رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

معجزة محمد فوزي..العزف على الحناجر

1511

 

 

واجتهد كثيرون فى وصف هذا اللون وبرع بعضهم فى نسج حواديت من الخيال حوله، حيث كتب أحد المؤرخين الموسيقيين أن السبب هو أن فوزى كان قد سجل أغنية ولم يرض العازفون عن قيمة الأجر الذى تقاضوه فرفضوا تسجيل الثانية أى الأغنية التى ظهرت فى الفيلم.

والأعجب أن أستاذاً فى كلية التربية الموسيقية.. قال إن ظهور الأغنية بدون عازفين يرجع إلى أن الموسيقار محمد عبد الوهاب أمر أعضاء الفرقة الموسيقية بألا تذهب إلى فوزى و ألا تقوم بتسجيل أغنيته نكاية فى فوزي بسبب خلاف بينهما حدث فى تلك الفترة.

والحكاية أن أغنية «كلمنى.. طمنى.. وارحمنى يوم يا حبيبى»، بشكلها الذى ظهر فى الفيلم هي لون غنائى اسمه «أكابيلا» يستغني عن المصاحبة الموسيقية بالآلات، ويستعين بدلاً منها بالصوت البشري من كل الطبقات من السوبرانو إلى الباص، وهو لون يشكل تحدياً لألوان الغناء المألوف، ويحتاج إلى دراسة متعمقة لعلم الأصوات البشرية وعلم التأليف الموسيقي «هارموني» و«كونتر بوينت»، وذلك لفهم طبيعة ومساحة صوت المؤدي.

ظهرت أغاني «أكابيلا» فى القرن السادس عشر فى إيطاليا كشكل من أشكال الموسيقى الدينية تُكتب للأصوات البشرية وحدها بدون استخدام آلات وتغنيها المجموعة، أما أول من لحنها فكان الإيطالي بيير لويجي بالسترينا (1526 – 1594)، ثم ظهرت المدرسة الفلمنكية التي وضعت نصب أعينها تهذيب هذا اللون وتنقيته من الإغراق فى استعمال الخطوط الموسيقية الإضافية (الهارمونى) ، واهتمت بالصوت البشرى فقط، فجعلت منه أداة للتعبير الكامل، وأصبحت أكابيلا تعتمد على الهارمونى المدروس لا مجرد وجود أصوات متوافقة بالصدفة.

ومع الأسف.. فقد استكثر الأقرباء و الدارسون أن يكون لمحمد فوزى ريادة فنية جديدة تضاف إلى المجالات الكثيرة، التى حقق الريادة فيها ومنها تقديم أغنيات الأطفال والحج ورمضان فى السينما، وإنتاج أفلام ملونة بالكامل، و إنشاء أول مصنع للاسطوانات فى الشرق الأوسط، وقد كان فوزي أيضا هو أول من طبع القرآن الكريم على اسطوانات.

ولحن محمد فوزي أكابيلا «كلمنى.. طمني»  على إيقاع «الفالس»، وأدى كورال الرجال أصوات آلات التشيلو والكنتر باص ، فيما أدى كورال النساء أصوات آلات الكمان و جاء ذلك فى شكل حوار بين الفصلين، وعند إعادة مذهب «الأكابيلا»، قسم الملحن كورال النساء إلى صوتين الأول يؤدى اللحن الأساسى، بينما يؤدي الثانى اللحن المصاحب «الهارمونى»، أما صوت الرجال فكان يشارك فى أداء اللحن الأصلى أيضا.

رحم الله الفنان العبقري المجدد محمد فوزي رائد فن العزف على الحناجر..