رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

الجنيه وخفض الفائدة

439

حاتم فاروق

الهبوط التدريجى الذى يشهده الدولار الأمريكى أمام الجنيه المصرى، خلال الأسابيع القليلة الماضية، ليس فقط بسبب المؤشرات الإيجابية، التى يسجلها الاقتصاد الكلى فى مصر خلال الشهور الأخيرة، وإنما جاء كنتيجة طبيعية لزيادة التدفقات النقدية العالمية من الدولار  للاستثمار فى الاقتصاد المصرى، سواء من خلال الاستثمار المباشر بالمشاريع الوطنية، أو ارتفاع حصيلة الاستحواذات الأجنبية بالسوق المصرى، أو حتى الاستثمار الدولى فى أذون الخزانة المصرية.

 الزيادة الملحوظة فى التدفقات النقدية الدولارية المتجهة للسوق المصرى، جاءت بفعل تخوفات الاستثمارات العالمية من قرار البنك الفيدرالي الأمريكى المرتقب لخفض سعر الفائدة على الدولار للمرة الأولى منذ سنوات خلال اجتماعه يوم 18 سبتمبر الجاري، ما جعلها تهرب من الأسواق العالمية، تجنبا من الخسائر التى يمكن أن تتكبدها فى حال استمرار رحلة تراجع أسعار الفائدة على الدولار، والتى من المتوقع أن تستمر بعدما نجح «الفيدرالى الأمريكى» فى الوصول بالتضخم إلى المعدلات المستهدفة.

 التوقعات تشير إلى اتجاه الفيدرالى الأمريكى إلى اتخاذ قرار الخفض المرتقب خلال اجتماعه المقبل بنحو 25 نقطة أساس قبل المضي قدمًا فى خطط خفض الفائدة على مراحل، وهو ما اعتبره البعض من خبراء الاقتصاد والمال تدعيما لموقف الحزب الديمقراطى ومرشحته كمالا هاريس فى الانتخابات الرئاسية، فى الوقت الذى أعرب فيه المرشح الجمهورى دونالد ترامب، عن رفضه التام لقرار خفض أسعار الفائدة على العملة الأمريكية قبل الانتهاء من إجراء الانتخابات الرئاسية، مؤكدًا أن اتخاذ مثل هذا القرار فى هذا التوقيت ما هو إلا دعم للمرشحة الديمقراطية دون النظر لمصالح الاقتصاد الأمريكي حول العالم.

 السياسة النقدية فى مصر لابد أن تواكب مثل هذه القرار المرتقب بالنظر إلى أسعار الفائدة بالسوق المصرى، مع وضع المكاسب التي حققها الجنيه المصرى أمام الدولار فى الحسبان، وبناء خط دفاع قوى فى السياسة النقدية لمواجهة تداعيات أى هروب للأموال الساخنة من مصر، أو استفادة تلك الأموال من سعر الفائدة العالية فى السوق المصرى.

 إلى جانب ذلك، ضرورة وضع معدلات التضخم فى ميزان السياسة النقدية حتى لا يتأثر محدودى الدخل من التراجع المتوقع لأسعار الفائدة خلال المرحلة المقبلة، فضلاً عن السعي نحو التوسع فى إقامة المشاريع التى تخلق فرص عمل جديدة، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات المباشرة خصوصا فى قطاعات الصناعة والسياحة والعقارات، حمى الله مصر وشعبها العظيم.