صالون الرأي
المواطن والحكومة..
By amrأكتوبر 27, 2019, 13:52 م
979
إذا سألنا أى مواطن ماذا يريد من الحكومة، ستختلف الإجابات لاختلاف الاحتياجات، قد تتفق الإجابات بشأن بعض القضايا العامة مثل حل المشكلة الاقتصادية والصعوبات التى يواجهها المواطن، ولكن ستختلف التفاصيل حسب موقع المواطن فى المجتمع سواء كان فقيرًا أو غنيًا، أو إلى أى شريحة اجتماعية ينتمى.. ملايين المطالب يريد المواطنون أن تحققها الحكومة، فما هى أبرز هذه المطالب، وما الذى تستطيع الحكومة تحقيقه كاملاً أو تحقيق جزء منه.
كثيرة هى المطالب وكلها مهمة وضرورية.. اقتصادية وسياسية وإدارية واجتماعية، وكلها تحتاج لجهود ضخمة لتحقيقها، وفى معظم الأحيان يصعب تلبية احتياجات كل المواطنين نظرًا لمحدودية الموارد، فيتم وضع أولويات حسب مصلحة المواطنين وحسب رؤية الحكومة وخطتها فى معالجة قضية ما، أو تفضيل مشروع على آخر، أو تقديم قانون على سواه، أو توقيت اتخاذ قرار اقتصادى ما.
وتتصدر قائمة المطالب الشعبية رفع الضغوط الاقتصادية عن المواطن، والتى يعانى منها أغلب المواطنين من أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، مع ضرورة تحقيق تحسن حقيقى فى مستوى معيشتهم، خاصة وأنهم تحملوا فاتورة الإصلاح الاقتصادى وما أصعبها.
المواطن لا يعنيه انخفاض عجز الموازنة أو تراجع عجز الميزان التجارى أو زيادة الاحتياطى النقدى، المواطن البسيط يعنيه فى المقام الأول إيقاف ارتفاع الأسعار، وبخاصة السلع الضرورية، يعنيه توافر فرص العمل لأولاده، وإذا كانت الحكومة قد أقامت مظلة حماية اجتماعية للطبقات الفقيرة عبر منظومة تكافل وكرامة والدعم التموينى، فإن الطبقة الوسطى لا تمتد إليها هذه المظلة، وتحملت أعباء الإصلاح الاقتصادى أكثر من غيرها.. فهى الطبقة التى تعلم أبناؤها تعليمًا جيدًا، وفى حال المرض تريد الحصول على خدمة صحية جيدة لا تجدها إلا فى مستشفيات القطاع الخاص، وهى الطبقة التى اكتوت بارتفاع فواتير الكهرباء والمياه والغاز وغلاء البنزين.. كل هذا وأكثر تحملته بصبر جميل أملاً فى مستقبل أفضل للوطن ولأولادهم.. هذه الطبقة العريضة تريد من الحكومة أن توجه رعايتها ودعمها نحوهم فهم يستحقون.
وفى مقدمة المطالب أيضًا محاربة الفساد.. وإذا كانت أجهزة الدولة وفى مقدمتها الرقابة الإدارية توجه ضربات مستمرة ضد الفساد والمفسدين، فإن الشعب بأكمله يريد استمرار هذه الحرب، فالفساد لا يقتصر على الرشوة فقط بل يمتد إلى الإهمال وإهدار المال العام، وما حدث من غرق للشوارع بمياه الأمطار الأسبوع الماضى هو صورة من صور الفساد الإدارى وإهمال مسئولين حكوميين كبار وصغار فى أداء وظيفتهم.
وأعتقد أن مواجهة البيروقراطية وإصلاح الجهاز الإدارى هما جزء من الحرب ضد الفساد، فالبيروقراطية يعانى منها كل مواطن حتى ولو كان لديه واسطة أو قادرًا على دفع ما يسهل الحصول على الخدمة أو إنجاز مصلحة فى هيئة حكومية، رغم الصورة المشرقة التى تصدرها الحكومة بوجود الرقمنة والحكومة الإليكترونية، وأعتقد أيضا أن أحد الأسلحة المهمة فى الحرب ضد الفساد وضع آليات واضحة ومحكمة لاختيار المسئولين الذين يتولون مناصب، بدءًا من الوزراء والمحافظين وكبار المسئولين.. فقد شهدنا فى السنوات الأخيرة القبض على وزير ومحافظ ونائب محافظ وكثير من رؤساء الأحياء.. لذا فإن آلية اختيار المسئولين تحتاج إلى مراجعة ووضع ضوابط أكثر حتى لا يتكرر ما حدث.
ومازال الموطن ينتظر الآثار الإيجابية للإصلاح الاقتصادى، ويطالب الحكومة ببذل مزيد من الجهد لتلبية احتياجاته، وتخفف عنه الأعباء التى فاقت قدرته على التحمل.
إن المصريين فى حاجة إلى حكومة على قدر المسئولية وعلى قدر التحديات وعلى قدر المعاناة التى يتحملها المواطن، ومطالب المواطنين رغم تعددها وتباينها إلا أنها مشروعة، وطال انتظار رؤيتها تتحقق أو يكتمل تحقيقها، ويأملون فى قدرة الحكومة على تحقيقها أو تحقيق الجزء الأكبر منها، وقد تكون الأعوام القليلة الماضية لا تمثل لحظة فى عمر الوطن إلا أنها تمثل الكثير من عمر المواطن.