رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

واجب وطنى تجاه مستشفى الغلابة

1799

لم يسكت الكلام المباح عن مستشفى أطفال الغلابة، فى الصباح وفى المساء يلوذ البسطاء من كل بقاع مصر بأسوارها، طمعًا فى نجاة فلذاتهم من الأمراض العضال، وأملاً فى أن تمس أجسادهم النحيلة عصا أبوالريش السحرية، وأخبرت الكاميرا عن صور لمأساتهم بالأبيض والأسود، ومازالت تحكى عنها الكاميرا بالألوان الطبيعية، تظهر فيها طوابير من الأطفال تحمل على الأكتاف، وأطفال تضمها أحضان ذويهم، وفريق آخر من الأهل يفترشون الرصيف، انتظارًا للزيارة وللاطمئنان على نور العين، ومن بين الصور نرى أبوين يتسولون ثمن كيس دم أو أنبوبة أوكسجين، وتكشف صورة أخرى عن أم تتسول لاستكمال ثمن الدواء لطفلها، ولك أن تتخيل امتلاك هؤلاء لـ 500 جنيه أو لـ 1000 جنيه، يعد بمثابة ثروة تراودهم فى أحلامهم، وفى المقابل يقف الصرح الضخم وملاذهم لشفاء أطفالهم عاجزًا عن توفير العلاج لهم، ودائمًا الحلو لا يكتمل.

ومع إطلالة عرض جوانب الحلو، نجد أولها أنه يمثل المقصد الوحيد لبسطاء مصر ولكثير من أبناء بعض الدول العربية، مثل السودان وليبيا والسعودية، وثانيًا يعد أكبر مستشفى فى الشرق الأوسط خاصة لعلاج الأطفال بالمجان، وثالثًا يتلقى أغلب الحالات الحرجة من عمليات القلب المفتوح والأطفال المرضى بالمخ والأعصاب وغيرها، ولا نغفل علاجه للأورام والفشل الكلوى، ورابعًا يضم نخبة من أطباء قصر العينى تتولى مسئولية العلاج وإجراء العمليات الجراحية، وخامسًا يقدم كل هذا خدمة مجانية مميزة لأكثر من 500 ألف طفل فى العام، ويجرى 15 ألف عملية جراحية سنويًا، وتضم 1300 عيادة متخصصة، وسادسًا يقبع بداخله أكبر مكان من حيث المساحة للعناية المركزة فى مصر، ولا يقتصر دور المستشفى على خدمة العلاج بالمجان، بل تعقد المناقشات العلمية داخل قاعاتها مع أساتذة الطب حول أحدث طرق العلاج، وتجرى التجارب والأبحاث الطبية لتشخيص العلاج بشكل أفضل، وتشاهد مستشفى أبو الريش من الداخل كخلية نحل من فرق للتمريض وإداريين وفنيين، وجميعهم يحملون على عاتقهم شفاء زهور مصر.

وبعد عرض الحلو عن أبو الريش، يأتى الحديث الذى لا ينقطع عن عجزه فى إتمام جماله، بسبب ميزانية المستشفى المحدودة جدًا والتى لا تكفى ربع احتياجاتها، ولديها قوائم انتظار طويلة وخاصة فى العمليات الجراحية المعقدة وفى علاج الأمراض النادرة والمزمنة، ولا يمكنها القضاء عليها وتوفير علاجها فى وقت ضيق، غير عجزها عن توفير العديد من الأدوية والمستلزمات الطبية للأطفال المرضى المقيمين بداخلها، ولذا نجد الأهالى يتسولون شرائها، ولأجل أن يكتمل الحلو، ويستمر فى نجاح أداء واجبه المنوط به، لابد من البحث عن بدائل لتوفير احتياجاته، ولا يقتصر حُلم الصرح الكبير على ذلك، وإنما يتمنى ويسعى لأن يصبح أكبر المستشفيات الجامعية المتخصصة على مستوى العالم فى علاج الأطفال، ويصر على تحقيق هذا الُحلم فى أقصر وقت ممكن.

ولا بديل أمام الجميع سوى مبادرة ولاد الحلال للتبرع لمستشفى أبو الريش، وولاد الحلال تعنى فى تراثنا الشعبى أصحاب النخوة والمروءة، الذين يسارعون فى الخيرات وفى قضاء حوائج الناس، ودعمهم يساند دور الحكومة فى مسيرة هذا الملاذ العملاق للغلابة، والدعوة مقدمة كذلك إلى منظمات المجتمع المدنى ورجال الأعمال، والسؤال: لماذا لا يتبنى عدد من رجال الأعمال القيام بالدعاية عن التبرع للمستشفى؟، مع ضرورة الاعتبار بوضع خطط علمية للحملات الدعائية، بحيث تتكرر بصفة دائمة ولا تقتصر على وقت محدد، ومستشفى أبو الريش لديها حساباتها الخاصة فى عدة بنوك مصرية، وللأسف الشديد يغيب ذكرها وسط زخم الدعاية لجهات خدمية أخرى، وما يدعو إلى الأسى أيضًا أن هيئات ومنظمات المجتمع المدنى تفضل زيارة ودعم نفس تلك الجهات العلاجية، وإنقاذ أطفال مصر واجب إنسانى ووطنى، فهم الثروة الحقيقية لمستقبل مصر.

مبادرة العباسية:
جميل جدًا مبادرة مستشفى العباسية للصحة النفسية، التى أطلقتها لتحسين صورة العاملين فيها أمام المجتمع بعد أن رسخ فى وجدانه بشاعة معاملة المرضى النفسيين بالمستشفى، وبدأت فى بث المبادرة على مواقع التواصل الاجتماعى، وتوضح فيها بالصور وبالفيديوهات حُسن معاملة العاملين بالمستشفى للمرضى، ورغم هذه الصور الطيبة المعلنة مؤخرًا، لا تسكت شكوى أهل المرضى النفسيين عن سوء المعاملة، ومنذ فترة غير بعيدة وجه برلمانى طلب إحاطة، حول الممارسات الخاطئة وغير الآدمية التى تمارس داخل مستشفى العباسية فى حق المرضى، وتساءل عن غياب دور الأجهزة الرقابية، ومن الإنصاف ضرورة توضيح معاناة المستشفى عن مواجهتها عجز فى كادر الأطباء وفى عدد التمريض وعدد العاملين فيها، وبالتبعية تشكو المستشفى من نقص المستلزمات الطبية والأدوية.

وأكرر نفس الدعوة التى عرضتها فى سياق الحديث عن أزمة مستشفى أبو الريش للأطفال، من خلال مبادرة دعم رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى، ولأهمية تفعيل الدعوة أتمنى أن يضع فى الحسبان توزيع أدوار جهود فريق المبادرة طبقًا لأولويات وحجم أداء كل صرح طبى، وأرجو مشاركة جمعيات المجتمع المدنى تحت إشراف وزارتى الصحة والتضامن الاجتماعى، أن تقوم بالدور الرقابى المنظم على أداء مستشفى العباسية للصحة النفسية، لضمان حُسن رعاية المرضى، وفى نفس الوقت أن تسعى تلك الجهات مع الحكومة فى توفير الرعاية اللازمة للمرضى الذين تم شفائهم، مع ضرورة توفير سكن ملائم لهم وفرص عمل، لأن كثير منهم كما ذكروا لا يستطيعون الخروج من المستشفى، وذلك لرفض ذويهم استلامهم، لاعتقادهم الخاطئ أنهم لا يزالون يمثلون خطورة، ولرفض العديد من أفراد المجتمع تقبل عودة المريض النفسى بعد شفائه إلى الاندماج معهم.

طرائف ترامبية:
15 تصريحًا كاذبًا لترامب يوميًا فى عام 2018، هكذا أفاد تقرير لصحيفة واشنطن بوست، إضافة إلى استطلاع للرأى أجرته نفس الصحيفة، رصدت فيه أن أقل من 3 من بين 10 أمريكيين يصدقون تصريحات ترامب المضللة، بشأن قضايا الهجرة وقضية التدخل الروسى.