كتب : إبراهيم رضوان
تصوير : محمد بدوى
شم النسيم، أقدم عيد شعبى فى التاريخ، يفتخر به المصريون باعتباره عيد خاص بمصر بغض النظر عن عقائدهم الدينية وانتقلت مظاهر كتيره من احتفال المصريين بعيد شم النسيم لمناطق أخرى في العالم ، وما أن تدخل منطقة العطارين التاريخية بالأسكندرية، حتى تستنشق الهواء المعبأ بروائح الفسيخ والرنجة والملوحة والسردين، حيث تنتشر أشهر محال بيع الفسيخ وأقدمها وبعضها مضى عليه 200 سنة في هذه التجارة التي تزدهر هذه الأيام بسبب أعياد شم النسيم .
«أكتوبر» التقت بـ«عبده فهمي»، والشهير بـ«سي عبده»، صاحب أقدم محل لبيع الفسيخ بالإسكندرية، ويشهد دائما إقبالا كبيرا عليه من جانب المواطنين والأجانب، حيث أكد أن المحل تم إنشاؤه منذ 200 عام، وأنه ورث الصنعة أبًا عن جد، مضيفا: «نحن ثالث جيل في المحل وصناعة الأسماك المملحة قائمة في أساسها على التوريث، ونحن نورثها جيلًا وراء جيل، رغم أننا جميعًا لدينا مهن أخرى، فأبناؤنا أطباء ومهندسون، إلا أن الجميع يتقن الصنعة».
وأضاف عبده فهمى أنه خبير في الاستزراع السمكي، وقام بتمثيل مصر في الولايات المتحدة في مجال تربية الأسماك عام 1984، لأنه يصدر الفسيخ إلى الدول العربية، وأن المحل يعد الوحيد الذي حصل على الشهادة التقديرية في مصر».
بزنس الفسيخ
أشار فهمي، إلى أن بزنس الفسيخ يدور حول مبلغ 50 مليون جنيه في عموم مصر كلها خلال يوم واحد فقط هو يوم شم النسيم، وان من أشهر مراكز بيع الفسيخ في مصر كفر الشيخ والبحيرة والإسكندرية التي تعد مدرسة قائمة بذاتها نظرا لعراقتها .
وقال «سي عبده» إن الفسيخ بصفة عامة يعتمد على سمكة البوري والعائلة البورية، وتبدأ العملية من معاينة المزرعة السمكية والتأكد من صلاحية المياه والطعام المقدم للأسماك وشراء السمك بأحجام من 1 – 3 كيلو جرام، ونقله إلى المعمل الخاص بنا ثم تمليحه بدرجات متفاوتة وتخزينه بالبراميل الخشبية، تمهيدا لبيعة بعد عدة أيام. ومن أشهر زبائن المحل يقول «سي عبده» أن المحل كان يتردد عليه الشيخ محمد متولي الشعراوي، وكذلك كبار الفنانين مثل أم كلثوم، وشكوكو، ومحمد الكحلاوي، ورجال الثورة، كما يتردد عليه الآن العديد من الفنانين مثل مصطفي قمر وغيره من الفنانين، ولاعبي الكرة والعديد من القيادات بالدولة.
صناعة كاملة
وحول صناعة الأسماك قال « لا نعتمد في صنعتنا على شراء الأسماك من الخارج، بل لدينا مزارعنا الخاصة، حتى نطمئن من أن مصدر السمك يكون موثوقًا فيه ومَربى تحت أعيننا، مضيفا أن المصريين أصبحوا خبراء في زراعة الأسماك وأن مشروع بركة غليون للاستزراع السمكي سيجعل السمك في متناول الجميع، مؤكدا أن مقولة «الفسيخ سمك معفن» مقولة خاطئة، ونتيجة فهم قاصر، ولكنه سمك مملح وهي صناعة كاملة وتجارة الأسماك المملحة قائمة على صناعة عالمية يشتهر بها العديد من الدول أبرزها اليونان وايطاليا واسبانيا ولكن فى مصر لها مذاق خاص.
تورتة الفسيخ
وعن استعدادهم لـ «شم النسيم»، أوضح أن هناك أنواعًا من الأكلات الجديدة ولأول مرة مثل «الفسيخ السنجاري المخلي» و«سلطة الرنجة» وهي عبارة عن كرفس وبقدونس ورنجة وبطارخ الرنجة والكافيار الروسي الأحمر والأسود، كما تم ابتكار «تورتة سلطة الفسيخ» وهم متفوقون في صناعتها، وهي عبارة عن قطع صغيرة من الفسيخ «مكعبات» مع البصل والطحينة وزيت الزيتون مع الكافيار الأحمر والأسود مع البطارخ الأصلية البلدي مع توابل فلفل أسود وشطة بالإضافة لخلطة سرية أخري تضاف عليها.
وعن أسعار الفسيخ والرنجة، قال سي عبده: «لا أتأثر من زيادة الأسعار لكوني لدى مزارع سمكية وأماكن وعمال للتصنيع، فهذا العام سعر الفسيخ يبدأ من 70 جنيه للكيلو ويصل إلى 130 جنيها، وتزيد إلى 240 جنيهًا في مناطق أخرى، أما الرنجة فيبدأ سعرها من 30 جنيه للكيلو وحتى 60 جنيهًا، أما الكافيار الروسي فيصل سعرها 90 جنيهًا للعبوة الواحدة، بينما يبلغ سعر البطارخ البلدي إلى 500 جنيه للكيلو.
الفسيخ الحلو
أما عن نوعية الزبائن فيقول صاحب أقدم محل لبيع الفسيخ والرنجة بالإسكندرية: «أبيع لكل الجنسيات، وأحيانا أصدر للدول العربية، وهناك إقبال كبير على الفسيخ المصري لمذاقه الخاص، مشيرا إلى أن الفسيخ لايسبب التسمم بسبب طريقة التخزين، ولكن بسبب طريقة التمليح، وتم معالجة هذا الأمر، وينصح محبي الفسيخ من أصحاب الضغط العالي بشراء الفسيخ الحلو قبل التمليح والإكثار من تناول الماء والبصل في ذلك اليوم.
المصري القديم
أما الأثري أحمد عبد الفتاح فقال: «شم النسيم أو عيد شم النسيم عيد مصرى قديم من حوالى 2700 قبل الميلاد، يعنى عمره اكثر من 4700 سنه وشم النسيم مشتقة من كلمة «شمو» بلغة المصريين القدماء .
وأشار إلى أن: «عيد شم النسيم عند المصريين يعلن بداية الحياه لأن المصريين القدماء يرون ان الربيع بداية الحياة «حيث الزهور تتفتح فى الربيع والزرع يخرج من الأرض».
وأضاف: «احتفال الفراعنة بعيد شم النسيم بنفس الطريقة الموجودة، فكانوا يأكلون البيض الملون والفسيخ والسردين والبصل والخس، وكل شيء يرمز لرمز محدد فالبيض رمز خروج الحياة، لأن الكتكوت يخرج من جماد، والفسيخ او السمك المملح عموما كان تعبير من المصرى القديم عن حبه للنيل (لأن السمك من النيل) والبصل كان رمزًا للحياة عند المصريين القدماء، وكان يعلق على الجدران في بيوتهم، والخس كان اسمه (عيب) بالهيروغليفى وكان من النباتات المقدسه، والاحتفال بشم النسيم عند المصرى القديم يوم واحد عبارة عن مهرجان شعبى يبدأ مع طلوع شمس اليوم، وكان يقضيه المصريون فى الحدائق وعلى شط النيل.