صالون الرأي
النار ستحرق من أشعلها
By amrسبتمبر 02, 2024, 13:44 م
250
سعيد صلاح
النار ستحرق من أشعلها – تلك قاعدة- .. وللأسف لا أحد يهتم أو يبالى.. ولا أحد يستمع لصوت العقل، ولا حتى يترك له منفذًا يتسرب منه حتى ولو على استحياء.. عنجهية وغطرسة وشوفونية ومصالح شخصية وأطماع شيطانية عمياء، تسيطرعلى الموقف، والضحية شعوب بريئة منكسرة، تطحن عظامها آله ضروس سنونها مخالب مغموسة فى صنوف من السم الزعاف.
نعم.. النار ستحرق من أشعلها، بل ستمتد ألسنة نيرانها ودوائر لهيبها إلى أقاصى الدنيا، ولن تتوقف فقط فى دائرة محلية أو حتى إقليمة، ربما تشتعل المنطقة ويشتعل العالم أكثر مما هو مشتعل، ولا نعلم من سينجو، ولكن ما نعلمه أن أول من سيحترق هو أول من أشعل، لذلك لن نيأس ولن نتوقف عن المطالبة بالاستماع إلى صوت العقل، وتغليب المصلحة العامة بل مصلحة الإنسانية كلها، على كل مصلحة قبل أن يفوت الآوان.. توقفوا عن تغليب المصالح الشخصية وتأجيج النيران وفتح جبهات جديدة للصراع يصعب بل وربما ويستحيل إخمادها وحماية من عليها فى المستقبل.. توقفوا واستمعوا إلى صوت العقل.. اسمعوا مصر.
نعم .. استمعوا إلى صوت مصر، فهو صوت الحكمة فى زمن عز فيه الرشد والحكمة، وانفلتت المعاير وتحطمت متاريس وبوابات التحكم الأخلاقية، وبات ما بعدها طوفان فساد وظلم وقتل وتجويع وتشريد، استمعوا إلى صوت يدعو إلى نزع فتائل الأزمة وإخماد فوهات براكينها قبل أن يفوت الأوان.. استمعوا إلى صوت مصر الذى بح من كثرة المناداة والدعوة للانخراط ناحية السلام والسير بإرادة قوية نحو مسار سياسي يضمن وقف ذلك التأجيج والجلوس على مائدة المفاوضات وإعطاء الشعوب أبسط حقوقها وهو اختيار مصيرها والزود عن نفسها من هذه النار المستعرة.
أمريكا تعلم جيدًا تلك القاعدة – النار تحرق من يشعلها– لذلك كانت الزيارة الثلاثية غير المعلنة لرئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكى، تشارلز براون، للمنطقة، الأسبوع الماضي، لمناقشة سُبل تجنب تصعيد جديد خوفًا من توسع رقعة الصراع، هذه الزيارة جاءت بعدما تعرضت القوات الأمريكية لهجمات، لذلك عزز الجيش الأمريكي قواته فى الشرق الأوسط للحماية من هجمات كبرى جديدة محتملة، فأرسل مجموعة حاملة الطائرات لينكولن إلى المنطقة لتحل محل “روزفلت”، كما أرسل سربًا من طائرات إف-22 رابتور ونشر غواصة صواريخ كروز، ولا شك أن هذا خوف من تحقق تلك القاعدة وترجم هذا الخوف وأكده ما قاله “براون”: لقد جلبنا قدرات إضافية لإرسال رسالة قوية لردع صراع أوسع نطاقًا، ولكن أيضًا لحماية قواتنا فى حال تعرضها للهجوم.
لا شك أن أمريكا سوف تحرقها أيضا تلك النار التى اشعلتها، ونتنياهو.. شيطان النار وأحد أكبر خدامها، والذي يعلم أن نجاته وحياته فى اشتعالها أكثر، ويفتح لها جبهات كل يوم ويوجه نحوها أنابيب الغاز والزيت لتزداد اشتعالا، سوف تحرقه أيضا هذه النار، ما دام لا أحد هناك يستمع اللي صوت العقل.
لا نجاة لنا من هذا المأزق الخطير، سوى بالسير فى مسار سياسي يدعم ويخدم فكرة إقرار السلام ووقف إطلاق النار على كل الجبهات.. كل الجبهات، والاستماع إلى الدعوات المتكررة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وآخرها ما قاله لوفد الكونجرس الأمريكى مشددًا على خطورة حالة التصعيد والتوتر التي تشهدها المنطقة، ومحذرًا من الخطورة البالغة للتصعيد الإسرائيلي الحالي فى الضفة الغربية، وما قاله ايضالـ “براون”حول ضرورة تضافر الجهود الدولية نحو إطلاق مسار سياسي شامل، يفضي لإقامة الدولة الفلسطينية كأساس للاستقرار الإقليمي المستدام، بل وما قاله للرئيس بايدن فى الاتصال التليفوني الأسبوع الماضي بأن التوصل لاتفاق فوري لوقف إطلاق النار، يكتسب أهمية فائقة فى هذا التوقيت الدقيق، سواء لضرورة وضع حد للمعاناة الإنسانية الكارثية بالقطاع، أو لإنهاء حالة التصعيد وتجنيب المنطقة ويلات توسّع نطاق الصراع، استمعوا لصوت مصر الرشيد، قبل أن يفوت الأوان .
حفظ الله الجيش .. حفظ الله الوطن