صالون الرأي
فصل من حكاية “أورشليم”
By amrمايو 26, 2024, 12:26 م
298
عاطف عبد الغنى
منذ مدة قريبة أظهرت استطلاعات أمريكية أن المسيحيين الصهاينة (الإنجيليون) دعموا إسرائيل فى عدوانها على غزة أكثر من يهود أمريكا أنفسهم.. والسؤال: لماذا يدعم الأصوليون الإنجليون المتمركزون بشكل أساسى فى الولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل بهذا الشكل الأعمى والمجافى للعقلانية؟!.. الإجابة: لأن هذه الطائفة تؤمن بأن المسيح عيسى بن مريم سلام الله عليه لن يرجع إلى الأرض إلا عندما تقوم مملكة اليهود فى فلسطين، وأن هذا الاعتقاد هو مفهوم “الخلاص فى المسيحية”، وأن هذا الفهم لدى هذه الطائفة تحديدا جاء من قبولها تفسيرا مدسوسا عمدا ومغلوطا لما جاء فى “سفر يوحنا اللاهوتى” وهو سفر رمزى ترتيبه الأخير فى أسفار الإنجيل. وإذا كان هناك اتهام بأن المسيحيين يكرهون اليهود لأنهم حاربوا عيسى المسيح، وسعوا فى صلبه (سلام الله عليه) فالحقيقة أن كراهية اليهود أشد للمسيحيين، والتلمود شاهد ودليل، وكشف عن هذا يهود معاصرون أمثال الفيلسوف اليهودى إسرائيل شاحاك، لكن اليهود سعوا على مر الزمان بكل الحيل والطرق، فى إلهاء المجتمعات المسيحية فى الغرب، والعمل على أن تنسى هذه الكراهية المتوارثة عبر الأجيال حتى يتغلغلوا فى هذه المجتمعات، ونجحوا فى ذلك، ثم لجأوا إلى تمرير هذا التفسير الحرفى لسفر “يوحنا اللاهوتى”، حتى يحصلوا على دعم المعتقدين والمؤمنين من الكنائس الإنجيلية، والسؤال: هل يؤمن اليهود بهذا الارتباط الشرطى (لكى يعود المسيح عيسى إلى الأرض لابد أن تقوم مملكتهم أولا)؟! الإجابة بالطبع لا.. إنهم
لا ينتظرون عيسى ولم ولن يؤمنوا به، ولكنهم ينتظرون مسيحا آخر من نسلهم، قائد حربى يأتى ويخلّصهم من العبودية والاضطهاد، ينتظرون هذا منذ ما يزيد على 2500 عام منذ أن كانوا أسرى فى بابل العراق، وقد اخترعوا حكاية “مسيحهم المخلّص” تلك من أسطورة فارسية، تقول: إن هناك شخصا يأتى إلى الأرض كل ألف سنة فيخلصها من الظلم والجور وينشر النور والضياء، وبدأ خيالهم المريض ينسج على ما سبق أسطورتهم الخاصة، التى تصلح لآخر الزمان أو نهاية التاريخ، وهم الآن ينتظرون قائدهم الحربى، ملك، المسيح المولود من نسل داوود (عليه السلام)، الذى سيعيد أمجاده، وكذلك يعيد بناء هيكل سليمان (عليه السلام)، وقد تنبأ بهدمه عيسى عليه السلام، قبل أن يحدث هذا بأربعين عامًا، وقال قولته المشهورة وهو يودع المدينة المقدسة: “يا أورشليم يا أورشليم! يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا.. هو ذا بيتكم يترك لكم خرابا”.