رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

البرلمان يبدأ ماراثون إقرار الموازنة..تقدر مصروفاتها بـ3 مليارات جنيه وإيراداتها 2.1 مليار

453

رمضان أبو إسماعيل

تعرف الموازنة العامة، وفقاً للأدبيات الاقتصادية، أنها بمثابة التقدير المعتمد لنفقات الدولة وإيراداتها خلال مدة مقبلة عادة ما تكون سنة، وتتضمن الموازنة خطة عمل الحكومة خلال المدة المحددة، وهى ما يطلق عليها خطة الدولة الاقتصادية والاجتماعية. وتتولى -دوماً- وزارة المالية إعداد مشروع الموازنة العامة، وتوكل مهمة إعداد الخطة الاقتصادية والاجتماعية لوزارة التخطيط، على أن يقر البرلمان الموازنة والخطة حتى تنتقل مهمة التنفيذ إلى الحكومة على أن تتولى مسئولية الإشراف على التنفيذ وزارتا المالية والتخطيط كل فيما يخصه.

كان مجلس النواب على موعد الأسبوع الماضى -وتحديداً الثلاثاء الماضى- مع عرض د. محمد معيط وزير المالية، للبيان المالى لموازنة العام المالى المقبل 2023 / 2024، وبيان د. هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، لملامح خطة الدولة الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2023/2024، تمهيدا لانطلاق الماراثون البرلمانى لمناقشة كل بنود الموازنة والخطة تمهيدا للموافقة وإصدار التشريع الخاص، الذى يمهد الطريق للبدء فى التنفيذ بداية العام المالى الجديد فى 1 يوليو 2023.

وكشف د. محمد معيط وزير المالية أن مشروع الموازنة، يستهدف الحفاظ على تحقيق الانضباط المالى، بحيث يبلغ معدل عجز الموازنة المتوقع نحو 6.9% بنهاية العام المالى المقبل، مقارنة بنحو 6.4% فى يونيو 2023، واستمرار جهود الخفض التدريجي لمعدلات الدين للناتج المحلي لأقل من 80% فى يونيو 2027، لافتا إلى أن أرقام الموازنة الجديدة تعكس التوجيهات الرئاسية بتوفير أكبر دعم ممكن للنشاط الاقتصادي والأمان الاجتماعي، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام؛ لضمان التوزيع العادل لثمار التنمية.

وأشار إلى أنه تمت زيادة مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية لتخفيف الأعباء عن المواطنين، حيث تم تخصيص 127.7 مليار جنيه لدعم السلع التموينية، وتخصيص 14.1 مليار جنيه للتأمين الصحي والأدوية وعلاج غير القادرين على نفقة الدولة و10.2 مليار جنيه لدعم الإسكان الاجتماعى، و28 مليار جنيه لدعم وتنمية الصادرات.

وتخصص الموازنة الجديدة 202 مليار جنيه مساهمات الخزانة العامة لصناديق المعاشات بمعدل نمو سنوي 6%، وسيتم زيادة حد الإعفاء الضريبي 50% للعاملين بالحكومة والقطاع الخاص بتكلفة سنوية أكثر من 10 مليارات جنيه، و31 مليار جنيه لتمويل برامج «الضمان الاجتماعي وتكافل وكرامة»، و3.5 مليار جنيه لتغطية تكلفة توصيل خدمات الغاز الطبيعى للمنازل.

الوفاء بالاستحقاقات الدستورية

وقال الوزير، إن الخزانة العامة تتحمل 127 مليار جنيه فرق سعر الفائدة لمبادرة توفير تمويل دعم الأنشطة الزراعية والصناعية والسياحية؛ لمساندة القطاعات الإنتاجية، وأن الحكومة حريصة على الوفاء بالاستحقاق الدستوري للقطاع الصحى بـ397 مليار جنيه، وكذلك قطاعات التعليم الجامعى وقبل الجامعى والبحث العلمي بـ 691.5 مليار جنيه، وإنه تم تخصيص 470 مليار جنيه للأجور للارتقاء بأحوال العاملين بالدولة، وقد تم تبكير صرف حزمة تحسين الأجور، ولم يقل الحد الأدنى لإجمالي الزيادات المقررة للعاملين بالدولة للعاملين بالدولة وأصحاب الكادرات الخاصة عن ألف جنيه شهريًا، اعتبارًا من أبريل 2023، بتكلفة تقديرية سنوية لزيادة الحد الأدنى 14 مليار جنيه.

وأضاف أن الموازنة الجديدة تتضمن تخصيص 3.7 مليار جنيه لتعيين 70 ألفًا من المعلمين والأطباء والصيادلة والاحتياجات الأخرى فى مختلف القطاعات، و500 مليون جنيه لإجراء حركة ترقيات العاملين بالدولة، مؤكدا أنه تمت زيادة مخصصات الاستثمارات الحكومية إلى 587 مليار جنيه لخلق وظائف جديدة وتحسين الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، واستمرار تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع «حياة كريمة»، والعمل على زيادة مشروعات الاستدامة البيئية إلى 50% من الاستثمارات الحكومية، من خلال إقرار حزمة من الحوافز والمبادرات الداعمة للتحول الأخضر والتوسع فى مشروعات الطاقة المتجددة.

مستهدفات الخطة الاستثمارية

وقالت د . هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الإقتصادية إن أهم مُرتكزات خطة التنمية الاقتصادية الالتزام الكامل بأهداف محاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تأكيدًا للحق فى التنمية الذي توليه الدولة المصرية أهمية قصوى فى توجهها التنموي، الاتساق والتوافق مع مُستهدفات الأجندة الوطنية لتحقيق التنمية الـمُستدامة فى إطار رؤية «مصر 2030».

600 مليار استثمارات خاصة

وأكدت السعيد أن الخِطة تبنت مُستهدفات طموحة للاستثمارات الخاصة لتصل إلى نحو 600 مليار جنيه عام 2023/ 2024، بنسبة تُناهز 36% من الاستثمارات الكليّة الـمُستهدفة مُقابل نسبة مُتوقّعة العام الحالى نحو 31%، ونسبة فعليّة 29% العام الماضى.

وبحسب وزيرة التخطيط، تُشكّل الاستثمارات العامة نحو 40%، مُقابل نسبة 60% لاستثمارات القطاع الخاص، وأن الخطة تحرص على رصد مشروعات ومُبادرات جهات الإسناد الـمُختلفة ذات التأثير البيئي والداعمة للنمو الأخضر الـمُستدام، مع استهداف رفع نسبة الاستثمارات الـمُوجّهة للاقتصاد الأخضر من 30% إلى 40% من إجمالي الاستثمارات العامة، وصولًا إلى 50% بحلول عام 2024/ 2025.

وتضمّنت الخطة الاستثمارية لعام 2023/ 2024 إدراج استثمارات قدرُها نحو 436 مليار جنيه لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى بنسبة 26.4% من إجمالي استثمارات الخطة، يُساهم فيها القطاع الخاص بنسبة 15%. وتواصل الحكومة فى الخطة الاقتصادية والاجتماعية للعام 2023/ 2024 تنفيذ التوجّه الاستراتيجي للدولة نحو تنمية القرى الـمصريّة إلى استكمال تنفيذ الـمرحلة الأولى من «مُبادرة حياة كريمة» لإتمام الانتهاء منها خلال عام الخطة، والبدء فى تنفيذ الـمرحلة الثانية من هذه الـمُبادرة لتوسيع نطاقها الجُغرافى لتغطية 1600 قرية.

وتعكس مبادرة «حياة كريمة»، وفقا لـ «هالة السعيد»، تحوّلًا جذريًا غير مسبوق للريف الـمصري باستهدافها توفير احتياجات القُرى الـمصريّة من البنية الأساسيّة والخدمات العامة، وتهيئة سُبُل تحسين الدخل ومُستوى الـمعيشة اللائق للمُجتمعات الريفيّة، ما يجعلها نموذجًا مثاليًا يعكس تضافُر جهود كافة الوزارات للمُساهمة فى توفير حياة كريمة للمواطنين فى الريف.

وتعد مبادرة «حياة كريمة»، أكبر الـمُبادرات التنمويّة فى تاريخ مصر، بل والعالم أجمع، سواءً من حيث حجم الـمُخصّصات الـماليّة أو نطاق الشمول وأعداد الـمُستفيدين، أو من حيث تكامل الأبعاد التنمويّة – اقتصاديًا واجتماعيًا وبيئيًا، حيث تحرص الدولة على تدبير مخصصات استثمارية قدرها 150 مليار جنيه فى عام 2023/ 2024 لإتمام تنفيذ الـمشروعات الـمُستهدفة فى الـمرحلة الأولى من الـمُبادرة.

موازنة استثنائية

موازنة السنة المالية الجديدة 2023/ 2024، فى رأى د. فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ستكون استثنائية مع استمرار آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، التى تلقى بآثارها على اقتصاديات العالم، وأنه توجد مؤشرات إيجابية بتحقيق أكبر فائض أولى للموازنة بقيمة تصل إلى 295 مليار جنيه، والذى يصب فى صالح الاقتصاد.

ويتمثل الأثر الإيجابى المترتب على تحقيق فائض أولى فى نظرة المؤسسات المالية العالمية للاقتصاد المصرى، ومن ثم فإن استهداف الحكومة تحقيق فائض أولى فى الموازنة الجديدة قدره 295 مليار جنيه (2.5%) مقارنة بفائض أولى متوقع قدره 136 مليار جنيه فى موازنة العام الحالى، ويتواصل هذا النجاح منذ موازنة السنة المالية 2019/ 2020، التى شهدت تحقيق أول فائض أولى بعد سنوات من تحقيق عجز أولى، كان يحمل الموازنة عبئا جديدا يضاف إلى عبء الدين العام.

ومن الجيد، وفقا لـ «رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان»، أن تواصل الموازنة العامة تحقيق معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى، وذلك فى ظل هذه الظروف الاستثنائية، حيث تستهدف موازنة 2023/ 2024 تحقيق نمو قدره 4.1% مقارنة بنحو 5.5% فى موازنة العام الحالى، ما يعنى توقع تراجع قدره 34% فى معدلات النمو الاقتصادى نتيجة التأثيرات السلبية الناجمة عن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وما ارتبط بها من أزمات فى سلاسل الإمداد وزيادة الأسعار العالمية.

الميكنة تعزز الإيرادات

بفضل الميكنة وإصلاح المنظومة الضريبية، تستهدف وزارة المالية تحقيق زيادات كبيرة فى الإيرادات سواء الضريبية منها أو غير الضريبية، حيث زادت هذه الإيرادات إلى نحو 1.5 تريليون جنيه بالموازنة الحالية تمثل 16.7% من الناتج المحلى، فيما تبلغ الإيرادات المتوقعة للسنة المالية الجديدة 2023/ 2024، نحو 2 تريليون جنيه، بزيادة 624 مليار جنيه تقدر بنحو 44% عن إيرادات العام الحالى، وبنسبة 18.1% من الناتج المحلى الإجمالى، وأن هذه الزيادة موزعة بواقع 361 مليار جنيه زيادة فى الإيرادات الضريبية، و262 مليار جنيه زيادة فى الإيرادات غير الضريبية.

بقراءة أولية لأرقام مشروع الموازنة الجديدة، يتضح زيادة المصروفات العامة فى الموازنة الجديدة من 2 تريليون و395 مليار جنيه، مقارنة بنحو 2 تريليون و991 مليار جنيه فى موازنة 2023/ 2024 بزيادة قدرها 25%، وأن هذه الزيادة فى المصروفات يترتب عليها عجز نقدى قدره 849 مليار جنيه مقارنة بعجز نقدى قدره 718 مليار جنيه فى العام المالى الحالى.

الأرقام تكشف الأولويات

أرقام بنود مصروفات الموازنة الجديدة، تكشف، وفقا لـ «فخرى الفقى»، أولويات الحكومة، التى تتمثل فى تحسين أجور العاملين بالدولة من خلال زيادة مخصصات المرتبات والأجور 60 مليار جنيه، من 410 مليارات جنيه العام 2022/ 2023، مقارنة بنحو 470 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة، وكذا زادت مخصصات الباب الثانى شراء السلع والخدمات من 126 مليار جنيه العام الحالى، إلى 139 مليار جنيه، بما يدلل على أن الحكومة قد تتخلى جزئيا عن سياسة التقشف المتبعة.

وتدلل أرقام مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية من 426 إلى 529.7 مليار جنيه بنحو 48.8% على أن الحكومة لن تتراجع عن المضى قدما فى تنفيذ برامج الحماية الاجتماعية، بحيث يتم تخصيص 127.7 مليار جنيه لدعم السلع التموينية فى الموازنة الجديدة مقابل 130 مليار جنيه فى الموازنة الجارية، وتمت زيادة دعم المواد البترولية من58 إلى 119.4 مليار جنيه بزيادة تفوق 100%، لدعم أسعار الطاقة للقطاع الصناعى وبعض شرائح الاستهلاك المنزلى، ودعم بعض المواد البترولية.

وكذا خصصت الموازنة الجديدة للتأمين الصحى وشراء الأدوية نحو 6 مليارات جنيه بزيادة 58.2%، و10.2 مليار جنيه لدعم الإسكان «محدودى الدخل والإسكان الاجتماعى» بمعدل نمو سنوى 31.5%، ونحو 31 مليار جنيه لمعاش الضمان الاجتماعى بزيادة 25%، ونحو 202 مليار جنيه مساهمة وزارة المالية لصناديق المعاشات الاجتماعية فى إطار اتفاق فض التشابك بزيادة 6%، و8 مليارات جنيه لعلاج المواطنين على نفقة الدولة بزيادة 14.3%.

وأهم ما يميز الموازنة الجديدة، والكلام لـ»رئيس لجنة الخطة والموازنة»، أنها تحقق النسب الدستورية المخصصة للإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمى، حيث تم زيادة مخصصات للتعليم الجامعى وقبل الجامعى والبحث العلمى بمبلغ 48.6 مليار جنيه، لتصل إلى 305.3 مليار جنيه بزيادة 19%، وزيادة مخصصات قطاع الصحة لتصل إلى 111.2 مليار جنيه بمعدل نمو 14%، يضاف إلى ذلك مخصصات تحسين العاملين فى قطاعى الصحة والتعليم.