https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الإصلاح الإداري والحلقة المفقودة!

1207

منذ سنوات قليلة أقامت وزارة التربية والتعليم مدرسة جديدة بإحدى المناطق النائية بمحافظة الوادى الجديد، ولكن عندما بدأ العام الدراسى لم يحضر فيها سوى طالب واحد فقط!
فقد انتقل «التجمع البدوى» الذى أقيمت المدرسة من أجله إلى مكان آخر تتوافر فيه المراعى للإبل!
كما روى وزير سابق أنهم وجدوا قانونًا يمنع تصدير المش المصرى إلى الخارج، عندما كان عضوًا للجنة مراجعة التشريعات بعد أحداث يناير 2011!
فهذان المثالان السابقان يكشفان أن بعض الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية تعمل وكأنها فى جزر منعزلة، فما هو الموضوع.. وأين المشكلة؟
الموضوع.. أننا أنجزنا خطوات ملحوظة فى الإصلاح الاقتصادى، ومازلنا مستمرين فى ذلك لتحقيق ما نتمناه..
ولكى يشعر المواطنون بثمار ما يجرى من إنجازات، فلابد من إصلاح الجهاز الإدارى للدولة، والوحدات المحلية بالمحافظات وكذلك الهيئات العامة والشركات الحكومية، لأن الإصلاح الإدارى يهتم ومعنى فى الأساس بالبشر، سواء كانوا مقدمى الخدمات أو المستفيدين منها، فضلا عن أنهم هم «الجهاز التنفيذى» لكافة خطط التنمية المستهدفة.
وقد حضرت ثلاث ندوات متتالية الأسبوع الماضى، ناقشت وبحثت فى كيفية التخطيط للمستقبل.. والإصلاح الإدارى، وكانت إحداها فى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية حيث عرض د. طارق الحصرى نتيجة الدراسة التى أجراها المركز بعنوان «تحديات الجهاز الإدارى المصرى.. وجاءت نتائجها مفزعة»!
فقد أشار إلى تعدد الوزارات المصرية وتداخل اختصاصاتها، مع تضخم العمالة بالجهاز الإدارى (5.7 مليون موظف)، واستمرار هيئات عامة انتهى عملها أو تم نقل اختصاصها لجهات أخرى، وضرب أمثلة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى، والهيئة الزراعية المصرية، والمركز الإقليمى لتعليم الكبار.
وأشار أيضًا إلى انخفاض إنتاجية العمالة الحكومية، مع انتشار الفساد الإدارى، وتضخم التشريعات والتى بلغت أكثر من 53 ألف تشريع ما بين قوانين، ولوائح، وقرارات وزارية وبعضها صادر فى عام 1880.
هذا إلى جانب المركزية الشديدة فى الإدارة والتأخر فى تطبيق ما سمى باللامركزية، مع عدم الاهتمام بتنمية الموارد البشرية وتدريبها مع تحسين بيئة العمل.
وانتهى إلى ضرورة التحول من منطق التركيز على الإجراءات، إلى التركيز على النتائج.
ندوة أخرى نظمها الجهاز المركزى للمحاسبات ووزارة التخطيط ومنتدى البحوث الاقتصادية، لبحث كيفية التخطيط للمستقبل فى ضوء نتائج التعداد السكانى الأخير، عرض فيها د. راجى أسعد دراسة حديثة تكشف عن التحول السريع فى بعض المهن والوظائف، وهو ما يستدعى الاهتمام بالتدريب التحويلى لتوفير التخصصات المطلوبة.
ثم كانت الندوة الأخيرة والتى نظمتها وزارة التخطيط أيضا، بعنوان الإصلاح الإدارى.. الواقع والمستقبل، حيث اتضح لنا أن الصورة ليست قاتمة كم عرضتها الدراسات السابقة، وكما قال د. صفوت النحاس بحق: إن كل الموضوعات المعروضة درست من قبل، والحلول موجودة فى الأوراق، وتحتاج فقط، لاختصار دورة العمل وتحديد الاختصاصات، مع تفعيل نصوص قانون الخدمة المدنية الذى صدر مؤخرًا.
لقد جاءت الندوة الأخيرة.. وكأنها تجيب عن كل التساؤلات التى طرحت فى الندوتين السابقتين!
فقد حشدت وزيرة التخطيط جميع قيادات الوزارة ليشرح كل منهم ما تم وما يجرى فى مجالات الإصلاح التشريعى، والتطوير المؤسسى، والتدريب وبناء القدرات، وبناء وتكامل قواعد البيانات.. لتحقيق الغرض النهائى.. وهو تحسين الخدمات العامة من خلال الإصلاح المتدرج للجهاز الإدارى بالدولة.
ولم تكتف الوزيرة بالحشد الإدارى لمساعديها، وإنما دعت رؤساء وأعضاء الهيئات الإعلامية الثلاث ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية ورؤساء التحرير ونخبة من الكُتّاب الصحفيين على أساس أن الإعلام هو «همزة الوصل» بين عمليات الإصلاح التى تتم والرأى العام المصرى، ثم شرحت الوزيرة – والتى كانت فى أفضل حالتها المهنية والوظيفية – الخطوط العريضة للرؤية الحاكمة للإصلاح الإدارى فى مصر – وأجابت عن التساؤل الأساسى من أين نبدأ الإصلاح ومتى وأين ننتهى؟، مشيرة إلى أن الإصلاح الإدارى مسئولية مجتمعية وأنه ممتد لعشر سنوات مقبلة، وأنه بدأ بالتركيز على القيادات الوسطى والشبابية، وأن خطوات الإصلاح تبدأ بالإصلاح التشريعى، وتحديث بيانات المواطنين، وتقييم الموظفين الحاليين وإعادة تحديد اختصاصاتهم، مع الإسراع فيما يسمى بالتحول الرقمى، وتوفير أفضل تدريب متاح بالتعاون مع بعض الجامعات الأجنبية المتخصصة، مع استحداث إدارات جديدة مثل المنظومة الوطنية للمتابعة لمتابعة خطة التنمية.
وأشارت إلى بداية الإصلاح باختيار 50 ألفًا و500 موظف للانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة ليمثلوا الوزارات وبعض الجهات الحكومية، بعد أن تم اجتيازهم للاختبارات التى أجريت بكامل الموضوعية والشفافية.
ووعدت بتنفيذ المرحلة الثانية للإصلاح بالوحدات الإدارية بالمحافظات، بعد الانتقال إلى العاصمة الإدارية بفكر جديد.
lll
لقد كشفت الندوات التى عقدت على مدى الأسبوع الماضى أننا فى حاجة ملحة للإصلاح الإدارى السريع، بينما أوضحت وزيرة التخطيط ومساعدوها أن لدينا رؤية شاملة للإصلاح الإدارى، والاحتياجات المصرية لعشرات السنوات المقبلة، لتطوير الجهاز الإدارى للدولة، وربط وحداته المختلفة إلكترونيا، مع رفع كفاءة الأداء، وتحسين التعامل مع المواطنين مع تبسيط الإجراءات لسرعة إنهاء المعاملات المطلوبة.
إذن.. لدينا إرادة سياسية للإصلاح الشامل، والخبرات المصرية المطلوبة للتنفيذ متوافرة، ويبقى فقط «التنسيق» بين جميع الجهات المختصة بالموضوع.
lll
حفظ الله مصر.. وألهم أهلها الرشد والصواب

محمد نجم