صالون الرأي
الصانع لأول روبوت لم يخذله الغرب
By amrيناير 29, 2024, 15:21 م
444
حسين خيرى
خمسون اختراعا أهداها الجزرى للإنسانية، ساهمت فى نهضة الهندسة الحديثة، فهو أول من صنع الإنسان الآلى، اخترعه حين طلب منه حاكم ديار بكر صناعة آلة تغنيه عن الخدم كلما رغب فى الوضوء، وعكف المهندس بديع الزمان أبوالعز بن إسماعيل بن الرزاز الجزرى على اختراع روبوت على شكل صبى يمسك فى يده أبريقا وفى الأخرى منشفة وعلى رأس الصبي طائر، وفى وقت الصلاة يصفر الطائر، ويتقدم الروبوت الخادم نحو الحاكم ليصب له الماء بمقدار لكى يتوضأ، ثم يقدم له المنشفة، ويعود إلى مكانه.
وصنفه العالم “مارك إى ريتشمان” أنه أول من قدم للبشرية فكرة الإنسان الآلى، وذكره فى كتابه “تاريخ تطور الإنسان الآلى”، وأشار مارك إلى عبقرية الجزرى فى محاكاة الإنسان الآلى لأول مرة على شكل فرقة موسيقية تطفو على سطح الماء، ويعد المهندس العربى بديع الزمان الجزرى من أوائل صُناع آلات ذاتية الحركة، أى تعمل بدون قوة دفع بشرية، وأشهر اختراعاته مضخات الماء، والساعات المائية التى فاقت توقعات علماء أوروبا، بسبب قدرة العالم العربى الجزرى علي تضمين الساعات تنبيها ذاتيا، أو
ما يسمى حاليا ساعات الـ “ستوب ووتش”، وكانت أعظمها “ساعة الفيل” الأسطورية، ويحتوى متحف الأردن على تمثال يشابه تلك الساعة ومذيل أسفله شرح يوضح كيفية تشغيلها.
ولا يخجل علماء أوروبيون فى الاعتراف بفضل الجزرى فى إطلاق الثورة الصناعية الأوروبية، ويعتبرون مؤلف الجزرى “الجامع بين العلم والعمل نافع فى صناعة الحيل” أحد المراجع للهندسة الحديثة التى اعتمدت عليها حضارتهم الصناعية، واستخدم بديع الزمان الجزرى الماء كمحرك لتشغيل وتدوير آلاته قبل أن تعرف البشرية الوقود كمحرك، ولخص نظريته فى كتابه الحيل قائلا: إن الحركة الدائرية يمكنها توليد قوة دافعة إلى الأمام، وتلقفت أوروبا نظريته واخترعوا محركا يسير بالبخار، فكان عصر القطارات البخارية.
وكتاب الجزرى المعروف بـ “الحيل” أشاد به الكثير من علماء الغرب، وأهمهم لين وايت والمستشرق البريطانى دونالد هيل، والأخير يعتبر كتاب المهندس العربى العبقرى وثيقة لم تعرف الحضارة الإنسانية مثيلا لها حتى الآن، وأرجع هؤلاء الفضل إلى اكتشافات الجزرى واختراعه لعمود “الكامات” يدور بفعل ضغط مكابس المحرك، ينتج عنه قوة دافعة إلى الأمام، كما يحدث فى محرك السيارة، واستخدم الجزرى نفس الفكرة فى صناعة مضخات مياه دافعة وساحبة.
وللأسف خذل العرب والمسلمون أبو الروبوتات فى عصرهم الذهبى، ولم يخلدوا ذكراه، ولم يتندروا به فى قصصهم لأطفالهم، ولم يتناولوا اختراعات بديع الزمان الجزرى فى منتدياتهم العلمية أو حتى الأدبية، بينما تذخر المراجع العلمية فى مكتبات أوروبا وجامعاتها بالاحتفاء بابتكاراته التى سبقت عصره، وهذا يوضح أن الحضارة الإسلامية مازالت تخفى بين طياتها كثيرًا من الكنوز.