كتب : يوسف رفعت
يخطئ من يظن أن أيًا من أطراف صفقة القرن خاسر، فهناك أمور لا تقاس بالأموال، هى أشياء لا تشترى، فالزمالك حصل على توقيع عبد الله السعيد، أهم لاعب فى الأهلى، الفترة الحالية، فى مكايدة لم تحدث من قبل بين القطبين، رغم إعلان القلعة الحمراء تجديد عقد اللاعب فإنها لن تستفيد منه إلا ماديًا فقط، خصوصًا بعد تجميده وعرضه للبيع أو الإعارة فور تمديد العقد مباشرة.
البيت الأبيض فاز معنويًا على غريمه التقليدى الأهلى، بعد تجميد أولاد صالح سليم لصفقة القرن، ليفقد نادى المبادئ صانع ألعابه الوحيد، بعدما خسر عبد الله مكانه فى الجزيرة، رغم التجديد، وذلك لعدم وجود بديل له، لاعتماد حسام البدرى، المدير الفنى للأحمر، عليه، والتضحية بأكثر من لاعب مميز فى مركزه، أمثال أحمد حمدى لاعب الفريق الصاعد، بجانب صالح جمعة وإعارته للسعودية، بجانب إعارة عمرو بركات، الذى لم يحصل على فرصته، رغم أنه جاء للمشاركة فى نفس مركز السعيد.
كذلك صورة عبد الله السعيد التى عرضها المستشار مرتضى منصور، رئيس الزمالك، فى مؤتمره الصحفى، أثبتت بما لا يدعو مجالًا للشك أن أى لاعب فى الأهلى قريب جدًا من ميت عقبة، بعدما وقع اللاعب العقد وموافقته على الشرط الجزائى الذى وصل لـ100 مليون جنيه، بخلاف تقاضيه لـ40 مليون جنيه مقدم تعاقد، وكان سيحصل على 5 ملايين جنيه فى كل موسم.
وأيضًا من دلائل مكاسب الزمالك فى صفقة القرن، أن الأهلى تنازل عن مبادئه لبعض الوقت، خوفًا من انتقال اللاعب للأبيض، لما تمثله من نقطة سوداء فى تاريخ محمود الخطيب، رئيس نادى القرن، خصوصا بعد موافقته على كل شروط ومطالب اللاعب المادية، دون النظر لقيم النادى، بجانب أن التجديد لـ»المنبوذ» بهذه المبالغ كفيل بإحداث أزمة فى صفوف الفريق الأحمر، خصوصًا اللاعبين الكبار، وهو أمر لم يحدث قط.
لم تنته مكاسب الزمالك فى صفقة القرن عند هذا الحد، بل تعدت لأكثرمن ذلك، فبات إيقاف السعيد قريبًا، إذا أرادت ميت عقبة ذلك، لتوقيع لاعب المنتخب الوطنى لأكثر من ناد، رغم تأكيد المستشار إمكانية التنازل عن شكوى اللاعب لعدة اعتبارات، فى مقدمتها بأن اللاعب تعرض للضغط من مسئولى الأهلى والإجبار على التجديد، بالإضافة إلى الهجوم الشرس الذى تعرض له اللاعب من جماهير الأهلى، مؤكدًا أنه التمس العذر للاعب خوفًا على حياته، لأن حياة السعيد أفضل من 100 عقد.
فإذا أراد الزمالك شكوى اللاعب وإيقافه، فسيقدم العقود التى وقع عليها السعيد مع النادى الأبيض إلى اتحاد الكرة، خصوصا بعدما كشف منصور عن توقيعه على النسخ الأربعة للعقد، بالإضافة إلى وجود شرط جزائى بعقده، وتوقيعه على استمارة رغبة للعب فى ميت عقبة، وفى هذه الحالة يتعرض عبد الله لعقوبة الإيقاف، باعتباره وقع لناديين، ومخالفة قواعد الاتحاد الدولى لكرة القدم الفيفا.
وفى حالة عدم شكوى اللاعب لاتحاد الكرة، فإن الزمالك كسبان فى صفقة القرن، عندما يسترد مقدم تعاقده البالغ 40 مليون جنيه، وهو ما أكده هانى زادة، عضو مجلس الإدارة، الذى أوضح أن هناك تفاوضًا لحل الأزمة، وسيخرج الزمالك فائزًا بعودة أمواله وبأكثر مما يتوقع الكثير.
وبالنسبة للأهلى، فحافظ بيبو على قيم ومبادئ وهيبة النادى الأهلى، بعدم خضوعه لابتزاز عبد الله السعيد أو غيره من اللاعبين، عندما جعله عبرة لمن تسول له نفسه محاولة فرض شروطه على نادى القرن، وأيضًا الحفاظ على استقرار الفريق وإخماد فتنة كبيرة كانت ستحدث لو تمت الموافقة على طلبات السعيد المالية، والأهم تفويت الفرصة على المنافس للفوز ولو بشىء معنوى على حساب الجزيرة، وماديًا يحصل الأحمر على مقابل كبير من وراء بيع السعيد للخليج، بعدما أصبح اللاعب ملكًا للنادى، وتفويت فرصة رحيله مجانًا.
أما اللاعب، فلن يخرج بخفى حنين، فكان يحلم بفرصة للاحتراف لتأمين مستقبله كما يردد البعض، وها قد حدث، وعرضه الأهلى للبيع أو الإعارة، حتى بدأت العروض تتهافت على السعيد للحصول على خدماته، وستزيد قيمة اللاعب بعد مشاركته مع المنتخب فى معسكر سويسرا استعدادًا لكأس العالم فى يونيو المقبل، فيضع اللاعب أملًا كبيرًا فى أن تألقه فى روسيا يغفر له خطيئته عند جماهير الأهلى، وأيضًا يعلم السعيد جيدًا أن لعامل الوقت كبير الأثر لنسيان الماضى وطى هذه الصفحة، فلا يوجد أسرع من الوقت للنسيان، والأمثلة عديدة، فشعبية التوأم حسام وإبراهيم حسن كبيرة حتى الآن بين جماهير كرة القدم، ومكانته تزداد يومًا بعد يوم عند الجمهور رغم الانتقال من الأهلى للزمالك وتحقيق بطولات لميت عقبة على حساب الجزيرة، كذلك عصام الحضرى حارس المنتخب الأول خير دليل على ذلك بعد هروبه إلى سويسرا، ورغم وجود شرخ فالحياة لا تزال قائمة ومستمرة ولن تعود للخلف.