https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

لا عزاء للمواطن البسيط.. مافيا “الخدمات العقارية” تتاجر بأراضى الإسكان

1727

فى الوقت الذى تحاول فيه وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، توفير أراضى سكنية للراغبين فى بناء مسكن خاص، يسعى سماسرة وتجار الأراضى للاستحواذ عليها، على الرغم من قيام وزارة الإسكان وضع شروط وضوابط وأنظمة جديدة للتقديم إلا أنها تواجه بأساليب مقننة للتحايل والاستحواذ على هذه الأراضى بطرق سنحاول كشفها من خلال شهادات أحد العاملين بمكتب عقارات وعدد من الضحايا.

عمر البدري

قديما كانت وزارة الإسكان تقوم بطرح أراضى تحت مسمى “أراضى إسكان اجتماعي”، وذلك عن طريق قرعة علنية يقوم بها بنك الإسكان والتعمير، وكانت عملية الطرح تتم وفق شروط معلنة ومدونة فى كراسة الشروط، وكان التقديم قاصرا على من يثبت إقامته بالمدينة التى بها طرح أراضي، وكان التحايل على ذلك من خلال تحويل محل الإقامة، والمشكلة التى كانت تواجه الراغبين فى حجز الأراضي، هو عدم وجود جدية الحجز، الأمر الذى يدفع مكاتب العقارات للاستفادة باسمه فقط دون أن يدفع مليما واحدا وفى حالة الفوز يحصل على القيمة المالية المتفق عليها وتصل القيمة إلى عشرات الآلاف من الجنيهات.

 من جانبها، رأت وزارة الإسكان ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية هذا النوع من الطرح مخترق من قبل مكاتب وتجار العقارات واضطرت إلى أن تلغى عملية الطرح تماما، خاصة بعد اكتشاف هيئة المجتمعات أن الأراضى يتم تداولها للبيع بنظام “الأوفر”، ولا تحدث أى عمليات بناء أو حتى تغيير معالم الأراضى التى تم تخصيصها.

نظام الطرح الجديد

وقد انتهجت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية أساليب جديدة لطرح الأراضي، وأضافت محاور جديدة للأراضى منها الأراضى الأكثر تميزا، والأراضى المميزة، وأراضى بيت الوطن للعاملين بالخارج، والأراضى المتوسطة، والتى تعد بديلا لأراضى الإسكان الاجتماعي، وفيما يخص الأراضى الأكثر تميزا وأراضى بيت الوطن، اشترطت هيئة المجتمعات العمرانية أن يكون الدفع بالدولار والأولوية لأكبر قيمة مالية مدفوعة من إجمالى كامل الثمن، وأن يكون الدفع من الخارج، أما الأراضى المميزة فالأولوية بأسبقية الحجز، وفيما يخص الأراضى المتوسطة فرأت الهيئة أن يكون الحجز إليكترونيا عبر موقع “مسكن”، والأولوية لمن يسدد كامل الثمن.

ضوابط الإسكان

وعلى الرغم من كل هذه الشروط وهذه الإجراءات اعتبرتها وزارة الإسكان ضوابط لمنع المتاجرة فى أراضى المواطنين، إلا أن الإقبال كان كبيرا على مختلف الشرائح، الأمر الذى دفع الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، للتأكيد على أن هذا الإقبال يُعد أكبر دليل على نجاح توجه الدولة، ممثلة فى وزارة الإسكان، لتنمية المدن الجديدة، التى تسهم فى استيعاب الزيادة السكانية، وتوفير الفرص الاستثمارية وفرص العمل، وتحقيق جودة الحياة للمواطن المصري.

نفع واستنفع

ولم يقف أصحاب مكاتب العقارات والسماسرة عاجزين أمام أساليب وطرق طرح وحجز الأراضى للاستحواذ على أكبر نسبة وحتى لا يقف نشاطهم المعهود فى تجارة الأراضي، فقاموا بإيجاد حلول وحيل للاتفاق حول شروط وضوابط الإسكان الرامية إلى منع الاتجار بأراضى المواطنين، ووضعت خطة لكل مستوى من مستويات الأراضي، ونجحت بالفعل حيل أصحاب مكاتب العقارات وتمكنوا من الاستحواذ على أكبر عدد من الأراضى رافعين شعار “نفع واستنفع”.

حيل الاستيلاء على بيت الوطن

وفى إطار سعى وزارة الإسكان والمرافق، ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لتوفير قطع أراضى للمصريين بالخارج، داخل المدن الجديدة، أعلنت وزارة الإسكان، أكثر من مرة طرح قطع أراضى جديدة بأماكن مميزة، بمشروع “بيت الوطن”، للمصريين فى الخارج، على أن يختص الطرح فقط بالمصريين فى الخارج، أى لا يمكن للمصريين داخل مصر، الحصول على قطعة أرض، ضمن القطع المطروحة، سواء السكنية، أو قطع أراضى المقابر، أو الفيلات السكنية، وذلك فى إطار خطة وزارة الإسكان والمرافق، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لتوفير قطع أراضى عدة للمصريين بالخارج الراغبين فى الحصول على قطعة أرض داخل وطنهم الأم، وجاء من ضمن الشروط  ألا يقل عمر المتقدم للحجز عن 21 عاما، وأن يكون المتقدم لحجز قطعة أرض لديه الجنسية المصرية والالتزام باللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

 وبدورهم لم يقف أصحاب المكاتب العقارية مكتوفى الأيدى أمام هذه الشروط، وقاموا بوضع خطط ووسائل للحصول على أكبر قدر من هذه الأراضى أول هذه الخطط وأهمها طرق التواصل السريع مع المصريين بالخارج، وذلك من خلال “جروبات” خاصة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى أو من خلال أقاربهم الموجودين فى الخارج وعلاقاتهم بأصدقائهم، وقامت مكاتب العقارات بعمل إعلانات مماثلة لما أعلنت عنه وزارة الإسكان وأوضحت خلالها كيفية مساعدة عملائها فى الحصول على الأراضى وبيعها بنظام “الأوفر”، الذى قد يصل لـ2 مليون جنيه أو أكثر للقطعة الواحدة حسب موقعها ونسبة تميزها.

أسبقية الحجز

وكشف أحد ضحايا عمليات النصب تلك أنه من ضمن أطروحات هيئة المجتمعات العمرانية تخصيص أراضى بنظام أسبقية الحجز “أون لاين”، من خلال موقع الحجز الإلكترونى لبنك التعمير والإسكان، وفى هذه الحالة تتوقف عملية الفوز بقطعة أرض لمن يختارها أولا ويتوقف ذلك على سرعة “الإنترنت”، بدورها تقوم مكاتب الخدمات العقارية بالإعلان عن قدرتها على التقديم للعملاء من خلال إنترنت فائق السرعة وكانت مكاتب الخدمات العقارية تحجز قاعات يتوافر فيها خدمة إنترنت عالى السرعة، وكان ذلك فى “مدينتي”، أو القرية الذكية، ليست هذه الحيلة الوحيدة، ولكن الحيلة الأكبر تتم من خلال مكاتب وشركات سمسرة فى الدول العربية، حيث يتم الاتفاق معها على التقديم والحجز وقد يصل المقابل فى حالة الفوز إلى 50 ألف جنيه للقطعة الواحدة. هذه الطريقة أيضا تستخدم فى حالة ما إذا رغبت هيئة المجتمعات العمرانية فى أن يكون الدفع بـ”الدولار”، يقوم أيضا مندوبو مكاتب الخدمات العقارية أو من خلال وسطاء من “المصريين بالخارج”، بتدبير قيمة الحجز بالدولار، مقابل الحصول على نسبة كبيرة من “الأوفر”.

“مسكن” أون لاين

كما أوضح ضحية أخرى أن الطريقة الجديدة لحجز أراضى الإسكان التى طرحتها الوزارة مؤخرا يتم التقدم لها عبر موقع “مَسكن”  الإلكتروني، وهى الطريقة التى تسببت فى إرباك الراغبين فى الحصول على قطعة أرض ومن ثم فتحت بابا جديدا لتربح مكاتب الخدمات العقارية والمتاجرة بالأراضى على عكس ما كانت تتوقع وزارة الإسكان، البداية كانت عندما تم الإعلان عن طريقة جديدة لحجز أراضى الإسكان الاجتماعى المخصصة للأفراد بالمدن الجديدة فى 3 أنواع “الإسكان المتوسط، الإسكان المتميز، الإسكان الأكثر تميزا”، ولذلك، وقررت وزارة الإسكان تغيير طريقة الحجز فى نظام الطرح الدائم، وفقا لآلية التخصيص الفوري، حيث يكون الحجز فى الطرح الجديد على موقع “مَسكن” الإلكتروني، وهو موقع جديد لحجز أراضى الأفراد.

وهذه الطريقة عكس ما كانت من قبل، حيث كانت الطريقة القديمة لحجز أراضى الإسكان الاجتماعى تبدأ بطرح كراسات الشروط على الموقع الإلكتروني، ثم يبدأ المتقدمون فى سداد جدية الحجز، ثم تخصيص فترة محددة للحجز الإلكترونى بالأسبقية.

وفى العام الماضى 2022 قامت هيئة المجتمعات العمرانية بطرح عدد كبير من الأراضي، حيث شمل الطرح 305 قطع أرض، موزعة على المحاور الإسكانية المختلفة، وتم توزيعهم كالآتى 143 قطعة أرض فى محور الأراضى الأكثر تميزاً بمدن “القاهرة الجديدة، مدينة 15 مايو، مدينة بدر، أسيوط الجديدة، والمنصورة الجديدة”، و 104 قطع أراض أخرى فى محور الأراضى المميزة بالمدن التالية “السادات، الصالحية الجديدة، وبرج العرب الجديدة”، و 58 قطعة أرض بمحور الأراضى المتوسطة فى بمدينتى ” لنوبارية الجديدة، والعاشر من رمضان”.

التخصيص الفوري

وفى هذا العام 2023 ، أعلن الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، عن بدء الطرح الثانى للتخصيص الفوري، لقطع الأراضى السكنية الصغيرة بجميع مستوياتها للأفراد “مَسكن”، بنظام الطرح الدائم، وكان هدف الوزارة أيضا القضاء على ظاهرة سمسرة الأراضي، وأوضح وزير الإسكان وقتها، أن الطرح يأتى فى ضوء موافقة مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، على الإتاحة الدائمة لقطع الأراضى السكنية الصغيرة بجميع مستوياتها، للحجز الفورى من خلال الهيئة، وبالفعل تم عرض قطع الأراضى السكنية المتاحة بالطرح الثاني، ضمن آلية الطرح الدائم لقطع الأراضي، وذلك من خلال الموقع الإلكترونى المخصص للحجز (https://reserve.newcities.gov.eg)، بداية من صباح اليوم الخميس الموافق 16/3/2022.

بدون سباق الفرصة المستحيلة

الوزارة بدورها أوضحت أن الطرح يأتى بهدف توفير قطع الأراضى للمواطنين الراغبين فى بناء مسكنهم الخاص، وذلك بشكل دائم ومُيسر، وبدون أية أسبقية سواء (للدخول للموقع، أو تحويل جدية الحجز، أو حجز قطعة الأرض)، وشمل الطرح الثانى 481 قطعة أرض، موزعة على المحاور الإسكانية المختلفة كالتالي، 56 قطعة أرض بمحور الأراضى الأكثر تميزاً بمدينتى “القاهرة الجديدة – 6 أكتوبر”، بجانب 146 قطعة أرض بمحور الأراضى المميزة، بمدن “الشروق – 6 أكتوبر – حدائق أكتوبر – العبور – العاشر من رمضان”، بالإضافة إلى 279 قطعة أرض بمحور الأراضى المتوسطة، بمدن “بدر – السادات – الفيوم الجديدة – المنيا الجديدة”.

مكاتب حجز طريق الوصول للعملاء

وقد فتحت الطريقة التى انتهجتها وزارة الإسكان فى حجز الأراضى الباب أمام مكاتب العقارات لتخصيص أماكن أو مكاتب للحجز وذلك لعدم قدرة كثير من الراغبين فى التعامل مع خطوات الحجز، والتى اعتمدت على قيام المتقدم فى الحجز إنشاء حساب جديد على الموقع الإلكترونى الخاص بحجز الأراضي، وإدخال البيانات الشخصية المطلوبة، وهى عبارة عن “الرقم القومي، الاسم من واقع بطاقة الرقم القومي، البريد الإلكتروني، رقم المحمول، العنوان الحالي”، بعدها تأتى خطوة اختيار المحور والمدينة المراد الحجز بها واختيار الموقع، ثم الضغط على كلمة تفاصيل،  تظهر بعدها قائمة بجميع قطع الأراضى المتاحة ” كروكيات – جدول تفصيلي”.

الدفع بالدولار يفتح الباب للسمسرة

وكشف أحد العاملين بمكتب عقارات أنه بعد عملية الحجز التى من بينها “إدراج عملة السداد لباقى ثمن الأرض بالنسبة لقطع الأراضى الأكثر تميزا، إدراج نسبة الاستكمال لباقى ثمن الأرض لمحاور قطع الأراضى المميزة والمتوسطة، وفى حالة التزاحم على قطعة الأرض الواحدة بمحور قطع الأراضى الأكثر تميزا، يتم الرجوع إلى عملة السداد والتى تفضل أن تكون بالدولار، وهذا الشرط لا أحد يقدر على تنفيذه سوى تجار الأراضى أو العاملين بالخارج، حيث تعطى أفضلية للسداد بالدولار الأمريكي، تحويلاً من الخارج أو من الداخل، ولكن بشرط مرور 60 يوما على إيداعه بالبنك وهذا الشرط أيضا لم يكن متاحا عند أعلب المواطنين وفى حال رغبة المواطن الحجز تستدرجه المكاتب العقارية لمشاركته فى قطعة الأرض على أن يكون المواطن شريكا باسمه، وتحويل المبلغ المطلوب من الجنيه المصرى إلى الدولار.

التزاحم يعيد القرعة العلنية

بعد ذلك يتم الرجوع قطع الأراضى المميزة والمتوسطة إلى أعلى نسبة استكمال لباقى ثمن قطعة الأرض، وفى حالة التساوى سيتم الاحتكام إلى القرعة العلنية بين الحاجزين، ولن يسمح للحاجزين تعديل الرغبة، أو تعديل أى من عملة السداد، أو نسبة استكمال ثمن الأرض، بعد الحجز وسداد قيمة الجدية المحددة لكل محور.

كامل الثمن الشرط المستحيل

واشترطت وزارة الإسكان فى طرحها للأراضى المتوسطة التى هى بديل أراضى الإسكان الاجتماعى أن تكون الأولوية لمن يسدد 100%، وهذا عكس ما كان يتم فى أراضى الإسكان الاجتماعى هذا الشرط لم يمنع الراغبين فى التقدم لحجز الأراضي، بعد أن عرضت عليهم مكاتب الخدمات العقارية عرضا مربحا وهو الدخول معهم مناصفة بمعنى أن تقوم المكاتب بدفع كامل الثمن مقابل الحصول على نصف الأوفر أو شراء الأرض لصالحهم وبهذه الطريقة نجحت مكاتب الخدمات العقارية أو بمعنى أصح السماسرة فى الاستمرار بالمتاجرة فى أراضى المواطنين ويظل المواطن الذى لديه رغبة أكيده فى بناء مسكن محروم من ذلك.