تشكل جرائم حرب، فضلا عن كونها جريمة ضد الإنسانية تتمثل فى الإبادة.

وتعود جذور العلاقات المتوترة بين الأمم المتحدة وإسرائيل لعقود، حيث بدأ التوتر بين الطرفين عندما اعتمد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379، فى 10 نوفمبر 1975 بتصويت 72 دولة بنعم مقابل 35 بلا وامتناع

 32 عضوا عن التصويت، حول قرار يحدد «الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصرى».

القرار الذى أثار غضب إسرائيل، ظل رمزا للعلاقات المتوترة بين الجانبين حتى تم إلغاؤه فى ديسمبر 1991، إذ جعلت إسرائيل من إلغاء القرار شرطا لمشاركتها فى مؤتمر مدريد 1991 الذى جاء لإحياء عمليات السلام الفلسطينية الإسرائيلية.

عقب ذلك، جاء قرار مجلس الأمن رقم 446، الذى اعتمد فى 22 مارس 1979، الذى نصّ على أن «سياسة إسرائيل وممارساتها فى إقامة المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية والأراضى العربية الأخرى المحتلة منذ عام 1967 ليس لها شرعية قانونية وتشكل عقبة أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم فى الشرق الأوسط».

وفى عام 1996، شنّت إسرائيل هجوما على مقر الأمم المتحدة فى قانا، جنوب لبنان، الذى عُرف بـ»مجزرة قانا الأولى»، وراح ضحيته أكثر من 110 مدنيين كانوا يحتمون فى المقر.

وبعد الحرب على غزة التى استمرت من 27 ديسمبر 2008 حتى 18 يناير 2009، أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقرير جولدستون، لنتائج التحقيق فى الحرب، الذى حاولت إسرائيل منع تمريره، بعد إشارته إلى أن الجيش الإسرائيلى «ارتكب ما يمكن اعتباره جرائم حرب، وفى بعض الأحيان، ما قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية»، حسبما جاء فى تقرير اللجنة. واعتبرت إسرائيل القرار حينها «منحازا»، وأدى إلى تصاعد التوتر مع الأمم المتحدة.

وفى 27 ديسمبر 2016، تبنّت الأمم المتحدة قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذى أدان الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية، وهو ما كان نقطة توتر كبيرة بين إسرائيل والأمم المتحدة، إذ رأت إسرائيل أن «الأمم المتحدة تستهدف سياساتها الاستيطانية بشكل غير عادل».

وحتى قبل هجوم حماس، لطالما أدعت إسرائيل تحيز الأمم المتحدة ضدها، مشيرة على سبيل المثال إلى العدد الهائل من القرارات التى تستهدفها.

وذكرت منظمة «رقابة الأمم المتحدة» غير الحكومية ومقرها جنيف، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت بين عامى 2015 و2022 حوالى 140 قرارا تنتقد إسرائيل فى قضايا تتعلق، على سبيل المثال، ببناء المستوطنات أو ضم مرتفعات الجولان. وفى الفترة نفسها، لم يصدر سوى 68 قرارا آخر بشأن كل مناطق العالم الأخرى.

ومنذ إنشاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى عام 2006، استهدف أكثر من ثلث قرارات الإدانة التى تجاوزت 300 قرار، الدولة العبرية.

ويقول ريكاردو بوكو أستاذ علم الاجتماع السياسى فى معهد جنيف للدراسات العليا، إنه من خلال السماح لإسرائيل بالمضى فى «عدم الامتثال للقانون الدولى، فإن الغرب يجعل الإسرائيليين يعتقدون أنهم فوق القانون الدولى».

وترى رافينا شمداسانى المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن انعدام المساءلة فى أزمة الشرق الأوسط يبدو أنه جعل «أطراف الصراع أكثر وقاحة».

ويحذر خبراء آخرون من أن تجاهل إسرائيل للأمم المتحدة يهدد الاحترام الأوسع للمنظمة. وحذر بيدرو أروجو أغودو، الخبير الأممى فى مجال الحق فى مياه الشرب، من العواقب المترتبة على «اتخاذ هيئات الأمم المتحدة قرارات من غير أن يتم احترام أى شىء» وأضاف «نحن نفجر الأمم المتحدة إذا لم نتصرف».