شئون دوليةهام
معركة أردوغان الأخيرة !
By amrيونيو 26, 2019, 21:41 م
1706
روضة فؤاد
ساعات قليلة، وتبدأ الانتخابات البلدية في مدينة إسطنبول، والتي ينتظر أن تكون لنتيجتها تأثير كبير على مستقبل تركيا، وليس إسطنبول فقط، وستحدد إلى حد كبير مستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.
وكان المجلس الأعلى للانتخابات فى تركيا ألغى نتائج الانتخابات البلدية فى اسطنبول، بحجة وجود مخالفات وتجاوزات من جانب القائمين على عملية التصويت، وتعرض القرار لانتقادات دولية واسعة، اعتبرته محاولة من جانب حزب «العدالة والتنمية» للتحايل على النتائج الانتخابية، خاصة أن الانتخابات –بوصف العديد من المراقبين والخبراء – كانت قانونية وشرعية تمامًا، وجرت على مرأى من الجميع، أنصار حزب العدالة والتنمية ومعارضوه على حد سواء، إلا أن ضغوط الرئيس التركى نجحت فى إعادة الانتخابات
مرة أخرى.
ورغم خسارة الحزب لأصوات أكثر من مدينة تركية فى الانتخابات التى جرت فى 31 مارس الماضى، إلا أن إسطنبول كانت الأهم بالنسبة للحزب والرئيس التركى، وهو ما يفسره «هنرى باركى» أستاذ العلاقات الدولية والباحث فى مركز دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، فى مقال نشره موقع مجلة «فورين بوليسى»، فقال إن إسطنبول ليست المدينة الأكبر فحسب، بل هى العاصمة الاقتصادية والثقافية لتركيا، كما أنها قاعدة أردوغان الرئيسية، التى بدأ حياته السياسية منها، عندما تم انتخابه لأول مرة رئيسًا للبلدية عام 1994، وإلى جانب ر?زية فقدان مسقط رأسه السياسى بعد أن استثمر الكثير فى الحفاظ عليها، فإنه يدرك أن أكرم أوغلو يمكن أن يكون منافسًا له فى الانتخابات ذات يوم، وأخيرًا يدرك أردوغان أنه بعد ما يقرب من عقدين من الحكم ربما يكون الشعب التركى متعبًا منه، فعلى الرغم من أنه ألقى اللوم خلال الحملة على الولايات المتحدة والغرب، بسبب الحالة المتدهورة للاقتصاد التركى، فإن الكثير من الناخبين يختلفون معه، ويخشى أن خسارة إسطنبول ستعطى تصورًا بأن سلطاته تتناقص، وربما يفسر بعض الأتراك الخسارة بأنها بداية النهاية بالنسبة لأردوغان، الذى سبق أن قال?فى عام 2017 إنه «إذا فقدنا (أى العدالة والتنمية) إسطنبول، سيكون بمثابة خسارة تركيا».
وإذا كانت الأسباب السابقة دفعت أردوغان للتحايل والضغط لإعادة الانتخابات، فإن السؤال الأهم الذى طرحته العديد من الصحف العالمية طوال الأسبوعين الماضيين يتعلق بالإستراتيجيات والأساليب التى اتبعها أردوغان وحزبه لمحاولة تحقيق الفوز هذه المرة، وفى هذا الإطار، ذكرت وكالة «بلومبرج» الإخبارية أن حزب العدالة والتنمية غيّر استراتيجيته لمحاولة الفوز فى الانتخابات، من خلال إبعاد الرئيس التركى عن المشهد، وتجنب ظهوره فى أى حملات انتخابية.
وقال مسئولون إن أردوغان غيّر استراتيجيته بعد أن خلص مسئولو حزب العدالة والتنمية إلى أن بروز الرئيس خلال الحملة السابقة استفاد منه مرشح حزب الشعب الجمهورى المعارض أكرم أوغلو.
لم يكن ابتعاد أردوغان فقط هو الاستراتيجية التى طبقها الحزب طوال الفترة الماضية، فالسماح
لـ «بن على يلدريم» مرشح حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء السابق بالانضمام إلى أول مناظرة سياسية تليفزيونية بين مرشحى عمدة إسطنبول منذ عقدين، تعد نقطة تحول رئيسية فى فكر الحزب، خاصة أن الثقافة السياسية لحزب العدالة والتنمية تمنع مرشحيها من مواجهة منافسيهم مباشرة فى المناظرات التليفزيونية التى تسبق الانتخابات.
وبالفعل، أجريت الأسبوع الماضى مناظرة تاريخية بين بن على يلدريم، مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم لرئاسة بلدية إسطنبول، مع خصمه أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهورى المعارض، بحضور 175 صحفيًا، وجرت المناظرة وسط إجراءات أمنية واسعة، وتم بثها على الهواء مباشرة بشكل مشترك عبر العديد من القنوات المحلية، وركزت المناظرة على المشاكل التى تعانيها إسطنبول، وكيفية تعاطى المرشحَيْن معها، إضافة لقضايا الشباب والمرأة والمعاقين وقطاعات النقل والصحة ومشاريع المرشحين للناخبين، وسعى المتنافسان إلى استمالة الفئة المترددة، ?الفئة التى عزفت عن التصويت فى الانتخابات الفائتة.
وقال يلدريم خلال المناظرة إن أصواتا سرقت منه، لكن إمام أوغلو أصر أنه رئيس البلدية المنتخب، مضيفًا أن هذه معركة ديمقراطية من أجل حقوق 16 مليون شخص تمت مصادرتها.
وقال إمام أوغلو إن بإمكانه هو تقديم الوعود للناخبين، لكن بما أن الحزب موجود فى السلطة منذ 25 عاما فإن يلدريم لا يملك هذا الحق، وذكّر يلدريم بإنجازاته كوزير للنقل ورئيس الوزراء، متحدثا عن مشاريع نقل رئيسية فى إسطنبول مثل نفق «مرمراى» للسكك الحديدية الذى يربط بين جانبى مضيق البوسفور.
وعقب انتهاء المناظرة، تبادل المرشحان التصريحات، فقال يلدريم «لقد عبرنا عن أفكارنا، والقرار قرار ناخبى إسطنبول، وأرى أن الخبرة والصدق هما من سيفوزان»، وأضاف يلدريم قائلا «لقد أجبنا على الأسئلة خلال المناظرة بصدق، وتحدثنا عما سنقوم به، لكن لم نتمكن من تسليط الضوء على نصف وعودنا، فالمدة غير كافية».
من جهته أعرب مرشح المعارضة، إمام أوغلو عن أمله فى أن تصبح مثل هذه المناظرات عادة مألوفة فى السياسة التركية، لتناول كل ما يهم المواطنين من مشكلات، وتابع إمام أوغلو قائلا: «هذه بداية مهمة للغاية من أجل الديمقراطية التركية، فعدم إجراء مثل هذه المناظرات على مدار 17 عامًا، أضر بتركيا وبأمتنا».
وبعيدًا عن الاستطلاعات الرسمية، يظل السؤال الأبرز عن المرشح الأكثر استفادة من تلك المناظرة، والأكثر تقدمًا قبل الانتخابات، تؤكد الأرقام واستطلاعات الرأى أن أكرم أوغلو يتفوق بنسبة كبيرة، وأن فرصته أفضل فى تكرار الفوز، فقد كشف استطلاع جديد للرأى عن تقدم «أوغلو» على «يلدريم»، وكشف الاستطلاع عن حصول أوغلو على 52.3% من الأصوات، بينما حصد بن على يلدريم 47% من دعم الناخبين.