رئيس التحرير
تابع مقال رئيس التحرير كاملاً “تفتيش الحرب والمسئولية الوطنية”
By mkamalأبريل 23, 2019, 15:05 م
1635
«تمام يا فندم.. قوات قاعدة محمد نجيب العسكرية، جاهزة لتنفيذ أي مهام» بهذه الكلمات أنهى قائد إحدى فرق المشاة الميكانيكا عرضه أمام الرئيس السيسي.
كان العميد أركان حرب واقفاً في زيه العسكري، يحمل «الشدة العسكرية الخفيفة» تشمل (فرشة خفيفة للنوم، وزمزمية ماء، وعلبة للطعام وكشاف يعمل بالبطارية، وبوصلة ميدانية، ونظارة خاصة للوقاية من رمال الصحراء، بالإضافة لوسيلة صغيرة لحفر الخنادق)، وقف في مقدمة طابور الاصطفاف وبعد أن انتهى من استعراض التوجيه الطَبوغرافي لمسرح العمليات، وأعقبه بعرض التوجيه التكتيكي عرض ملخص لتقرير الكفاءة القتالية تضمن الحالة الفنية والإدارية للوحدات المصطفة بعد تطويرها ورفع كفاءتها لدعم قدرتها على تنفيذ المهام القتالية بما يتناسب مع ما يتطلبه مسرح عملياتها ذو الطبيعة الممتدة عبر الحدود الشمالية للبلاد وإمكانية المناورة على جميع الاتجاهات الاستراتيجية.
تفتيش الحرب الذى حضره الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة وشباب مصر من الجامعات والكليات العسكرية والشرطة، وقادة القوات المسلحة حمل رسالة قوية انطلقت من قاعدة محمد نجيب العسكرية يوم الثلاثاء الماضى، مفادها «الدولة المصرية وجيشها العظيم وقيادتها الحكيمة، يدركون حجم المسئولية الوطنية، وهو ما جعل الدولة المصرية عصية على أى محاولة اختطاف أو تقسيم، أو المساس بترابها الوطنى.
(1)
لم تكن تلك هى الرسالة الوحيدة رغم قوتها ولكن رسائل كثيرة جاءت من على شاطئ المتوسط كان منها:
اختيار اسم اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية عقب ثورة يوليو 1952، لأول قاعدة عسكرية مصرية متكاملة، ليؤكد أن الدولة والقيادة المصرية لا تنكر الدور الذى قام به أبناؤها المخلصون وما قدموه من أجل رفعة الوطن.
وجاء اختيار يوليو 2017 لافتتاح القاعدة العسكرية ليتواكب مع احتفالات مصر بثورة يوليو المجيدة. كما كان الاحتفال فى ذلك الوقت بحضور عدد من القادة العرب ليؤكد أن الأمن القومى المصرى هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى، وتصبح عبارة مسافة السكة، واقعا بعد إنشاء القاعدة العسكرية المتكاملة، والأسطولين الشمالى والجنوبى.
كما جاء تفتيش الحرب مواكبا لاستعداد مصر للاحتفال بالذكرى السابعة والثلاثين لتحرير سيناء ليأتى الاحتفال من الغرب حيث قاعدة محمد نجيب، إلى الشرق حيث ذكرى رفع العلم المصرى على مدينة العريش.
يأتى تفتيش الحرب ضمن الإجراءات التى تقوم بها القوات المسلحة بشكل دورى للوقوف على الاستعداد القتالى لها ومدى جاهزيتها فنيا ومعنويا، لتنفيذ أية مهمة تكلف بها.
إنهم درع الوطن وسيفه.. درعه الذى يحمى ويذود عن مقدرات الوطن وترابه، وسيفه البتار ضد أعدائه.
(2)
جاء إنشاء قاعدة محمد نجيب العسكرية ضمن خطة تطوير القوات المسلحة لتصبح أول قاعدة عسكرية متكاملة ضمن التشكيلات التعبوية للمنطقة الشمالية العسكرية وجاء نطاق مسئوليتها فى ظل ما تمتلكه من إمكانيات عسكرية وإدارية يجعلها قادرة على التحرك فى الاتجاه الغربى والشرقى والشمالى والجنوبى وتنفذ المهام القتالية المكلفة بها.
تمتلك قاعدة محمد نجيب 72 ميدانا للتدريب التكتيكى لجميع التخصصات بالإضافة للمنشآت الإدارية؛ مما جعلها من أقوى القواعد العسكرية فى الشرق الأوسط، ومركزا تدريبيا مهما للتدريبات المشتركة مثل التدريب المصرى الأمريكى المشترك النجم الساطع 2017 و2018 والذى شاركت بالأخير 9 دول و14 دولة بصفة مراقب، والتدريب المصرى الروسى (حماة الصداقة)، والتدريب العربى المشترك الأول (درع العرب 1) والذى شاركت فيه 6 دول عربية، والتدريب الجوى المصرى السعودى – فيصل، والتدريب المشترك لدول الساحل والصحراء نهاية العام الماضى والذى عقد لأول مرة فى مصر.
والتدريب المصرى البريطانى الأول (أحمس 1) والتدريب المشترك المصرى اليونانى القبرصى (ميدوزا – 6).
(3)
خلال عرض التوجيه الطبوغرافى وشبكة الطرق التى تصل إليها قوات التشكيل التعبوى فى وقت يجعلها تتوافق مع ما تحدث عنه الرئيس من قبل على قدرة القوات المسلحة على الانتشار على جميع حدود الوطن خلال 6 ساعات وتنفيذ المهام المكلفة بها؛ يجعلنا نرفع القبعة لعناصر الشرطة العسكرية؛ التى نجحت باقتدار فى فتح الطرق والمحاور المختلفة من أجل وصول القوات إلى أرض الاصطفاف بسهولة ويسر وتأمين تحركاتها.
فتستطيع أن تصل إلى الحدود الغربية من خلال الطريق العرضى الإسكندرية مطروح السلوم، وتستطيع أن تصل إلى أى نقطة على حدود مصر من خلال شبكة الطرق الطولية والعرضية.
إنه التخطيط الدقيق من أجل تحقيق الهدف (حماية الوطن).
كما أن عرض التوجيه التكتيكى، واستعراضه لحجم القوات المشاركة فى الاصطفاف من الأسلحة المختلفة، (البحرية، الجوية، الدفاع الجوي، المدفعية، الصاعقة، المظلات، المشاة الميكانيكا، التدخل السريع، المدرعات، العناصر الإدارية، والعناصر الهندسية)؛ يدل على الاحترافية التى تتمتع بها القوات المسلحة المصرية، سواء على مستوى تحرك قواتها وسرية التحرك، بالإضافة إلى دقة التنسيق بين الأفرع والأسلحة المختلفة. رسالة مهمة حملها التوجيه التكتيكى للقوات.
(4)
لقد جاء حضور الرئيس لاصطفاف وتفتيش الحرب ورفع الكفاءة القتالية لقاعدة محمد نجيب العسكرية رسالة مهمة لكل من تسول له نفسه أو يتوهم أن الظروف التى تعيشها المنطقة الآن من توترات (الجزائر، ليبيا، السودان) يجعل من الممكن إعادة إنتاج سيناريو 2011 بشكل جديد.
فرغم عدم استقرار الأوضاع فى عدد من دول الجوار، إلا أن مصر استطاعت خلال السنوات الست الماضية أن تبنى قوة عسكرية قادرة على حماية أمنها القومى المصرى والعربى، بما تمتلكه من قوات تعمل باحترافية عالية ويشهد لها العالم بذلك، فقد استطاعت الانتصار فى معركة (الإرهاب) وما زالت كبرى دول العالم لم تنجح فيها.
إن ما شهدناه وشهده العالم معنا يوم الثلاثاء الماضى فى قاعدة محمد نجيب العسكرية يدل على مدى جاهزية القوات المسلحة، وقدرتها على تنفيذ المهام لحماية التراب الوطنى مهما كلفها من تضحيات وهو ما جاء على لسان اللواء على عادل العشماوى قائد المنطقة الشمالية العسكرية «مستعدين للذود بالروح والدم لتبقى راية الوطن عالية خفاقة، إن مصر قد اختارت طريق السلام وجعلته خيارها الاستراتيجى الأول إيماناً منها إلى ضرورة حل النزاعات والخلافات بالطرق السلمية والسير قدمًا نحو البناء والتعمير والاستقرار الذى تنشده الشعوب كافة على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم وأن دعاة الحروب لا يجنى أصحابها سوى الخراب والدمار والتشريد وأن هذا السلام الذى اخترناه بإرادتنا لابد له من قوة تحميه وتصونه وتفرضه على أرض الواقع، موجهًا التحية لأبطالنا المرابطين فى سيناء وتحية لأرواح شهدائنا الأبرار الذين جادوا بالغالى والنفيس ليصونوا للوطن عزته وكرامته».
(5)
وإذا كان أبطال القوات المسلحة يقومون بمهامهم فى حماية الوطن والحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربى، متسلحين بعقيدتهم الثابتة «النصر أو الشهادة» فهذا يجعلنا نحن جموع الشعب المصرى أمام مسئولية وطنية يجب ألا نتخلى عنها.
وإذا كان أبناؤنا لم يتخلوا عن مهمتهم، فعلينا ألا نتخلى عن مهمتنا، فى ظل أحداث تضرب باستقرار المنطقة، ومحاولات من قبل قوى الشر وأدواتهم للانقضاض على الدول الوطنية، وتخريبها، وتحويلها إلى أشلاء متناثرة.
إننا فى هذه الأيام علينا أن نكون على قدر جاهزية أبنائنا من القوات المسلحة والشرطة الذين انتشروا فى ربوع مصر لتأمين اللجان الانتخابية من أجل حفظ الأمن والاستقرار خلال الاستفتاء على تعديل مواد الدستور.
إنه بمثابة رسم لخارطة مستقبل الوطن، فى ظل الإنجاز الذى حققه المصريون خلال السنوات الخمس الأخيرة.
إن المشاركة فى الاستفتاء يجعل قرار المصريين بأيديهم، ويؤكد للعالم أن الشعب المصرى هو من يحدد خطوات الحاضر وطريق المستقبل.
وإذا كان تفتيش الحرب للقوات الموجودة فى قاعدة محمد نجيب أكد جاهزيتها للذود عن التراب الوطنى، فإن علينا أن نذود عن وطننا وندافع عن قرارنا بالمشاركة فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية الحالية.
فالأوطان تبنيها الشعوب والشعب المصرى شعب عظيم؛ لم يكن يوما سوى بانى حضارة ومعلم للبشرية، وحامل لمشاعل النور.
إن المشاركة فى الاستفتاء ليست مجرد تصويتا «بنعم أو لا» وإنما قرار، ومسئولية، نتخذه لنحدد الطريق لسفينة الوطن خلال الفترة القادمة.
إن ما تحقق على أرض مصر من إنجازات، وما قدمه الأبطال من تضحيات، ودماء وأرواح لشهدائنا الأبرار، يستوجب علينا ألا نفرط فى الأمانة التى طوقوا بها أعناقنا (الحفاظ على الوطن).