رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

القاتل الأبيض.. 10 ألاف ضحية له يومياً في أوروبا

373

كنت أجلس مع زوجى لتناول وجبة الإفطار يوم الجمعة، وهو اليوم الذى نجتمع فيه أسبوعيا على تلك الوجبة لانشغالنا جميعا بمواعيد العمل ومدارس الأبناء.. كنت أحرص دوما على تنوع أطباقها احتفالا بتجمعنا الأسبوعى وأصنع لكل منهم طبقه المفضل، إلا أننى فوجئت بغضب زوجى وهو يتنقل بعينيه بين الأطباق، قبل أن يسألني: «أين أطباق المخلل والباذنجان المملح والجبن القديمة؟»، وأجبته أننى لم أفضل وضعها لأن الأبناء يتناولون منها الكثير وهى خطر على صحتهم، فى ظل عدم تحكمهم وتقديرهم لمخاطرها، فيتناولون منها الكثير، واكتفيت بالسلطات بديلا عنها.

شيماء مكاوي

لم يقتنع زوجى وقام من فوره إلى الثلاجة فأحضر الأطباق التى سأل عنها، وبدأ فى تناولها مع الطعام بشراهة شديدة.. بعد الانتهاء من تناول الطعام بساعات قليلة وجدته يشعر بالتعب الشديد ويمسك برأسه لأنه يعانى صداعا، أسرعت إلى جهاز قياس ضغط الدم، وبعد قياسه له، وجدته مرتفعا للغاية، وبالطبع لاحقته بوصلة من اللوم على تناوله المملحات، ولكنه لم يهتم لما أقوله، مؤكدا أن الإنسان لا يمكن أن يستغنى عن تلك الأطعمة التى تفتح الشهية.

آلاف الوفيات

بعد قليل، بينما كنت أطالع أحد المواقع الإلكترونية، قرأت فيه دراسة مفاداها «أن الاستهلاك المفرط للملح فى أوروبا هو السبب الرئيسى لوفاة 10 آلاف شخص يوميا بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية».

انتابنى القلق على زوجي، فسارعت بالتواصل مع د. محمد عفيفي، استشارى التغذية وعلوم الأطعمة بالمعهد القومى للتغذية، الذى أكد أن من أخطر أضرار الملح هو ارتفاع ضغط الدم، إذ تعمل عضلة القلب بجهد أكبر عندما يرتفع الضغط، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بتصلب الشرايين وأمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الكلى، قبل أن يتابع: «وغالبًا ما يرتبط ارتفاع ضغط الدم بمرضى دهون الدم والكوليسترول ومرضى السكري، وقد يزيد ضغط الدم لديهم غير المنضبط من خطر الإصابة بمرض السكري، وأمراض الكلى والقلب».

أهمية النشاط

وتعمل زيادة النشاط الرياضي، على تحسين ضغط الدم، ومحاولة فقدان الوزن والوصول إلى الوزن الطبيعي، كما أوصى د. محمد عفيفي، مؤكدا أهمية الالتزام بتناول الأدوية فى حالة وصفها من جانب الطبيب المختص إذا استمر ارتفاع ضغط الدم، مع التقليل من الصوديوم (ملح) والدهون، والإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم، وتجنب مصادر الملح وخصوصا المخللات وغيرها والأسماك المملحة والأغذية المصنعة والمعلبة والمحفوظة.

و أكد ضرورة تجنب إضافة الملح إلى المائدة، مستطردا: «وعند شراء الأطعمة المعدة سابقا لابد من قراءة الحقائق الغذائية على العبوات للتأكد من كمية الصوديوم، وتناول الخضراوات والفاكهة الغنية بالبوتاسيوم لمعالجة الصوديوم ومن أغناها الموز، واستخدام التوابل والأعشاب بديلا عن المرق المصنع والشوربة الجاهزة، عدم تناول الطعام خارج المنزل، أيضا عدم تناول المقرمشات والمياه الغازية قدر المستطاع، شرب كمية كافية من الماء وعدم تناول مدرات البول مثل الكافيين وغيره.

عنصر مهم ولكن

لم أكتف بما حدثنى به د. محمد، وهاتفت د. مصطفى البحيري، استشارى التغذية العلاجية والسمنة، لعله يقدم لى المزيد من المعلومات، فقال لي: «ملح الطعام لا يمكن الاستغناء عنه فى نظامنا الغذائى اليومى وهو بالفعل عنصر مهم للحفاظ على توازن المعادن فى الجسم وأجسامنا تحتاج إليه فهو يساعد على الحفاظ على كثافة العظام والدورة الدموية المنتظمة»، كاشفا أن الملح الذى نستخدمه فى إعداد الطعام هو فى الأساس مزيج من المواد الكيميائية المعالجة، التى تمر بمراحل إنتاجية عدة قبل وصولها إلى مائدة الطعام، مما يؤثر على طبيعة المعادن الموجودة بالملح وقيمتها، وتسبب أضرارا خطيرة.

واستطرد حديثه قائلا: «هناك بعض المواد المضادة للتكتل تضاف إلى الملح خلال التصنيع، حيث تحتوى بعض هذه العوامل على الألومنيوم، الذى يحتمل أن يكون مسرطنا وقد يتراكم فى الدماغ مما يؤدى إلى الإصابة بأمراض عصبية مثل مرض ألزهايمر».

فقد المعادن المهمة

 ويتعرض الملح الخام خلال تصنيعه إلى التسخين على درجة حرارة تصل إلى 1200 درجة فهرنهايت مما يعرضه إلى فقد نسبة كبيرة من المعادن المهمة الموجودة به كما يضاف إلى الملح مواد كيميائية اصطناعية ومواد حافظة يمكن أن تصبح سامة مع كثرة استهلاكه، كما يلون الملح بمبيضات لجعل لونه أبيض، يضر الإكثار من تناول الملح بتوازن السوائل فى الجسم، بحسب د. مصطفى البحيري، إذ لا يستطيع الإنسان التخلص من نسبة الصوديوم الزائدة، وبالتالى احتباس الماء مما يؤدى إلى زيادة السوائل فى الأنسجة إلى الإصابة بالكثير من الأمراض مثل النقرس وحصى الكلى وحصوات المرارة والتهاب المفاصل والروماتيزم، كما يسبب ملح الطعام الإدمان نتيجة لتناوله فترات طويلة، موضحا أن من أهم مخاطر ملح الطعام ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والتورم وتقلصات العضلات.

الغدة الدرقية

وأوضح أن إضافة اليود إلى ملح الطعام كطريقة سهلة وغير مكلفة للوقاية من خطر قصور الغدة الدرقية، إلا أنه قد يعرض الصحة لخطر زيادة نسبة اليود فى الجسم وهو له أضرار، متابعا: «من المعروف أن الملح يحتوى على حوالى 40% من تكوينه صوديوم وعند استهلاك كمية كبيرة من الملح تزداد نسبة الصوديوم فى الدم ما يسبب سحب الماء من الجسم إلى الأوعية الدموية وزيادة تدفق الدم مما يؤدى ارتفاع ضغط الدم إلى زيادة تمدد جدران الأوعية الدموية، وتتراكم الترسبات داخلها التى يمكن أن تمنع تدفق الدم».

 ويؤدى هذا الضغط الإضافى، كما ذكر د. البحيري، إلى إجهاد القلب من خلال إجباره على العمل بمجهود أكبر لضخ الدم، حسبما وصف طبيب التغذية العلاجية، كما تؤدى الأطعمة المالحة غالبا إلى زيادة الشعور بالعطش وكثير من الناس يروون عطشهم بالمشروبات المليئة بالسعرات الحرارية، حيث تبين أن اتباع نظام غذائى عال الصوديوم قد يؤثر على نشاط الخلايا الدهنية مما يجعلها أكبر، وأيضا يحتفظ الجسم بالمزيد من السوائل ويحبسها عند تناول الكثير من الملح مما يسبب الانتفاخ.

 ونصح د. البحيرى باستبدال ملح الطعام التقليدى بملح خشن أو ملح هيمالايا، إذ يعتبر ملحا طبيعيا لا يمر بأى تغيير كيميائى يؤثر على فوائده.