رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

«الوثائق السرية».. هدية بايدن المجانية لخصومه!

745

أثارت الجدل حول فرص ترشحه فى الانتخابات القادمة

روضة فؤاد

حتى وقت قريب، كان الرئيس الأمريكى جو بايدن مستعدًا بشكل كبير – أكثر من أى وقت آخر- لإعلان ترشحه لولاية رئاسية ثانية، فشعبيته كانت ترتفع بشكل واضح نتيجة لعدة أسباب، منها انحسار معدلات التضخم، وانخفاض البطالة إلى مستويات تاريخية، والأداء الجيد وغير المتوقع للديمقراطيين فى الانتخابات النصفية للكونجرس، وفى نفس الوقت تزايد التحديات القانونية للرئيس السابق ترامب، وتخبط الجمهوريين فى مجلس النواب.

واليوم، يبدو أن فرص الرئيس الأمريكى فى الإعلان عن الترشح أو حتى استكمال ولايته تواجهها صعوبات قد تكون شديدة، حيث من المنتظر أن يخوض بايدن معركة طاحنة سياسية وقضائية بعد العثور على وثائق سرية بمنزل ومكتب خاصين بالرئيس الحالى للولايات المتحدة.

وعُثر فى منزل بايدن فى ويلمينجتون بولاية ديلاوير على وثائق تعود إلى الفترة التى كان يتولى فيها منصب نائب الرئيس فى عهد باراك أوباما (2009 ــ 2017)، وذلك بعدما عثر على وثائق مماثلة فى «خزانة» فى مركز للأبحاث مرتبط بجامعة بنسلفانيا، حيث كان لدى بايدن هناك مكتب سابقاً.

وطبقًا لـ «سى إن إن»، فقد صُنفت الوثائق التى اكتشفت فى مكتب بايدن على أنها «معلومات حساسة ومصنفة»، مما يشير إلى أن المواد قد تتضمن بيانات عن أساليب ومصادر جمع المعلومات الاستخبارية، وبحسب ما ورد، تضمنت الوثائق معلومات عن أوكرانيا وإيران وبريطانيا.

الكشف عن هذه الوثائق كان بمثابة هدية قيمة للجمهوريين، حيث أبعدت الأنظار عن الخلافات بينهم فى مجلس النواب، والتى انعكست على انتخاب كيفين مكارثى رئيسا للمجلس بعد 15 دورة انتخابية، ومساومات ومقايضات بينه وبين بعض النواب الموالين للرئيس السابق ترامب.

وبحسب ما كان متوقعا، سارع مكارثى وغيره من رؤساء اللجان المختصة إلى الإعلان عن عزمهم تنظيم جلسات استماع للتحقيق بأوراق بايدن السرية واستدعاء مسئولين من وزارة العدل وأجهزة حكومية أخرى للمثول أمامهم.

وفى نفس الوقت قرر وزير العدل ميريك جارلاند تعيين المستشار روبرت هور محققاً فى المسألة قائلًا فى تصريح مقتضب: «روبرت هور له صلاحية التحقيق مع أى شخص أو كيان قد يكون انتهك القانون».

وبعيدًا عن التفاصيل المتعلقة بالوثائق،

أو الإجراءات التى سيقوم بها مجلس النواب أو وزير العدل، فإن السؤال الأبرز يتعلق بموقف بايدن، وهل يمكن أن يقارن بقضية العثور على وثائق سرية بحوزة ترامب فى فلوريدا فى أغسطس الماضى، بالإضافة إلى تأثير تلك القضية على الرئيس وفرصه فى الانتخابات المقبلة.

صحيفة «ذا هيل» الأمريكية ذكرت فى تقرير مطول، أن هناك عدة أسئلة لم تتم الإجابة عنها بعد بخصوص هذه القضية، الأولى تتعلق بالسبب فى عدم الإعلان عن الوثائق فورا بعد اكتشافها، فقالت الصحيفة إن الجدول الزمنى للإعلان عن الوثائق كان أكثر الأشياء غموضًا فى القضية، وفيه بُعد سياسى واضح، إذ تم الكشف عن الدفعة الأولى من الوثائق يوم 2 نوفمبر فى مكتب بايدن القديم فى جامعة بنسلفانيا فى واشنطن، ويبدو أن هذا قد عجل فى عملية البحث فى مواقع أخرى، مما أدى إلى كشف وثائق أخرى بحلول 20 ديسمبر.

وبحسب الصحيفة، فإن الوثائق كانت مكتشفة قبل 10 أسابيع من الإعلان الفعلى، أى أن قضية الوثائق بقيت مخفية عن الجمهور لما يقارب

الـ10 أسابيع، وتم نشرها تمامًا قبل 6 أيام من الانتخابات النصفية الأمريكية.

السؤال الثانى يتعلق بالتوقيت الذى عرف فيه بايدن قضية الوثائق، فذكرت الصحيفة أن بايدن قال إنه فوجئ بمعرفة أنه تم الكشف عن المزيد من الوثائق، ويزعم بايدن أيضاً أنه لا يعرف بالضبط ما تحتويه تلك الوثائق، وقالت الصحيفة إن بايدن كان، على الأقل، على علم بما كان يجرى مع الوثائق، ومن المؤكد أن الرئيس سيواجه المزيد من الأسئلة قريباً حول تفاصيل الوثائق.

أما السؤال الأهم والأبرز فيتعلق بالفرق بين قضية بايدن وقضية ترامب، حيث أشارت الصحيفة إلى أن الطرفين يخضعان الآن للتحقيق بسبب تعاملهما مع الوثائق السرية، لكن هناك فرق كبير واحد على الأقل. فى حالة بايدن، أعيدت الوثائق على الفور إلى الأرشيف الوطنى فور اكتشافها، بينما كان مصير الوثائق فى حالة ترامب، خاضعاً لمعركة طويلة.

 خلال الخمسة عشر شهراً الماضية، يبدو أنه كانت هناك مناسبتان قال فيهما فريق ترامب

أو ألمح إلى أنه كان يسلم جميع المستندات ذات الصلة، بينما لم يفعل ذلك فى الواقع، هذه السلسلة من الأحداث يعتقد العديد من الخبراء القانونيين أنها تعرض ترامب لخطر حقيقى بتهم عرقلة المستشار الخاص فى قضيته، جاك سميث.

فى حالة بايدن، لم يتم اكتشاف أى شىء يمكن مقارنته، حتى الآن، لكن من الناحية السياسية، سيعتمد الكثير على ما إذا كان بإمكان البيت الأبيض إقناع الجمهور الأمريكى بأن بايدن

أو موظفيه ارتكبوا خطأً غير مقصود، فى حين أن ترامب كان متورطًا فى شىء خطير.

أما وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس)، فذكرت أن الرئيس بايدن دخل العام الجديد بوضع جيد، ما خفف من آثار بعض إخفاقاته المحلية والخارجية، وزاد من أفضليته خاصة أن خصمه الجمهورى مشتبك مع نفسه فى حرب طاحنة، كادت أن تشل عمل الكونجرس لفترة مفتوحة، لولا حدوث تسوية فى آخر لحظة وبشق الأنفس، سمحت باختيار رئيس لمجلس النواب.

الآن، تأتى مسألة الوثائق لتعطى خصومه بعض الذخيرة وتهدد بحدوث أزمة فى رئاسته، فضلاً عن نسف احتمال ترشيحه لانتخابات 2024، إذا كان بنيته خوض معركتها، حتى ولو تبين فى التحقيق أن مخالفة الوثائق حصلت نتيجة الإهمال لا أكثر