بالطبع لو شاهدت شخصا يتراقص ويغنى فى مأتم، وهناك وجوه من حوله تبدو عليها الأسي، يرد فورًا إلى ذهنك أنه مجنون، رغم اعتقاده أنه يسلك سلوكا سويًا، وما ظنك لو رأيت امرأة تأكل ما لذ وطاب بمفردها أمام مجموعة من الجائعين؟ حينها قد يخطر على بالك أنها تقوم بتعذيبهم، وهو ما حدث بالفعل فى مدينة دمشق عاصمة سوريا، حيث تم الإعلان عن افتتاح فندق لرعاية القطط الأول من نوعه فى سوريا، والفندق لا يستضيف أى قطط سوى التى يجبر أصحابها لبقائها نتيجة سفرهم، ويقدم الفندق جميع أنواع الرعاية لهم، فى مقابل 500 ليرة سورية عن اليوم الواحد، ويدير الفندق زوجان سوريان، وتروى الزوجة عن الدافع خلف فكرة الفندق بقولها إننى منذ فترة سافرت مع زوجى، واضطررنا لترك قططنا الأربع عند صديق، وعقب عودتنا فوجئنا بتوزيع الصديق لهم لدى أشخاص لا نعرفهم، وبعد البحث لم نعثر عليهم وحزنا كثيرًا، لأنهم كانوا بالنسبة لنا كالأبناء، فشرعنا فى تنفيذ هذا المشروع حرصًا على قلق أصحاب القطط عند مغادرتهم البلاد، وكأنها تخبرهم ألا تخافوا عليهم فهم فى أيد أمينة، وأخيرًا نعتذر للأطفال الرضع والصغار الراقدين وسط أنقاض سوريا، الذين لا يجدون الأمان أو الاهتمام، لإشغال كل غرف الفنادق بالقطط.
التدخل السريع:
أن تكون فى نجدة شخص ما فى ورطة دون طلب مساعدته، فهذا أمر يعد فى قمة الإنسانية والرحمة، فلذا لزم هنا تحية تقدير واحترام لصاحب مثل هذه المبادرة وكذلك القائمون عليها وأعضاء فريق التدخل السريع، مع أن الفكرة دخلت حيز التنفيذ فى عام 2015، غير أن ما نرصده من فاعليات الفريق يوما بعد يوم، يدفعنا للمزيد من الثناء وإلقاء الضوء على دورهم الرائد، فى جهدهم الكبير فى كيفية التعامل مع المتشردين ولإقناعهم بمصاحبتهم إلى دور الرعاية، ولذلك كان من الضرورى منح الفريق صلاحيات الضبطية القضائية، وكانت بداية عمل الفريق فى المحافظات الكبرى كالقاهرة والإسكندرية، ثم يتم تعميمه على باقى محافظات الجمهورية، وحصر اهتمامه فى الأول على أطفال الشوارع، إلى أن يشمل الكبار من المتشردين.
والفكرة بدأت من عند الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعي، والفريق يقع تحت إدارتها مباشرة بهدف تجاوز الروتين، وامتدت الفكرة حتى شملت الـ 27 محافظة، وتتم تحركات الفريق بناء على البلاغات أو من خلال رصد الحالات فى الشارع وفى الأماكن العامة، ومن ضمن مهامه الأخرى مراقبة إدارة دور الرعاية وتسجيل سلبياتها، ونجح الفريق فى نقل أكثر من 100 حالة من المتشردين إلى دور الرعاية، وقد تغيرت أحوالهم بشكل أفضل، ونرجو ألا يخبو هذا الحماس ويستمر بقوة، ونأمل على الأمد القريب أن يتضاعف جهدهم للقضاء على ظاهرة التشرد، وأن تتضاعف أعداد فريق الإنقاذ السريع، ونناشد مؤسسات العمل الاجتماعى ورجال الأعمال، التوسع فى إنشاء دور الرعاية وإقامة مشروعات صغيرة وأنشطة صناعية لتستوعب تلك الأيادى بعد تأهيلها، ومن أسباب نجاح الفريق تشكيله من إخصائيين اجتماعيين ونفسيين، فمهمته شاقة وطريقه طويل، فمثلا يوجد 1,8 مليون طفل فى سوق العمل، يعملون سائقى توك توك وعمال نسيج وفى التهريب وغيرها، فهم فى حاجة إلى إنقاذ فوري، وتعد مبادرة الدكتورة غادة والى والعاملين معها تحركا إيجابيا، وخطوة أفضل من البكاء على اللبن المسكوب ونقد سلوك بعض أفراد المجتمع، وعلاج الأزمة ليس فقط بسن المزيد من التشريعات، إنما بابتكار الحلول وتفعيلها، وكما بدأنا بتحية التقدير لفريق التدخل السريع نختم بها.
لا للممنوع فى الأماكن العامة:
السماح بممارسة الجنس فى الأماكن العامة، قرار مثير أصدرته سلطات المدينة المكسيكية «جوار لاجار»، وهى مدينة تقع غرب المكسيك، مع أنها تعتبر من أكثر المدن محافظة على التقاليد، ويعد قرارًا غريبًا على المجتمعات الغربية، وقد اضطرت إلى تعديله بإضافة استثناء على القرار، إلا فى حالة اشتكى طرف ثالث، وجاء نص القرار كالآتي: القيام بعلاقات جنسية أو ارتكاب أفعال فاضحة ذات طبيعة جنسية فى الأماكن العامة، أو فى المحلات المهجورة أو فى داخل السيارات أو فى الأماكن الخاصة الظاهرة للعيان، لا تعتبر جرائم إدارية، إلا فى حالة طلب مواطن تدخل الشرطة، ووجهة نظر السلطات وحيثياتها فى القرار، حتى تركز الشرطة فى مكافحة الجرائم الأخري، وتترك الحرية لمن يمارسون الجنس فى الأماكن العامة، لعدم امتلاكهم مالا يمكنهم الحجز فى فنادق يمارسون فيها علاقاتهم.
فالقانون أو القرار ساوى بين الإنسان المكسيكى فى هذه المدينة والحيوانات فى الممارسة الزوجية بشكل معلن أمام المارة، ولا ينطبق هذا الأمر على كل الحيوانات، وثانيا لا أعتقد أن صدور القرار يهدف لتفرغ الشرطة فى مكافحة الجرائم الأشد خطورة على المجتمع، بل يعكس إشباع رغبة ذاتية داخل صاحب القرار، أو يدل على نهج تريد جهة ما تجريبه لإمكانية تعميمه بعد ذلك، وتتضح خطورة السماح بممارسة الجنس فى الهواء الطلق، فى تسهيل عمليات الاغتصاب والاعتداء على الأطفال، وفى رواج تعاطى المخدرات والإدمان وفى تأصيل انحلال الأسرة، رغم أن الغرب نفسه حدد قوانين لممارسة الدعارة، وخصص أماكن بعينيها لها، لتتيح للشرطة فرصة مراقبتها، ولإجراء فحوص طبية من وقت لآخر على العاملين فيها، وذلك منعا لانتشار الأمراض، ولا يسمح الغرب بممارستها على شواطئ العراة، ووصل الحال لدى العراة أنفسهم فى إحدى المدن السويدية، أن السلطات لم تتركهم للاستجمام بمفردهم على شاطئ المدينة، فسمحوا لمربى الأبقار دخولهم شاطئ العراة فى صيف هذا العام، ومجاورتهم داخل الشاطئ، وجاء قرار السلطات خوفا على الأبقار من النفوق بسبب ارتفاع درجات حرارة الصيف، وليستمتعوا مثل العراة بالهواء المنعش والاستحمام بماء البحر، وندد العراة بشدة على القرار ورفعوا مذكرات الاعتراض إلى المسئولين لحجبه، ولكن حاكم المدينة أصر، حفاظا على الثروة الحيوانية للبلاد، وأنصت فى أذنهم أن تصمتوا وتشكروا السلطات على اكتفائها بالسماح بدخول الأبقار، فكان بمقدورها أن تسمح بمصاحبة الحمير معها.