رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

كيف أجهضت 30 يونيو مشاريع تفكيك الأجهزة الأمنية ؟

87

عشرات المخططات والأهداف التي تم التجهيز لتطبيقها خلال مرحلة حكم الإخوان وتصدرهم للمشهد السياسي داخل مصر والمنطقة العربية، أجهضتها ثورة

 30 يونيو 2013، وعلى رأسها محاولات تفكيك المنظومة العسكرية والأمنية المصرية، واستبدالها بكيانات موالية لمكتب الإرشاد، واختراق المؤسسات السيادية والاستيلاء على وثائق وأسرار الأمن القومي المصري، وتسليمها لتركيا وقطر، بهدف تركيع الدولة المصرية لخدمة المشروع الإخواني العثماني بقيادة التنظيم الدولي.

عمرو فاروق

وفقًا لما كشفته صحيفة «التايمز» البريطانية حول لقاءات قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيرانى حينها، مع مسؤولين من جماعة الإخوان فى عدة أماكن، من بينها مدينة نصر ومنطقة التجمع، بغية تكوين جهازَيْن أمني واستخباري خاصَّيْن بالإخوان، يكونان منفصلَيْن عن أجهزة الدولة فى مصر، فضلا عن التفاصيل التي نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة للحرس الإيراني، وأدلي بها المساعد الخاص لرئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية آنذاك أمير حسين عبد اللهيان،  فى فبراير 2020، مبينة استعانة جماعة الإخوان بالحرس الثوري فى تشكيل كيان أمني إخواني يدين بالولاء للتنظيم لتعزيز قبضتهم على السلطة.

 وفى 24 يناير عام 2016، أكد رئيس لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان بالقاهرة المستشار عزت خميس، أنه عثر على مستندات بمقر جماعة الإخوان تفيد بإنشاء كيان أمني يحمي مشروعها، ويدين لها بالولاء، ليكون بديلاً عن الأجهزة الأمنية التي فشلت فى تطويعها لأهدافها الخاصة التي لا تعترف بضروريات الأمن القومي المصري.

عملية اقتحام مقرات جهاز «أمن الدولة» فى مارس 2011، فى وقت واحد، كانت منظمة جداً، ويغلفها حالة ثأرية انتقامية تهدف إلى كسر هيبة الجهاز الأمني وقياداته أمام الرأي العام، وكذلك محو الملفات والأسرار المتعلقة بنشاط جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي، وضمان عدم توظيفها أو التلاعب بها حال سيطرتهم على الدولة.

لم يكن يتوقع اللواء محمد حنفي، رئيس وحدة متابعة النشاط الديني المتطرف، أنه سيتلقى مكالمة على التليفون الأرضي داخل مكتبه بمقر جهاز «أمن الدولة»، من نائب مرشد الإخوان، خيرت الشاطر (المنوط بعملية التفكيك)، يخبره فيها بقرار إحالته للتقاعد ضمن 35 قيادة أمنية، من بينهم اللواء أحمد شعبان، نائب رئيس جهاز أمن الدولة، والمسؤول الأول عن متابعة نشاط العناصر التكفيرية فى الخارج.

في يوم 29 يوليو 2013، أصدر اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية حينها، قرارًا بعودة القيادات المحالة إلى التقاعد لمقر عملهم، وتفويض اللواء محمد حنفي، بمهام متابعة النشاط الديني، فى ظل التغييرات السياسية التي أجهضت مشروع التنظيم الدولي، عقب قرارات 3 يوليو 2013.

كانت عملية تفكيك وإحلال الأجهزة الأمنية المصرية، على قائمة أهداف التنظيم ومفاوضاته مع الإدارة الأمريكية، بناء على ما ورد فى برقية صادرة فى 21 يناير  2011،  من ضابط الاتصال بالسفارة الأمريكية بالقاهرة، إلى إدارة الـ CIA، تفيد اجتماعه بقيادات «الإخوان» بالقاهرة، وعرضهم مطالب تحقق أهدافهم، على رأسها، إعادة هيكلة وتركيب مفاصل المؤسسات العسكرية والأمنية، بما يتلاءم مع توجهات المرحلة الجديدة، وفقًا للوثائق التي أوردها الباحث والمترجم توحيد مجدي، فى كتابه «مؤامرات الإخوان».

وفى ظهر يوم 19 يناير 2011، أرسل ضابط المخابرات الأمريكية بالقاهرة، برقية إلى إدارة الـCIA، أخبرهم فيها بلقائه بمجموعة من قيادات الإخوان، طالبوا فيها بتحقيق 7 مطالب للحفاظ على المصالح الأمريكية فى مصر.

كانت المطالب الـ7، هي:

 أولاً: ضرورة تنحي مبارك عن الحكم نهائيًا، وعدم طرح أي بديل آخر من النظام السابق.

 ثانياً: تشكيل «حكومة إنقاذ» برئاسة الإخوان.

ثالثاً: احتفاظ الإخوان فى «حكومة الإنقاذ» بمناصب وزير العدل، ووزير الدفاع، ووزير الداخلية.

رابعاً: الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، على أن تشرف المنظمات الأمريكية على إجراء الانتخابات.

خامساً: حل مجلسي الشعب والشورى.

سادساً: تعديل دستور 71، خاصة المواد 75،76،77،88.

سابعاً: الاحتفاظ بنسبة 51% من مقاعد البرلمان، ليمثلوا حزب الأغلبية، ويتاح لهم فرصة تشكيل الحكومة الجديدة بالكامل.

وهناك برقية أخرى صادرة فى مساء 21 يناير2011،  من ضابط الاتصال بالقاهرة، إلى إدارة الـ CIA، تفيد اجتماعه بقيادات الإخوان بالقاهرة، وأنهم عرضوا بعض المطالب الجديدة التي ستحقق أهدافهم، وهي: أولًا: ضرورة هيكلة المؤسسات العسكرية.

ثانيًا: تفكيك جهاز الشرطة المصرية، وإعادة تركيبه وفقًا لما يتواءم مع مشروع الإخوان خلال المرحلة الجديدة.

ثالثًا: ضرورة الاستعانة بعناصر من الحرس الثوري الإيرانى فى بناء منظومة أمنية وعسكرية جديدة موالية لمكتب الإرشاد.

رابعًا: ضرورة السيطرة على جهاز المخابرات العامة، واقتحام مكاتبه، والحصول على مختلف الأسرار المتعلقة بشؤون الدولة المصرية ومختلف القضايا فى الداخل والخارج.

كانت الأجهزة الأمنية والسيادية، فى قلب «المواجهة المباشرة» أمام الجماعات الإرهابية، إذ لعب دوراً فاعلاً فى حماية الأمن الداخلي، وتعرية الجماعات الأصولية المتشددة فى الداخل المصري، وإسقاط النقاب عن أسرارها وتفاصيلها الداخلية على المستوى الفكري والدعوي، والتنظيمي والسياسي، فى ظل دورها الوظيفي المنوط به، فى مراقبة وتتبع نشاط التيارات الإسلاموية بتنوعاتها المتعددة والمتأرجحة فى ميولها الفكرية على المستوى الأيديولوجي والاستراتيجي.

الروايات سابقة التصنيع فى المحافل السرية لتيارات الإسلام السياسي، أحاطت الأجهزة الأمنية والسيادية بفيض من «الشائعات»، التي اعتبرت أسلوبها فى التعامل مع الحركات الأصولية انحرافاً عن النهج القويم، ووضعتها فى دائرة الانتهاكات الإنسانية، بغية تشويه صورتها النمطية، وإدانتها أمام الرأي العام، وعرقلة تعاطيها فى التعامل مع ملفاتها ومخططاتها داخلياً وخارجياً.

العلاقة التاريخية الممتدة بين ضباط الأجهزة الأمنية وأفراد الجماعات الأصولية، ترتكز فى الأساس على الصراع النفسي، قبل ارتباطها بالبعد الفكري والتنظيمي، وفرضية هيمنة التنازع الوجودي فى العمق المجتمعي، إذ تحكم المؤسسات الأمنية،عقيدة وطنية، مرتبطة بالحفاظ على التراب  المصري، دون الإرتباط بأية مشاريع سياسية، ووضع الأخطاء «الفردية» فى إطار التعميم يمثل ظلماً وإهداراً لمسيرتها فى حقبها الزمنية المتعددة، وتاريخها المعاصر.