تشكيل الحكومة الجديدة يأتى فى توقيت دقيق، حيث تواجه مصر تحديات على المستويين الاقتصادى والأمن القومي، والذى يفرض عليها أعباءً تحتاج لمواجهة حقيقية لتحقيق تطلعات الشعب فى التنمية والعيش فى حياة كريمة، لذلك حرص بيان التكليف على وضع محددات ومواصفات الوزير المختص لكل حقيبة بأن يكون على كفاءة وخبرة وقدرة متميزة، وأن يتبع سياسات واضحة تتوافق مع معطيات المرحلة فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجه الدولة المصرية.
تامر عبد الفتاح
ذكر بيان صادر عن رئاسة الجمهورية أن الرئيس السيسي كلف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل حكومة جديدة من ذوى الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة، تعمل على تحقيق عدد من الأهداف على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومى المصرى فى ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان المصرى على رأس قائمة الأولويات، خاصة فى مجالات الصحة والتعليم ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وكذلك على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بما يعزز ما تم إنجازه فى هذا الصدد، وتطوير ملفات الثقافة والوعى الوطني، والخطاب الدينى المعتدل على النحو الذى يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.
كما تضمنت تكليفات الرئيس السيسي بشأن تشكيل الحكومة الجديدة مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادى مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك فى إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادى للدولة فى جميع القطاعات.
وكلف الرئيس السيسي أيضًا الحكومة الحالية بالاستمرار فى تسيير الأعمال وأداء مهامها وأعمالها لحين تشكيل الحكومة الجديدة.
مخططات التنمية
وعلى مدار عشر سنوات شهدت الدولة العديد من رؤساء الوزارات من ذوى الكفاءات والخبرة بداية من تكليف الرئيس السيسي للمهندس إبراهيم محلب بتشكيل الحكومة، فى يونيو 2014 وحتى سبتمبر 2015، ثم تبعه تكليف المهندس الراحل شريف إسماعيل فى الفترة من 19 سبتمبر 2015 وحتى 5 يونيو 2018، وأطلقت الدولة فى عهدهما مشروعات ومخططات التنمية المستقبلية التى طالت مختلف المجالات وكافة أنحاء الجمهورية.
وفى شهر يونيو من العام 2018 تم تكليف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل الحكومة والتى بدأت أداء مهامها فى 7 يونيو 2018، بالتوازى مع الفترة الرئاسية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، وجاءت تلك الحكومة لتستكمل المشروعات القومية التى بدأت بمبادرات رئاسية فى العديد من المجالات، لكن حكومة مدبولى وقتها واجهت تحديات عالمية ألقت بظلالها على العالم أجمع وليس مصر وحدها، فجاءت جائحة كورونا لتبدأ الأزمة الاقتصادية العالمية فى الاحتدام، ثم أعقب ذلك الحرب الروسية الأوكرانية، ولم تنته بعد ليطل على العالم الحرب التى شنتها قوات الاحتلال الاسرائيلية على الفلسطينيين بقطاع غزة.
وفى ديسمبر عام 2019 أجرى تعديل وزارى شمل تغيير 10 وزراء، من بينهم وزراء السياحة، والتعليم، والصحة، مع التركيز على تحسين الأداء فى هذه القطاعات، وفى ديسمبر عام 2020 أجرى تعديل وزارى شمل تغيير، وزراء قطاع الأعمال، والطيران المدنى والإسكان، والتنمية المحلية، ثم تبعه تعديل آخر فى أغسطس 2022 شمل تغيير 13 وزيرا من بينهم التعليم، والنقل، والصناعة.
توطين الصناعة
ومنذ ذلك الوقت، تتولى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى مسئولية استكمال المشروعات القومية وتنمية الاستثمارات وتوطين الصناعة والكثير من الملفات المهمة كالتعليم والصحة، ومن منطلق الرؤية التنموية للدولة حتى 2030، والتى ركزت على محاور عدة منها تغيير وجه الحياة، وبناء بنية تحتية متطورة جاذبة للاستثمارات والاندماج فى الاقتصاد العالمى وتعزيز الأمن الغذائي، وتوفير الاحتياجات الأساسية وتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية، وبرنامج طموح لإصلاح الهيكل الاقتصادي، بجانب ضخ استثمارات بنسبة 22% من الناتج السنوى على مدار السنوات التسع الماضية، بقيمة تتجاوز 9 تريليونات جنيه، وتم توزيعها توزيعا عادلاً على المحافظات وأقاليم الجمهورية.
كما استمرت حكومة مدبولى فى تعزيز التنمية الشاملة واستكمال (شبكة الطرق، محاور النيل، السكك الحديدية، منظومة النقل الجماعي) بتكلفة بلغت 2 تريليون جنيه لتعزيز مشروعات الربط فى إطار المخطط القومى للتنمية 2052، وبناء شبكة متكاملة من الطرق الجديدة بلغت 7000 كم، ورفع كفاءة 10 آلاف كم من الطرق، وربط شبكة الطرق غرب وشرق النيل، وتطوير شامل لمنظومة السكك الحديدية بتكلفة 225 مليار جنيه.
بجانب قيام حكومة مدبولى باستكمال ما تم سابقا فى حكومتى محلب وإسماعيل من تطوير مشروعات التنمية العمرانية وبناء مدن جديدة وتطوير المناطق العشوائية غير الآمنة عبر تنفيذ مشروعات إسكان اجتماعى لفئات المجتمع المختلفة بلغت 1.5مليون وحدة سكنية فى إطار المبادرات الرئاسية «سكن لكل المصريين، وحياة كريمة، والإسكان الاجتماعي» وغيرها من المبادرات التى نفذتها الدولة لتوفير حياة أفضل للشعب.
مشروعات تنموية
كما قامت الحكومات المتعاقبة على مدار السنوات العشر الماضية بتدشين العديد من مشروعات التنمية الشاملة فى سيناء فى قطاع الكهرباء والطاقة، حيث تم تنفيذ استثمارات تجاوزت 1.8 تريليون جنيه لتأمين واستقرار التغذية الكهربائية، وينفذ حاليا 15 مشروع طاقة شمسية، و20 مشروع طاقة الرياح، هذا بجانب مشروع الهيدروجين الأخضر الذى وقعت مصر من أجله 23 مذكرة تفاهم معيارية مع الشركات العالمية بحجم استثمارات متوقع 144.2 مليار دولار وتحويل مصر لمركز إقليمى لتجارة وتداول البترول الغاز باستثمارات قاربت 1.2 تريليون جنيه بمشروعات تنوعت بين مشروعات التكرير والتصنيع والبتروكيماويات ومشروعات نقل البترول الخام والغاز، بجانب مشروعات للطاقات التخزينية.
وفى ضوء اهتمام الدولة بالقطاعات الرئيسية وهى الصناعة والزراعة والسياحة وتكنولوجيا الاتصالات قامت الحكومات خلال عملها وسط التحديات الإقليمية والدولية بدعم ملف الصناعة والعمل على توطين الصناعات من خلال إطلاق حوافز لنمو الصناعة وإعطاء الرخصة الذهبية للمستثمرين، بجانب دعم نمو الصادرات بتكلفة بلغت 128.2 مليار جنيه، وتعميق الصناعة الوطنية لتحقيق التكامل بين سلاسل التوريد المحلية والاندماج مع سلاسل التوريد العالمية، وتم اطلاق مبادرة «ابدأ» لدعم المشروعات الصناعية.
كما دشنت الحكومة على مدار عشر سنوات العديد من المشروعات القومية الكبرى فى مجال الزراعة، من خلال تدشين العديد من المشروعات القومية الكبرى فى مجال الزراعة، مثل استصلاح ما يقرب من 4 ملايين فدان، وتم زراعة 1.7مليون فدان، منها مشروع الريف المصرى الجديد، وتنمية سيناء شرق العوينات، وتنمية جنوب الوادي، والدلتا الجديدة، والمشروع القومى للصوامع، ومشروعات معالجة الصرف الزراعى، والاستصلاح الزراعى بوسط وشمال سيناء، بجانب مشروعات الاستزراع السمكى والحيواني.
واستكمالا للمسيرة الحكومية المتميزة على مدار السنوات السابقة تعهد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الحكومة المكلف بالاستمرار فى مسيرة الإنجازات عبر تنفيذ التوجيهات والتكليفات المحددة التى وجه بها رئيس الجمهورية فى عدة مجالات، مشيرا إلى أنه سيتم العمل على تنفيذها، فور الانتهاء من التشكيل الوزارى الجديد.
واعتبر سياسيون أن تكليف الرئيس السيسي للدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل حكومة جديدة يعكس حرص القيادة السياسية على تحقيق أهداف وطنية سامية وبناء الجمهورية الجديدة، فضلًا عن تعزيز مسيرة التنمية الشاملة فى مصر، مؤكدين أهمية الأهداف التى حددها الرئيس لتشكيل الحكومة الجديدة، وعلى رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومى فى ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان على رأس قائمة الأولويات.
وأوضحوا أن الأهداف التى حددها الرئيس تضمنت أيضًا مجالات الصحة والتعليم، ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بما يعزز ما تم إنجازه بهذا الصدد، بجانب تطوير ملفات الثقافة والوعى الوطني، والخطاب الدينى المعتدل لترسيخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.
الرؤية المصرية
على جانب آخر، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، السيناتور «ليندسى جراهام»، زعيم الأقلية الجمهورية باللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، وذلك بحضور سامح شكرى وزير الخارجية، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة.
وذكر المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية أن السيناتور جراهام أشاد خلال اللقاء بالدور المحورى والأساسى الذى تقوم به مصر لدعم الأمن والاستقرار فى المنطقة، فضلاً عن الشراكة الاستراتيجية التى تجمع مصر والولايات المتحدة، والتى أثبتت الأزمات المتتابعة إقليمياً وعالمياً أهمية مواصلة الجهود لتعزيزها، كونها من أهم ركائز الاستقرار الإقليمي، منوهاً بالجهود والوساطة المصرية لاحتواء الموقف فى قطاع غزة، ومثمناً الأعباء التى تتحملها مصر لإنفاذ المساعدات الإغاثية.
وأضاف المتحدث الرسمى أن السيناتور جراهام حرص على الاستماع لرؤية الرئيس السيسي حول سبل حل الأزمة فى قطاع غزة، حيث أكد الرئيس فى هذا الصدد أهمية تكاتف الجهود الدولية لوقف الحرب ومنع توسع تداعياتها إنسانياً وأمنياً، محذراً من خطورة استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية فى مدينة رفح الفلسطينية، وما يرتبط بها من تفاقم الكارثة الإنسانية التى يعانى منها أهالى القطاع، فضلاً عن انعكاساتها على الأمن الإقليمي، ومؤكداً ضرورة انخراط كافة الأطراف بجدية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وبما يسمح بالتقدم نحو تطبيق حل الدولتين، كونه المسار الأمثل لضمان العدل والأمن المستدام بالمنطقة.
وهنأ الرئيس عبدالفتاح السيسي، ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، بمناسبة تجديد الشعب الهندى الثقة فى قيادته لفترة ولاية جديدة، معربا عن تطلع مصر للعمل المشترك خلال الأعوام المقبلة لفتح آفاق جديدة لتعزيز العلاقات التاريخية التى تجمع البلدين والشعبين الصديقين، وتحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات المتاحة لعملهما المشترك.
وكتب الرئيس السيسي، تدوينة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، جاء فيها: «أتقدم بخالص التهنئة إلى السيد ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، بمناسبة تجديد الشعب الهندى الثقة فى قيادته لفترة ولاية جديدة. وأعرب عن تطلع مصر للعمل المشترك فى الأعوام المقبلة لفتح آفاق جديدة لتعزيز العلاقات التاريخية التى تجمع البلدين والشعبين الصديقين، وتحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات المتاحة لعملهما المشترك، متمنياً التوفيق والسداد لرئيس الوزراء الهندي، ولشعب الهند الصديق المزيد من التنمية والرخاء».