رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

مخطط «جيورا آيلاند»

503

يصفى القضية الفلسطينية ويهدد الأمن القومى المصرى

عمرو فاروق

لا تزال المعركة مشتعلة بين الجانب الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، والتي يستخدم فيها الكيان الصهيوني المحتل أبشع طرق الإبادة للشعب الفلسطيني من تجويع وتشريد وتدمير للبنية التحتية والحيوية، وعلى رأسها المؤسسات الطبية، وكان آخرها الهجوم على المستشفى المعمداني، الذي راح ضحيته أكثر من 500 شهيد.

اتفقت التصريحات الأخيرة لغالبية قادة الكيان الصهيوني فى القضاء على المقاومة الفلسطينية نهائيا من خلال اجتياح بري، وذلك وفق ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورغم استعدادات الجانب الإسرائيلي للاجتياح البري، باستدعاء ما يفوق على 300 ألف جندي احتياط، فإن غالبيتهم غير مؤهل عسكريًا، إذ أن «تل أبيب» لم تدخل معارك نظامية عسكرية منذ هزيمتها فى حرب أكتوبر 1973، واعتمادها بشكل كبير على الغطاء الجوي فى استهداف «قطاع غزة»، وفصائل المقاومة، التي حجمت المشروع الإسرائيلي الاستيطاني، وإن كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية رجحت أن قرار إعادة تدريب قوات الاحتياط هو من  وراء تأجيل  الاجتياح البري لـ»قطاع غزة».

 

تسعى «تل أبيب»، فى معركتها مع فصائل المقاومة الفلسطينية من النزوح تجاه أساليب «حروب المدن» أو «حروب العصابات»، لما تمثله من صعوبات كبيرة للقوات العسكرية النظامية، ومن ثم تعمل على استهداف القادة الميدانيين المسؤولين عن المنظومة الصاروخية لفصائل المقاومة، وتدمير مخازن التسليح والمصانع العاملة فى إنتاجها، تجنبًا للتحديات التكتيكية التي تنتظرها مثل الهجمات المضادة للدبابات، والصواريخ والطائرات بدون طيار، والتحصينات والأنفاق والنقاط القوية، والقناصة.

إن تخوفات القوات الإسرائيلية من عمليات «حروب العصابات»، دفعها إلى تدريب عدد من قواتها عسكريًا على محاكاة «حروب المدن» ضد القوات غير النظامية، تحت مسمى «المركبات النارية» فى قبرص عام 2021، اعتمادًا على قوات المظلات والمدرعات تحت تغطية القوات الجوية.

محاولات تفريغ شمال «قطاع غزة» من مواطنيه، والانتقال إلى جنوبه، ومن ثم إلى عمق سيناء، بقوة العتاد والسلاح على يد القوات الإسرائيلية، وبرعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من الدول الغربية، يستهدف ظاهرياً ترهيب الجانب الإيراني، باعتباره المخطط والداعم لعملية «طوفان الأقصى»، لكن فى طياتها تفرض حالة واقعية على عدد من الدول العربية، فى تحجيم علاقاتهم الاقتصادية والعسكرية والسياسية مع كل من الصين وروسيا، ووقف تعددية الأقطاب وإعادة هندسة منطقة الشرق الأوسط، وفقاً لما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤخراً، «سنغير الشرق الأوسط».

كما أنها تعمل على تمرير مخطط «جيورا آيلاند»، وتنفيذ مشروع «الوطن البديل»، المطروح منذ عام 2010، أو ما عرف حديثًا بـ «صفقة القرن»، بهدف تصفية «القضية الفلسطينية»، سياسيًا وجغرافيًا، والاعتداء على سيادة دول الجوار، لا سيما القاهرة التي أعلنت رفضها لتلك الممارسات التي تهدد الأمن القومي المصري.

 وترجع التدخلات المغرضة للإدارة الأمريكية فى القضية الفلسطينية، إلى الإطار الفكري اليميني، للفيلسوف والمفكر ليو شتراوس، أحد الذين أثروا فى عقليات وسياسات تيار «المحافظين الجدد»، والذي وصفته وسائل الإعلام بـ «الشيطان» الكامن فى مخرجات السياسة الأمريكية، لما لنظرياته من إضفاء الصبغة الدينية المتعصبة عليها، وتأكيده على مفردات «الحروب المقدسة»، والتماهي مع مفاهيم «الصهيونية المسيحية» القائمة على أن الإيمان بعودة المسيح مشروطة بقيام دولة إسرائيل، وأن قيامها لن يتحقق إلا بتجمع اليهود فى فلسطين.

ويتضمن مخطط جيورا آيلاند، الذي شغل منصب رئيس قسم التخطيط فى الجيش الإسرائيلي، ورئيس مجلس الأمن القومي، مجموعة من الخيارات السياسية، نشرت فى وثيقة بحثية صادرة عن مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية، التابع لجامعة بار إيلان الإسرائيلية، تحت عنوان «البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين»، فى يناير 2010.

ونصت وثيقة «البدائل الإقليمية»، على تزويد «الدولة الفلسطينية» بظهير شاسع من الأراضي المقتطعة من شمال سيناء، تصل إلى 720 كم، وتبدأ من الحدود المصرية مع غزة، وحتى حدود مدينة العريش، وهذه الأراضي عبارة عن مستطيل، ضلعه الأول 24 كم، ويمتد بطول ساحل البحر المتوسط من مدينة رفح غربًا، وحتى حدود مدينة العريش، أما الضلع الثاني فيصل طوله إلى 30 كم من غرب «كرم أبو سالم»، ويمتد جنوبًا بموازاة الحدود المصرية مع إسرائيل، على أن تحصل القاهرة على مساحة بديلة داخل صحراء النقب (منطقة وادي فيران)، الواقعة تحت سيطرة تل أبيب، وتؤدي هذه الزيادة إلى مضاعفة حجم قطاع غزة نحو 3 مرات، والبالغ حاليًا 365 كم.

كما دعت الوثيقة إلى ضم الأراضي الأردنية المجاورة لنهر الأردن إلى سيادة الدولة الفلسطينية الجديدة، مع تعويض الجانب الأردني عن تلك المنطقة، بضم أراض مجاورة خاضعة لسيادة المملكة العربية السعودية، مع ضم نحو

 13% من الضفة الغربية إلى الأراضي الإسرائيلية، مع السماح للقاهرة بشق نفق يربط بين مصر والأردن، ويبلغ طوله 10 كم، ويقطع الطريق من الشرق للغرب (على بعد 5 كم من إيلات)، ويخضع للسيادة المصرية الكاملة، وإتاحة تمكين الفلسطينيين من إنشاء ميناء دولي كبير (فى القطاع الغربي من غزة الكبرى)، ومطار دولي على بعد 25 كم من الحدود مع الكيان الصهيوني.

يشكل مخطط جيورا آيلاند، فى مضمونه تهديدًا صريحًا للأمن القومي المصري واعتداء على سيادة الدولة المصرية، ووفقًا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المستشار الألماني أولاف شولتس، فإن ما يحدث فى غزة الآن ليس فقط حرص إسرائيل على توجيه عمل عسكري ضد حماس، إنما محاولة لدفع سكان المدنيين إلى اللجوء والهجرة إلى مصر، محذرًا من نقل العمليات المسلحة من «قطاع غزة» إلى داخل سيناء، فى محاولة لجر القاهرة إلى حرب مع «تل أبيب».




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.