رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

300 يوم من الإبادة الجماعية

679

فى الوقت الذي يتحدث فيه العالم رافعًا راية الحفاظ على حقوق الإنسان تواصل رصاصات الاحتلال الإسرائيلي اغتيال أرواح الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة والأراضي المحتلة، فى مشهد يعد بمثابة إعلان رسمي لإسقاط شرعية كل المؤسسات والمنظمات الدولية لعجزها عن وقف تلك الحرب البربرية من قِبل الاحتلال.

نقترب الخميس القادم من اليوم الثلاثمائة لأكبر حرب إبادة جماعية فى التاريخ الحديث، يصدر معها شهادة عجز رسمية للعالم، بعد أن صدرت العديد من القرارات بدءًا من الجمعية العامة للأمم المتحدة مرورًا بمجلس الأمن، ثم أكدت محكمة العدل الدولية (أعلى هيئة قضائية فى الأمم المتحدة) خلال جلسة لإعلان رأيها الاستشاري بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، أن استمرار وجود إسرائيل فى الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني وأنها ملزمة بإنهاء وجودها فيها بأسرع وقت ممكن.

على جانب آخر، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يُستقبَل داخل الكونجرس الأمريكي بعاصفة من التصفيق رغم وجود أكثر من 5000 مواطن أمريكي خارج الكونجرس يهتفون بضرورة معاقبته، نتنياهو، على المجازر التي يرتكبها هو وحكومته ضد الشعب الفلسطيني، ليكشف المشهد أن الدوائر السياسية الأمريكية بمعزلٍ عن الحراك الجماهيري ضد السياسة الإسرائيلية المدعومة من البيت الأبيض، كما يؤكد ازدواجية تلك الإدارة فى رؤيتها لحقيقة المشهد.

(1)

كان البنك الدولي فى التقرير الشهري لحجم الأضرار فى قطاع غزة منذ 7 أكتوبر وحتى الشهر الماضي، قد كشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها القطاع حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل ممنهج تدميره بالكامل وقتل سكانه أو الدفع بهم خارج الحدود.

التقرير الذي نشر البنك الدولي طبعته العاشرة كشف زيف حديث العالم والولايات المتحدة الأمريكية عن حقوق الإنسان، لما شهدته تلك البقعة من العالم (قطاع غزة) من انتهاك الاحتلال الاسرائيلي لكل المواثيق الدولية.

المتصفح للتقرير يدرك حجم عمليات الإبادة المنتهجة من قِبل حكومة نتنياهو العنصرية، فالشركة التي استعان بها البنك الدولي لجمع المعلومات حول الأضرار التي تعرض لها القطاع أكدت فى بداية تقريرها أن المعلومات التي جمعتها حصلت عليها من خلال «الشركاء الأرضيين، وبيانات المنظمات غير الحكومية ومنظمات الإغاثة، ورادار الفتحة الاصطناعية (SAR) هو أداة مثبتة على متن أقمار صناعية وضعت فى المدار فى مهمات فضائية تروج لها وكالات مختلفة، مثل Cosmo-SkyMed من وكالة الفضاء الإيطالية (ASI)

و Sentinel-1 التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، والذي يتيح لك الحصول على صور للأرض بشكل مستقل عن الغطاء السحابي وضوء الشمس»؛ والصور الضوئية والأشعة تحت الحمراء عالية الدقة، عند توفرها.

كما أن اليونسكو فى تقرير لها أشارت إلى أنها تحققت، حتى تاريخ 10 يونيو 2024، من تضرر 50 موقعًا منذ 7 أكتوبر 2023، إذ تضرر 11 موقعًا دينيًا و28 مبنى ذي أهمية تاريخية و/أو فنية ومستودعان للممتلكات الثقافية المنقولة و4 صروح أثرية ومتحف واحد و4 مواقع أثرية.

مشيرة إلى أن ذلك تقييمًا أوليًا للأضرار التي لحقت بالممتلكات الثقافية عن بُعد بالاستناد إلى صور الأقمار الصناعية وتحليلها التي يقدمها معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث/مركز الأمم المتحدة المعني بالأقمار الاصطناعية، بسبب استحالة إجراء تقييم ميداني فى ظل الظروف الراهنة.

تقرير البنك الدولي أشار إلى أن جميع القطاعات، باستثناء الزراعة، قد تعرضت لأكثر من 60% من الضرر أو الدمار منذ بداية الصراع.

وتأثرت الزراعة بنسبة تزيد على 44%، ويعد قطاع التراث الثقافى (99.2% متأثرًا) هو الأكثر تأثرًا حاليًا، يليه قطاع التعليم (94.5% متأثرًا).

وتأثر القطاع الصحي بنسبة 93,8%، وتعرضت أكثر من 300 ألف وحدة سكنية لأضرار بلغت نسبتها 41% وأصبح هناك أكثر من مليون و300 ألف فلسطيني بلا مأوى.

وهناك 1,7 مليون نازح فلسطيني يلجأون إلى مرافق الأونروا بما فى ذلك المدارس.

كما تم تدمير 62,4% من شبكة الكهرباء فى القطاع، كما تم تدمير 87% من منشآت قطاع الصناعة والتجارة والخدمات.

وكشف التقرير الذي أعد لصالح البنك الدولي أن معظم محافظة غزة تعرضت، وأجزاء من خان يونس ورفح وشمال غزة ودير البلح، لتأثيرات بنسبة 80% على الأقل (البنية التحتية المتضررة والمدمرة).

وتشير تقارير مجموعة عمل إدارة الموقع (SMWG) إلى نزوح أكثر من مليون شخص من رفح منذ بداية العمليات البرية فى شهر مايو، اعتبارًا من 17 مايو، لا يزال هناك ما يقدر بنحو 60,000 إلى 75,000 شخص فى منطقة المواصي، والتي كانت بمثابة سلة غذاء غزة فتحولت على يد الاحتلال إلى منطقة للمخيمات للنازحين.

 ويذكر التقرير أن النازحين يعيشون داخليًا فى ملاجئ وخيام مؤقتة مزدحمة، ولا توفر لهم سوى حماية محدودة من الحرارة الشديدة، تبلغ المساحة المخصصة للشخص الواحد فى المتوسط 1.5 متر مربع، أي أقل من الحد الأدنى القياسي البالغ بين 3,2 متر إلى 3,5 متر مما يجعلها من أكثر الأماكن اكتظاظًا بالسكان، وهو ما ساهم فى عدم إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة ونقص مرافق الصرف الصحي الفعالة فى انتشار الأمراض المعدية.

(2)

التقرير الذي تجاوزت عدد صفحاته 12 صفحة كشف الكثير من تفاصيل الأوضاع المأساوية فى قطاع غزة لكنه لم يشر إلى أن عدد القتلى من الفلسطينيين بلغ حتى الخميس الماضي 39175 شهيدًا، وارتفعت حصيلة الإصابات إلى 90403 منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

لقد ارتكبت قوات الاحتلال 3 مجازر بحق العائلات فى القطاع، أسفرت عن استشهاد 30، وإصابة 146 آخرين الأربعاء الماضي.

فى ذلك الوقت كان «نتنياهو» يستعرض داخل الكونجرس الأمريكي مجموعة من ادواته لكسب مزيد من التأييد الأمريكي والدعم خلال المرحلة المقبلة فى حرب غزة.

التأييد داخل الكونجرس من قِبل الديمقراطيين والجمهوريين لخطاب نتنياهو يكشف المسار الأحادي للولايات المتحدة الأمريكية بشأن الأوضاع فى الأراضي المحتلة والشرق الأوسط.

قال نتنياهو فى كلمته، «عندما تعمل إسرائيل على منع إيران من الحصول على سلاح نووي، فإن ذلك لا يحمي إسرائيل فحسب، بل «نحن نحميكم»، يقصد أمريكا، إن أعداء إسرائيل هم أعداء أمريكا «ونصرنا سيكون نصركم».

 إنها مجموعة من الكلمات تكشف كيف كان خطاب نتنياهو أمام الكونجرس كاشفًا لحجم الدعم السخي والسريع من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل خلال الفترة الماضية وهو ما كشفه أيضًا قائلاً: «شكرًا للولايات المتحدة على المساعدة العسكرية السخية، والمعلومات الاستخباراتية المهمة».

لقد حاول نتنياهو أثناء كلمته استعراض ما وصفه بإنجازات العملية العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة فقدم نماذج لمقاتليه الذين اصطحبهم معه إلى القاعة لكسب مزيد من التصفيق والتأييد، للحصول على مزيد من الدعم العسكري الأمريكي.

ولم يسأل الكونجرس نتنياهو عن أكثر من 39 ألف قتيل فلسطيني أغلبهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 90 ألف مصاب.

إن زيارة نتنياهو للولايات المتحدة وعمله على كسب تأييد الكونجرس الأمريكي يأتي فى الوقت الذي تسعى فيه حكومته لتوسيع رقعة الصراع فى المنطقة من أجل إطالة أمد الحرب وضمان عدم وصول نتنياهو للمحاكمة.

فى الوقت ذاته عمدت الأدوات الإعلامية المساندة لقوى الشر على نشر جديد بدأته «الجارديان» البريطانية زاعمة أن خريطة عملية التهجير للفلسطينيين خارج فلسطين إلى دول الجوار يجرى العمل عليها، وهو ما تم رفضه تمامًا من قِبل مصر والأردن وفلسطين وأيدتهم كل الدول العربية وحذرت مصر من عواقب هذا المسار.

 وهو ما يشير إلى أن محاولات قوى الشر استمرار الصراع بل وصوله إلى نقطة اللاعودة مستمرة، وهي لا تدرك أن ذلك المسار ستكون عواقبه وخيمة، ولن تحقق نظرية الأمن الإسرائيلي المزعومة.

إن الاستمرار بالعمل على جرجرة المنطقة لمواجهة عسكرية هو أشبه بمن يلعب بالنار وهو لا يدرك عواقب ما يفعل.

إن استمرار إسرائيل فى عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين لن يحقق الأمن لإسرائيل بل سيجعلها فى منطقة ملتهبة ستحترق بنيرانها.

وعلى الإدارة الأمريكية أن تدرك أن المسار الصحيح لحل الأزمة بعد مرور ما يقرب من 300 يوم يبدأ بتنفيذ قرار وقف إطلاق النار الكامل من كلا الجانبين، والوصول إلى اتفاق بشأن تسليم الرهائن والإفراج عن المعتقلين من الفلسطينيين والذي بلغ عددهم أكثر من (9800) بينهم نحو (340) من النساء و680 طفلاً و(91) صحفيًا بحسب بيان هيئة شئون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.

إن حديث نتنياهو أمام الكونجرس عن النصر لم يبنَ على واقع، فاستراتيجية الأرض المحروقة لن تحقق نصرًا لإسرائيل لأن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن أرضه ولن يتركها وسيظل صامدًا عليها.

إن محاولات حكومة نتنياهو لكسب المزيد من الدعم الأمريكي فى حرب الإبادة تلك جعل الإدارة الأمريكية أياديها ملطخة بالدماء، فالأسلحة الأمريكية هي التي استُخدمت لقتل الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين العزّل الأمر الذي يستوجب على أمريكا  الصمت عند الحديث عن حقوق الإنسان، لقد كان تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش» الأمريكية والذي نشرت هنا أجزاء منه الأسبوع الماضي بمثابة  تقديم لنتنياهو، خاصة أن التقرير امتلأ بالكذب والتضليل وتجاهل تمامًا عمليات الدمار التي كشفها تقرير البنك الدولي أو المجازر وعمليات الإبادة الجماعية التي كشفتها أعداد الشهداء والمصابين من الفلسطينيين.

ــــــــــــــــــــــــــــ

…………………………….

الوقود وضبط الأسواق

جاء تحريك أسعار الوقود نهاية الأسبوع الماضي نظرًا لارتفاع أسعار النفط العالمي، وكشفت الحكومة عن ارتفاع حجم الدعم الذي جاء لقطاع الطاقة فى الموازنة الجديدة.

لكن الأمر يتطلب أيضًا من الحكومة العمل على مراقبة وضبط الأسواق حتى لا يستطيع تجار الأزمة جني مزيد من المكاسب على حساب المواطن.