ما يدعو للحيرة والتساؤل هو: أين الريف المصرى من هذه الارتفاعات التى نشهدها فى الأسعار؟.. وكيف تحدث ارتفاعات فى أسعار الدواجن والبيض وبعض الخضراوات ونحن بلد زراعى؟

فالمفروض أن الريف المصرى بطبيعته منتج ومربى للدواجن والطيور بمختلف أشكالها وللعجول والبيض والأجبان بجانب الزراعة.. وأن دوره هو إغراق الأسواق بهذه المنتجات من خضروات وفواكه ولحوم بيضاء وحمراء وبيض وألبان وأجبان وسمن وغيرها التى تجلعنا لا نتأثر أو نشعر بهذه الارتفاعات فى الأسعار.

ولكن ما نشهده من ارتفاعات – شبه يومية – لأسعار الدواجن والبيض وبعض الخضروات ما هو إلا دلالة على أن الريف المصرى لم يعد منتجًا كما كان فى الماضى وأنه أصبح مستهلكًا – هو الآخر – مثل سكان المدن والحضر مما أفقدنا حائط الصد الذى كنا نستند عليه ونحتمى به من أى ارتفاعات للأسعار.

فالريف المصرى حتى منتصف الثمانينات كان محققا للاكتفاء الذاتى فى كل شىء.. بدءًا من الخضروات والفواكه إلى اللحوم بمختلف أشكالها البيضاء والحمراء وكذلك البيض وانتهاءً بالألبان ومنتجاتها من الأجبان والسمن البلدى وغيرها، لذلك كنا – وقتها – لا نشعر بأى اهتزازات فى الأسواق أو نقص فى الغذاء ولا بارتفاعات الأسعار المفاجئة.. فى حين كان العالم يئن من نقص الغذاء وارتفاعات الأسعار، ألا نحن فى مصر لأن الريف المصرى كان قائمًا بدوره فى سد الفجوة الغذائية من محاصيل زراعية ولحوم بيضاء وحمراء وبيض وألبان وغيرها.. وحتى البيوت المصرية كان لها دور مكمل هى الأخرى فى تربية الدواجن بالبلكونات وأسطح المنازل التى كانت توفر لهم احتياجاتهم من اللحوم البيضاء والبيض دون أن تكلف الأسر شيئا، حيث كانت تتغذى على فضلات البيوت من طعام وغيره، لذلك كنا لا نتأثر بأى ارتفاعات للأسعار.

ولو كان هذا متوفرًا فى هذه الأيام لما كنا قد شعرنا بهذه الارتفاعات العالمية فى الأسعار ولا بما يحدثه الدولار من ارتفاعات فى الأسعار نتيجة لزيادة سعر الفائدة له التى تفتعلها أمريكا.. ولا من ارتفاعات أسعار الأعلاف وغيرها.

إننا فى أشد الحاجة لعودة الريف المصرى لسابق عهده ليكون منتجًا مثل ما كان قبل منتصف الثمانينات؛ ليكون حائط الصد لنا من أى اهتزازات أو نقص فى الغذاء أو ارتفاعات فى الأسعار.. إذا كنا نريد التحكم والسيطرة على ارتفاعات الأسعار مستقبلاً.. وعلى الدولة أن تقدم التسهيلات ومنح الامتيازات لعودة الريف منتجا مرة أخرى لأنه سيكون بمثابة الأمن الغذائى لنا من أى تقلبات فى الأسعار.