صالون الرأي
أفاعي وتماسيح
By amrديسمبر 11, 2024, 19:04 م
221
بين أفاعٍ خرجت من بين الشقوق ومن جحورها وأفاعٍ نفضت عنها ترابًا اختفت تحته لبعض الوقت، ثم عادت تلدغ وتنفث سمومها الزَّعاف فى الجسد السورى المعتل، وبين تماسيح قوت فكيها وسنَّت نابيها وراحت تذرف الدموع كذبًا وتضليلاً وبهتانًا على حالة الاعتلال التى وصل إليها الجسد السورى قبل سنوات وحالة التمزق التى بدأت من أيام فيه منذ أيام.. بين هذه وتلك يعيش الشعب العربى السورى حالة من الرعب والشتات مطحونًا بين أسنان تروس تشابكت كلها بفعل فاعل وتدبير شيطانى وراحت تدور من جديد.
هذه أفاعٍ تجددت صورها فى المشهد السورى وفوق التراب الوطنى السورى وخلف كل أفعى، أفعى أخرى أكبر كانت تربيها وتغذيّها وتسمنها وتدفعها إلى حيث تريد، تلك الأفاعى هى الجماعات والفصائل الإرهابية المسلحة التى باتت تنتشر الآن وبشكل خطير ومريب فى الشمال الغربى السورى وتسيطر على أجزاء كبيرة منه بعدما دخلت فى صراعات وصدامات مع قوات الجيش السورى.
وربما ينسحب الكلام بشكل أكبر على تلك التى تحركت تحت اسم “هيئة تحرير الشام” والتى هى فى الحقيقة “جبهة النصرة” التطور والامتداد لتنظيم القاعدة، فكما هو معلوم فى عام 2016، أعلنت “جبهة النصرة” أنها قطعت علاقاتها مع تنظيم القاعدة وأعادت تسمية نفسها باسم «جبهة فتح الشام»، ثم انخرطت فى أعمال قتل انتقامية ضد معارضيها فى إدلب ما أدى لإعادة تسميتها باسم آخر وهو “هيئة تحرير الشام”، ورغم أنها تدّعى الاستقلال عن “القاعدة” وغيرها من التنظيمات الإرهابية، إلا أن أيديولوجيتها لا تزال مرتبطة بالقاعدة.
وبرغم جرائم تلك الهيئة فى سوريا فقد جرى التعتيم إعلاميًا على كل ذلك، والتخفيف من سجلها الإرهابي، وظهر فى الصورة قائدها محمد الجولانى تلميذ “زرقانى القاعدة” فى العراق، وهو الآن يظهر من جديد فى لباسٍ غير اللباس العسكرى ويروج له بأكاذيب كبيرة فى آلة الإعلام الغربى لأهداف تفوح منها رائحة الخبث والخيانة للوطن السورى والتراب السورى والشعب السوري، وغير تلك “الهيئة” وقواتها هناك عناصر وقوات أخرى تعبث فى الشمال السورى وكلهم لهم أهداف وأجندات خاصة ولا تبتعد “قسد” عن ذلك والقوات التركية والقوات المدعومة من أمريكا ليكتمل مشهد رقص الأفاعى حول الجسد السورى المعتل.
وبالقرب من مشهد الرقص هذا، تبقى الدموع التى تذرفها تلك التماسيح مسنونة الأنياب، مكشوفة ومفضوحة، لكننا ما زلنا لا نملك من أمور المقاومة ما يغنينا عن أكاذيب وأطماع جماعات “المقاولة” شيئًا، فهذا هو الرباعى الغربى المفضوح يبكى بكاء التماسيح فى بيان رباعى مشترك صدر عنه بعد تطور الأحداث فى سوريا الجريحة، تطلب فيه أمريكا الأفعى الكبرى والتمساح الأكبر وكل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا أن يتم الحفاظ على حياة المدنيين فى سوريا، والحفاظ على البنية التحتية الأساسية لمنع المزيد من النزوح وتعطيل المساعدات الإنسانية، بل تذرف دموعًا أكثر وتؤكد على الحاجة إلى حل سياسى وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، الذى يدعو إلى محادثات سلام بين الحكومة السورية وقوات المعارضة.
واتساقًا مع وصلة الزيف والكذب هذه تخرج تصريحات أمريكية تنفى أى علاقة لها بالتصعيد المفاجئ فى سوريا، وتصريحات بريطانية تحمّل السلطات السورية مسئولية موجة العنف الجديدة لأنها لم تنفذ إصلاحات سياسية.
هل رأيت مسخرة تشبه ذلك؟! فأمريكا وحلفاؤها عملوا بنشاط من أجل منع لملمة سوريا كدولة وعودتها لمحيطها الإقليمى، وتمزيقها جغرافيا وسياسيا، فهل نست أمريكا “قانون مكافحة التطبيع مع النظام السورى” المستند إلى عقوبات “قانون قيصر”.. ألا يستحى هذا الغرب ويوفر على نفسه وعلينا دموع التماسيح هذه؟!
قلوبنا مع سوريا الجريحة فهى تمر بأزمة طاحنة تحتاج من كل عربى مسلم بل من كل إنسان الدعم والمؤازرة حتى ولو بالدعاء، وقلوبنا مع أوطاننا التى يجب أن نفديها بأرواحنا ونحافظ عليها وعلى جيوشنا الوطنية مهما كلفنا الأمر فها هو فكما نرى حال الأوطان التى تنهار جيوشها وتبقى فى مهب الريح تذروها والأطماع هنا وهناك.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن