رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

حرب الربيع بين التفوق الروسي والاستعداد لهجوم أوكراني.. ساعات الحسم تقترب

2724

صفاء مصطفى

أكدت تقارير صادرة عن وسائل إعلام عالمية أن هجوم الربيع الأوكراني المضاد المتوقع خلال الأيام المقبلة محفوف بالمخاطر نتيجة للتفوق الروسي، في مقابل نفاذ مخزونات السلاح الأوروبية التي تتراجع أمامه قدرات أوروبا على إمداد أوكرانيا بالسلاح في مرحلة ما بعد هجوم الربيع المضاد، وذلك بالتزامن مع تزايد مخاوف الإدارة الأمريكية خلف الأبواب المغلقة من الفشل الأوكراني في تحقيق الحد الأدنى من المستهدفات مما يعد فشل أمريكي يفرض مخاطر جسيمة نتيجة للتداعيات، وذلك في ضوء ارتفاع توقعات الفشل، رغم الاستعدادات غير المسبوقة على مستوى تدريب الجيش الأوكراني وإمدادات السلاح.

أجمعت وجهات النظر والتحليلات أنه بدون تحقيق نصر حاسم، تتضاءل فرص الدعم الغربى «الأمريكى – الأوروبى» لــ «أوكرانيا»، وتتعرض كييف لضغوط متزايدة للدخول فى محادثات سلام جادة لإنهاء أو تجميد الصراع.

وفى ضوء توقعات فشل الهجوم المضاد الأوكرانى وضعت هذه التقارير تاريخ نهاية حرب روسيا والغرب فى أوكرانيا ورصد أهم المسارات.

محفوف بالمخاطر

أوضح تقرير صدر مؤخرًا عن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن أوكرانيا تستعد لشن هجوم مضاد ضد القوات الروسية فى وقت مبكر من الشهر المقبل، وأنه وفقا لمسئولين أمريكيين، الهجوم محفوف بمخاطر هائلة، وأنه بدون تحقيق نصرًا حاسم، قد يضعف الدعم الغربى لأوكرانيا، وقد تتعرض كييف لضغوط متزايدة للدخول فى مفاوضات جادة لإنهاء الصراع أو تجميده.

وبحسب التقرير زود الحلفاء الأمريكيون وحلف شمال الأطلسى أوكرانيا بمدفعية وذخيرة مكثفة للمعركة القادمة، ويقول المسؤولون الآن إنهم يأملون فى استمرار الإمدادات – وهو تغيير عما كان عليه الحال قبل شهرين عندما كانت الأسلحة تتدفق فقط وكان المسئولون الأمريكيون قلقين من احتمال وصول هذه الإمدادات، مشيرًا الى أنه فى الوقت نفسه، من المتوقع أن يكون 12 لواء قتالى أوكرانى قوام كل منها حوالى 4000 جندى جاهزًا مع نهاية أبريل وبداية مايو، وأنه وفقًا لوثائق البنتاجون المسربة والتى تقدم تلميحًا للجدول الزمنى لكييف، وقالت الوثائق إن الولايات المتحدة وحلفاء الناتو يقومون بتدريب وإمداد تسعة من تلك الألوية.

وأوضح التقرير أنه على الرغم من أن أوكرانيا تشارك المسؤولين الأمريكيين تفاصيل قليلة عن خطتها التشغيلية، إلا أنه من المرجح أن تتكشف العملية فى جنوب البلاد، بما فى ذلك على طول الساحل الأوكرانى على بحر آزوف، بالقرب من شبه جزيرة القرم التى ضمتها روسيا.

وحول نتائج الهجوم وما يمكن تحقيقه فى أرض المعارك قال ألكسندر فيرشبو، السفير الأمريكى السابق لدى روسيا والمسؤول البارز فى الناتو: «كل شيء يتوقف على هذا الهجوم المضاد»، الجميع متفائل، وربما مفرط فى التفاؤل، لكن نتائج الهجوم ستحدد ما إذا كانت ستكون هناك نتيجة لائقة للأوكرانيين، من حيث استعادة الأراضى فى ساحة المعركة وخلق نفوذ أكبر بكثير للحصول على نوع من التسوية التفاوضية».

ووفقا للتقرير قال المسئولون الأوكرانيون إن هدفهم هو اختراق الدفاعات الروسية المحفورة وخلق انهيار واسع النطاق فى الجيش الروسي، قدر المسؤولون الأمريكيون أنه من غير المرجح أن يؤدى الهجوم إلى تحول كبير فى الزخم لصالح أوكرانيا.

الضغط على الغرب

وأوضح التقرير أن الجيش الأوكرانى يواجه العديد من التحديات وأن استمرار الجمود هو النتيجة الأكثر ترجيحًا، حيث أدى القتال فى باخموت بشرق أوكرانيا هذا الشتاء إلى استنزاف احتياطيات الذخيرة وأدى إلى خسائر فادحة فى بعض الوحدات ذات الخبرة، إلا أنه على الرغم من ذلك، يقول المسؤولون العسكريون الأمريكيون إنه من الممكن أن يفاجئهم الجيش الأوكرانى مرة أخرى. وهم الآن مسلحون بالدبابات الأوروبية وناقلات الجند المدرعة الأمريكية ولديهم وحدات جديدة مدربة ومجهزة من قبل الأمريكيين وقوات الناتو.

وأرجع التقرير أسباب انحراف أوكرانيا عن السرية المعتادة المحيطة بالخطط العسكرية من خلال التحدث بصراحة عن المعركة القادمة – جزئيًا إلى أن القادة الأوكرانيين بحاجة إلى حشد الروح المعنوية والضغط على الغرب للحصول على الأسلحة، مشيرًا إلى أن توقعات المسؤولون الأمريكيون ترى أن الجيش الأوكرانى يستخدم الخداع لرمى الروس، وأن أفضل فرصة لأوكرانيا لتقديم عرض درامى فى الهجوم المضاد ستعتمد أيضًا على المخابرات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، وأنه إذا تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من تحديد نقاط ضعف كبيرة فى الدفاعات الروسية، فيمكن لأوكرانيا استغلالها بسرعة وحماية الدبابات ومركبات برادلى القتالية.

وووفقا للتقرير قال الأدميرال كريستوفر دبليو جرادي، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، فى مقابلة موجزة: «إذا تمكنوا من الاختراق، فأعتقد أنه يمكنهم تغيير الديناميكية فى ساحة المعركة».

ما بعد الهجوم المضاد

أشار التقرير إلى أن الأسئلة الرئيسية حول المدفعية الأوكرانية وإمدادات الذخيرة الأخرى لا تزال قائمة، مؤكدا أنه قد تنخفض إمدادات كييف من صواريخ الدفاع الجوى وطلقات المدفعية، الضرورية لمواصلة أى دفع والدفاع ضد الهجمات الجوية الروسية، بشكل خطير إذا استمرت قواتها فى إنفاق الذخيرة بوتيرتها الحالية. بعد انتهاء الهجوم، وأن هناك فرصة ضئيلة لأن يتمكن الغرب من إعادة إنشاء الحشد الذى قام به للهجوم الأوكرانى القادم فى المستقبل المنظور، لأن الحلفاء الغربيين ليس لديهم إمدادات كافية فى المخزونات الحالية للاستفادة منها ولن يكون الإنتاج المحلى قادرًا لسد الفجوة حتى العام المقبل، كما يقول الخبراء.

وأضاف أن الجيش الأوكرانى يطلق آلاف قذائف المدفعية يوميًا بينما يحاول السيطرة على باخموت، وهى وتيرة يقول المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون إنها غير مستدامة ويمكن أن تعرض الهجوم القادم للخطر، حيث كان القصف مكثفًا لدرجة أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أثارت مخاوف المسؤولين فى كييف، محذرة إياهم من أن أوكرانيا كانت تهدر الذخيرة فى وقت حرج.

ولفت التقرير إلى أنه فى حين أن القوات الأوكرانية يمكن أن تستخدم طائرات بدون طيار لضرب خطوط المواجهة الروسية، إلا أنها لم تحصل على صواريخ ذات مدى طويل بما يكفى لضرب المراكز اللوجستية الروسية، وهو تكتيك أثبت أهميته فى هجمات الصيف الماضى خارج خاركيف وخيرسون.

التفوق الروسي

أكد التقرير أنه على الرغم من بعض التحديات التى تواجه الروس منذ بداية الحرب، والتى تتعلق بالكفاءة الأساسية للقادة الروس وتزويدهم بالجنود المدربين تدريباً جيداً وقذائف المدفعية والمعدات، وأنه قد أنفق الروس العديد من صواريخ كروز الخاصة بهم، وفقدوا الآلاف من الأشخاص فى باخموت وحدها، واستنزفوا مخازنهم من الذخيرة بشكل أسرع بكثير مما يمكنهم استبدالها بإنتاجهم المحلي، إلا أن روسيا تعمل على معالجة هذه الثغرات، وشحذت القوات الروسية قدرتها على استخدام الطائرات بدون طيار والمدفعية لاستهداف القوات الأوكرانية بشكل أكثر فعالية.، وأنهم بدأوا مؤخرًا فى استخدام القنابل الانزلاقية – التى تستخدم الجاذبية وأجهزة التوجيه الأساسية للوصول إلى أهدافهم دون إحداث أى ضجيج – لإظهار أنهم ما زالوا قادرين على نشر أسلحة أحدث فى ساحة المعركة، وأن هذه الجهود تعنى أن الفرصة لتحقيق مكاسب كبيرة ضد القوات الروسية المستنزفة قد لا تظل مفتوحة إلى أجل غير مسمى.

وأضاف التقرير أنه فى اجتماعات خاصة، أخبر وزير الدفاع الروسى «سيرجى شويغو» مسؤولين آخرين أنه يعتقد أن روسيا لديها ميزة عددية فى ساحة المعركة لأن لديها عددًا أكبر من الطائرات والدبابات وقطع المدفعية والجنود أكثر من الأوكرانيين، وأنه وفقًا لأحد كبار المسؤولين الأوروبيين. مسؤول علم المناقشات، فى تحليل هذه المحادثات، كان شويغو واثقًا للغاية من أن روسيا ستنتصر فى النهاية.

وبحسب التقرير حذر مسئولو المخابرات الأمريكية مرارًا وتكرارًا من أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يعتقد أن الوقت فى صالحه. بالنظر إلى احتياطيات روسيا الأكبر من المعدات والقوى العاملة، ويقول المسئولون إن بوتين يعتقد أنه سيفعل ذلك فى النهاية

تخوف إدارة بايدين

ذكرت صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية أنه وراء الأبواب المغلقة، تخشى إدارة الرئيس الأمريكى بايدن من تداعيات فشل الهجوم المضاد الأوكراني، خاصة فى ضوء ارتفاع توقعات الفشل، لافتة بحسب مصادر رفيعة إلى أن إدارة بايدن تستعد بهدوء للانتقادات الموسعة فى حالة فشل الهجوم الأوكرانى المضاد «هجوم الربيع» أو عدم رقى النتائج الى مستوى التوقعات.

وشددت أن النقاد فى الداخل والحلفاء فى الخارج سوف يجادلون بأن أمريكا قد فشلت أيضًا.

وأضافت أن فريق الرئيس جو بايدن عرض دعمًا ثابتًا لأوكرانيا، وتعهد بتزويدها بالأسلحة والمساعدات الاقتصادية «للمدة التى تستغرقها». ولكن، إذا حقق موسم القتال الوشيك مكاسب محدودة، فقد أعرب المسؤولون فى الإدارة بشكل خاص عن مخاوفهم من مواجهة وحش برأسين يهاجمها من قبل الصقور «الفريق الداعى الى الدعم العسكرى الموسع» والحمائم، « الفريق المؤيد لإنهاء الحرب بأدوات الدبلوماسية».

وأضافت الصحيفة أنه سيقول أحد الأطراف إن التقدم الذى أحرزته أوكرانيا كان سينجح لو أعطت الإدارة كييف كل ما طلبته، أى الصواريخ طويلة المدى والطائرات المقاتلة والمزيد من الدفاعات الجوية، وعلى الجانب الآخر، يخشى المسؤولون فى الإدارة الأمريكية، أن يزعموا أن عيب أوكرانيا يثبت أنها لا تستطيع إجبار روسيا على الخروج من أراضيها بشكل كامل.

مفاوضات السلام

ولفتت الصحيفة إلى أن ذلك لا يفسر حتى رد فعل حلفاء أمريكا، وخاصة دول أوروبا، الذين قد يرون فى مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا كخيار أكثر جاذبية إذا لم تتمكن كييف من إثبات أن النصر قاب قوسين أو أدنى.

وأشارت الصحيفة إلى أن داخل الإدارة  الأمريكية، يؤكد المسؤولون أنهم يفعلون كل ما فى وسعهم لإنجاح هجوم الربيع، وأنه بحسب أحد المسؤولين فى الإدارة، الذى مُنح، مثل الآخرين، عدم الكشف عن هويته لمناقشة الأمور الحساسة اعتبارات داخلية، الإيمان بالقضية الاستراتيجية شيء واحد، بينما الاعتقاد فى التكتيكات شيء آخر – وخلف الأبواب المغلقة تشعر الإدارة بالقلق بشأن ما يمكن أن تحققه أوكرانيا.

وأوضحت الصحيفة أن هذه المخاوف ظهرت مؤخرًا إلى العلن أثناء تسرب معلومات سرية على وسائل التواصل الاجتماعي، تشير الى أن تقييم سرى للغاية أفاد أن أوكرانيا سوف «تقصر» عن أهدافها الهجومية المضادة، كما تشير المزيد من التقييمات الأمريكية الحالية إلى أن أوكرانيا قد تحقق بعض التقدم فى الجنوب والشرق، لكنها لن تكون قادرة على تكرار نجاح العام الماضي.

كانت أوكرانيا تأمل فى قطع الجسر البرى الروسى إلى شبه جزيرة القرم، ويشكك المسؤولون الأمريكيون الآن فى حدوث ذلك، وفقًا لمسؤولين فى الإدارة على دراية بالتقييم. لكن لا تزال هناك آمال فى البنتاجون بأن أوكرانيا ستعيق خطوط الإمداد الروسية هناك، حتى لو انتهى الأمر بصعوبة تحقيق نصر كامل على القوات الروسية المحصنة حديثًا.

وأضافت الصحيفة أنه علاوة على ذلك، تشير المخابرات الأمريكية إلى أن أوكرانيا ببساطة لا تملك القدرة على دفع القوات الروسية من حيث كانت راسخة بعمق – وقد ترسخ شعور مماثل فى ساحة المعركة فى أماكن أخرى فى أوكرانيا، وفقًا لمسؤولين، دعاوى الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى إن الولايات المتحدة لم تسلح قواته بشكل كافٍ، ولذا، حتى ذلك الحين، لا يمكن أن يبدأ الهجوم المضاد.

وبحسب الصحيفة هناك اعتقاد بأن كييف مستعدة للنظر فى تعديل أهدافها، وفقًا لمسؤولين أميركيين، وقد يكون من الأسهل بيع هدف أكثر تواضعًا على أنه مكسب.

وبحسب الصحيفة أيضًا وتعقيبا على هذه المخاوف قال كورت فولكر، المبعوث الخاص لأوكرانيا خلال إدارة ترامب: «إذا لم يسير الهجوم المضاد على ما يرام، فإن الإدارة تتحمل فقط اللوم على حجب أنواع معينة من الأسلحة والمساعدات فى الوقت الذى كانت هناك حاجة ماسة إليه».

وبحسب الصحيفة قالت كليمنتين ستارلينج، مديرة وزميلة فى مركز أبحاث Atlantic Council «المجلس الأطلسى» المتخصص فى الشئون الدولية ومقره واشنطن العاصمة: «قد يتضاءل الدعم العام الأوروبى بمرور الوقت مع استمرار ارتفاع تكاليف الطاقة وأزمات الاقتصادات الأوروبية». وقد تكافح إدارة بايدن للحفاظ عليه «.

وأكدت أنه يمكن للعديد من الدول الأوروبية أيضًا الضغط على كييف لإنهاء القتال، قائلة: «إن الهجوم المضاد الضعيف سيثير المزيد من الأسئلة حول الشكل الذى ستبدو عليه نتيجة الحرب، ومدى إمكانية التوصل إلى حل من خلال الاستمرار فى إرسال الأسلحة والمساعدات العسكرية وحدها»