رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الإمام والبابا إخوة فى الإنسانية..

1489

باسم «الأخوة الإنسانية» التى تجمع البشر جميعًا وتوحدهم وتسوى بينهم.
باسم تلك الأخوة التى أرهقتها سياسات التعصب والتفرقة التى تعبث بمصائر الشعوب ومقدراتهم، وأنظمة التربح الأعمى والتوجهات الأيديولوجية البغيضة.
باسم الحرية التى وهبها الله لكل البشر وفطرهم عليها وميزهم بها.
باسم العدل والرحمة، أساس الملك وجوهر الصلاح، باسم كل الأشخاص ذوى الإرادة الصالحة، فى كل بقاع الأرض.
باسم الله وباسم كل ما سبق، يعلن الأزهر الشريف – ومن حوله المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها – والكنيسة الكاثوليكية – ومن حولها الكاثوليك من الشرق والغرب – تبنى ثقافة الحوار دربًا، والتعاون المشترك سبيلاً، والتعارف المتبادل نهجًا أو طريقًا.
جاءت هذه الكلمات فى «وثيقة الأخوة الإنسانية» التى وقّعها فى أبو ظبى الأسبوع الماضى بابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب.
حيث نظّم مجلس حكماء المسلمين الذى يرأسه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر المؤتمر العالمى للأخوة الإنسانية، والذى عقد تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبو ظبى الأسبوع الماضى، بمشاركة قيادات دينية وشخصيات فكرية وإعلامية من مختلف دول العالم بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخى بين البشر وأهميته ومنطلقاته وسُبل تعزيزه عالميًّا.
وتزامن المؤتمر مع الزيارة التاريخية لكل من قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر للإمارات.
استهدف المؤتمر التصدى للتطرف الفكرى وسلبياته وتعزيز العلاقات الإنسانية وإرساء قواعد جديدة لها بين أهل الأديان والعقائد المتعددة، تقوم على احترام الاختلاف وتساهم فى إعادة بناء جسور التواصل والتعارف والتآلف والاحترام والمحبة، ومواجهة التحديات التى تعترض طريق الإنسانية للوصول إلى الأمان والاستقرار والسلام وتحقيق التعايش المنشود، كما استهدف المؤتمر إرساء قاعدة جديدة للعلاقات بين أتباع الأديان والعقائد تقوم على احترام ثقافة التعدد والاختلاف وتوطيد أواصر الأخوة بين الناس وبناء الثقة المتبادلة بينهم، ومواجهة التحديات التى تعترض طريق الإنسانية نحو السلام والازدهار والتقدم.

تضمن المؤتمر العديد من الجلسات العلمية وورش العمل التى ناقشت عدة محاور، كان محورها الأول تحت عنوان «منطلقات الأخوة الإنسانية» الداعية إلى إرساء ثقافة السلم، وترسيخ مفهوم المواطنة، ومواجهة التطرف الدينى من منطلقات واقعية لتحقيق الأخوة الإنسانية المنشودة.
وناقش المحور الثانى إعلاء مسئولية حُكماء الشرق والغرب فى تحقيق السلام العالمى المبنى على أسس الأخوة الإنسانية، والتركيز على الدور الكبير المنوط بالمنظمات الدولية والإنسانية فى تحمل مسئولياتها الأخلاقية والقانونية.
أما المحور الثالث فقد ناقش التحديات والفرص التى تواجه الأخوة الإنسانية ودعم المبادرات الداعية لإرساء ثقافة التآخى فى مختلف المجتمعات الإنسانية.

واختار الرمزان الدينيان الكبيران أرض الإمارات لعقد قمة تاريخية فى «لقاء الأخوة الإنسانية» بينهما والتباحث فى سُبل تعزيز التعايش بين الأديان والعقائد المختلفة.
وأكد د. سلطان الرميثى الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين أن جميع الأديان والعقائد تدعو إلى الأخلاق والرقى بالإنسان وإعداده إعدادًا صحيحًا، روحيًّا وفكريًّا وماديًّا، كونه اللبنة والركيزة الأساسية لبناء المجتمعات الإنسانية المتقدمة والمتحضرة والمتسامحة، ولذا يسعى المؤتمر إلى إبراز القيم المشتركة بين الأديان والعقائد بما يعود بالخير على الإنسانية.
بينما أكدت ايرينا بوكوفا المدير العام السابق لليونيسكو أن أساس الإخاء الإنسانى يكمن فى التعليم بالمراحل المبكرة، إذ لا يوجد إنسان يولد عنصريًّا أو متطرفًا بل هذا يتم اكتسابه بسبب نوعية التعليم والأفكار فى البيئة الحاضنة للأطفال، لذا مسئوليتنا التاريخية هى تعليم الإديان للنشء وعدم إساءة استخدامها وشحنها نحو العنف، فالمتطرفون هم الذين يحددون الخط الفاصل بين الحياة والموت، غير أن خيارنا الوحيد يتمثل فى الحياة.

وفى مشهد مهيب يجسد معانى التسامح واحترام الآخر والتعايش وقع البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب «وثيقة الأخوة الإنسانية»، التى تهدف لتكون إعلانًا مشتركًا عن نوايا صالحة وصادقة من أجل دعوة كل من يحملون فى قلوبهم إيمانًا بالله وإيمانًا بالأخوة الإنسانية أن يتوحدوا ويعملوا معًا من أجل أن تصبح هذه الوثيقة دليلاً للأجيال القادمة، يأخذهم إلى ثقافة الاحترام المتبادل، فى جو من إدراك النعمة الإلهية الكبرى التى جعلت من الخلق جميعًا إخوة.
وجاء فى الوثيقة: «إننا نحن – المؤمنين بالله وبلقائه وبحسابه – ومن منطلق مسئوليتنا الدينية والأدبية، وعبر هذه الوثيقة، نطالب أنفسنا وقادة العالم، وصُنّاع السياسات الدولية والاقتصاد العالمى، بالعمل جديًا على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فورًا لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حاليًا من حروب وصراعات وتراجع مناخى وانحدار ثقافى وأخلاقى، وتتوجه للمفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين فى كل مكان ليعيدوا اكتشاف قيم السلام والعدل والخير والجمال والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وليؤكدوا أهميتها كطوق نجاة للجميع، وليسعوا فى نشر هذه القيم بين الناس فى كل مكان».
إن هذه الوثيقة إذ تعتمد كل ما سبقها من وثائق عالمية نبهت إلى أهمية دور الأديان فى بناء السلام العالمى، فإنها تؤكد الآتى: القناعة الراسخة بأن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك.
ولتكن هذه الوثيقة دعوة للمصالحة والتآخى بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوى الإرادة الصالحة.
لتكن وثيقتنا نداء لكل ضمير حى ينبذ العنف البغيض والتطرف الأعمى، ولكل محب لمبادئ التسامح والإخاء التى تدعو لها الأديان وتشجع عليها، لتكن وثيقتنا شهادة لعظمة الإيمان بالله الذى يوحد القلوب المتفرقة ويسمو بالإنسان، لتكن رمزًا للعناق بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وبين كل من يؤمن بأن الله خلقنا لنتعارف ونتعاون ونتعايش كإخوة متحابين.
هذا ما نأمله ونسعى إلى تحقيقه بغية الوصول إلى سلام عالمى ينعم به الجميع فى هذه الحياة.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.