رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

فضائيات ترفع شعار «الهوا هوايا»

196

«أزمة هدير» تكشف بيزنس بيع القنوات لساعات البث المباشر دو ن قيود

سارة رفعت

فتحت أزمة البلوجر هدير عبد الرازق واستضافتها فى برنامج شاي بالياسمين على قناة النهار وما أثارته الحلقة من هجوم كبير من كافة الخبراء والمتخصصين على هذه الحلقة، ملف دكاكين الهواء وبيزنس فضائيات الهواء، وركوب التريند على المحتوى والمضمون، من خلال قيام عدد من القنوات بتأجير ساعات الهواء الأمر الذي سمح لظهور كائنات غريبة على شاشات الفضائيات ودخولها بيوت الملايين من المشاهدين بكل أفكارها السيئة التي تهز قيم المجتمع وتحدث خللا فى الجسم الصلب المكون من موروث ثقافي وفكري وديني، ضاربة عرض الحائط بالمضمون ويكون التركيز على الإثارة لتحقيق المشاهدات، ودستور هذه القنوات التريند، وشعارها «الهوا هوايا»، دون الالتزام بالأكواد التي وضعها المجلس الأعلى للإعلام.

لم تكن كارثة البلوجر هدير عبد الرازق أول الكوارث بل سبقها كارثة أخرى مع الطبيب العالمي مجدي يعقوب على فضائية الحدث اليوم، فى برنامج “الحياة أحلى”، بسبب فبركة مكالمة مع الدكتور مجدي يعقوب، وعقب نشر الفيديو على صفحات القناة الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي تداوله المتابعين ساخرين مما حدث.

 بخلاف قيام قنوات أخرى مجهولة بتأجير ساعات البث لعدد من المعالجين ومدعى العلاج بالأعشاب وأصحاب مراكز تجميل ومحامين وأصحاب سوابق للظهور على الشاشات، فجني الفلوس هم هذه القنوات التي تعوض غياب الإعلانات بهذه البرامج، فضلا عن تحقيق الشهرة لأصحاب هذه البرامج ، والخاسر هو المشاهد.

جوانب خفية

البداية مع الأزمة التي أثارتها قناة النهار باستضافتها البلوجر هدير عبد الرازق صاحبة فضيحة الفيلم الإباحي المنتشر على اليوتوب، حيث ظهرت هدير فى برنامج “شاي بالياسمين”، مع المذيعة ياسمين الخطيب ، وخلال المقابلة انهارت وبدأت تبكي، كاشفة عن جوانب خفية من حياتها، وشاركت بعض المواقف الغريبة التي واجهتها بسبب الفيديو؛ تحدثت البلوجر هدير عبد الرازق عن تفاصيل اكتشافها للفيديو المسرب، قائلة إنها كانت نائمة واستيقظت على صراخ فى المنزل، حيث تعرض والدها للإغماء، وعندما استفسرت عن السبب، اكتشفت أنهم قد شاهدوا فيديو جنسي مسرب لها. وأوضحت أن الشخص الذي يظهر معها فى المقطع هو طليقها، ولم تعرف من يقف وراء تسريب الفيديو.

وأوضحت أنها تلقت اتصالًا من والد طليقها ليتواصل مع والدها بشأن إجراء بث مباشر على منصات التواصل الاجتماعي، يظهرا فيه لتوضيح الموقف وإظهار وثيقة الزواج والطلاق. لكن زوجها لم يوافق على ذلك وطلب منها تقديم توضيحات فقط. وأضافت أنها حاولت الانتحار ثلاث مرات بعد تلك الحادثة، وارتدت النقاب لفترة طويلة خوفًا من مواجهة الناس فى الشوارع.

وأحدثت الحلقة ردود فعل غاضبة عبر منصات التواصل، حيث اعتبرها كثيرون بمثابة «منح الفرصة لبلوجر مدانة أخلاقيا بالدفاع عن نفسها وتبرير مواقفها الصادمة

اعتذار رسمي

وأصدرت مجموعة قنوات «النهار» بيانا تعتذر فيه رسميا إلى مشاهديها عقب بث حلقة من برنامج «شاي بالياسمين» الذي تقدمه الإعلامية ياسمين الخطيب حيث حملت الحلقة عنوان «هدير عبد الرازق.. مذنبة أم ضحية» والتي تناولت قصة مقاطع مصورة «مخلة» ظهرت فيها البلوجر قبل أسابيع، حيث أكدت وقتها أنه تم تسريب المقاطع من علاقة زوجية شرعية.

وأضافت مجموعة قنوات النهار أنها فتحت تحقيقا فى نشر محتوى الحلقة، مؤكدة تمسكها بالقيم والعادات باعتباره النهج الذي تسير عليه منذ بدايتها، كما لفت البيان إلى حذف هذا المحتوى من جميع منصات القناة فى الفضاء الإلكتروني.

ميثاق الشرف الإعلامي

من جانبه أصدر الدكتور طارق سعده نقيب الإعلاميين قرارا بإيقاف ياسمين الخطيب واستدعائها للتحقيق معها.

وجاء قرار نقيب الإعلاميين استنادا على مخالفة المذيعة ياسمين الخطيب لميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني.

وكان المرصد الإعلامي التابع لنقابة الإعلاميين قد رصد خروقات مهنية فى برنامج (شاي بالياسمين) المذاع على قناة النهار، تقديم ياسمين الخطيب .

ولم تكن هذه هي السابقة الأولى للخطيب فقد تم إيقافها قبل ذلك لممارستها النشاط الإعلامي بالمخالفة للقانون وعدم تقنين أوضاعها مع النقابة.

هذا وشدد نقيب الإعلاميين على الإعلاميين ضرورة الإلتزام بميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني لتقديم رسالة إعلامية مهنية وهادفة لرفع درجات الوعي لدى المواطنين .

وفى سياق تداعيات الأزمة، تقدم صبرة القاسمي، المحامي بالنقض، ببلاغ إلى النائب المصري العام المستشار محمد شوقي، ضد ياسمين الخطيب، متهما إياها بـ «المشاركة فى التحريض على الفسق والفجور من خلال تبرير الأعمال المنافية للآداب والتحريض عليها بشكل مباشر وغير مباشر»، على حد تعبير البلاغ.

وفي أول رد فعل لها على تلك الضجة الكبرى، اعتذرت الإعلامية ياسمين الخطيب، مؤكدة أنه لم يكن هدفها وفريق برنامجها إثارة الجدل، إنما لفت النظر إلى ظاهرة مرفوضة مجتمعياً -رغم رواجها- وهي نجومية فتيات التيك توك، المرتكزة على الابتذال والإثارة، على حد تعبيرها.

وأضافت فى بيان أنها لم تستضف هدير عبد الرازق بصفتها «نجمة»، لافتة إلى أنها أرادت إبراز ندم هدير على أفعالها السابقة.

 التخطيط الإعلامي

وعلقت الدكتورة منى الحديدي عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أنه من المعروف فى التخطيط الإعلامي ما يسمي ب «البرامج المكفولة» التي يتحمل تكلفة إنتاجها جهة أخرى، وتكون فى شكل برامج مسابقات، أو حوارية للإعلان عن منتج أو مركز متخصص وغيره، وتقوم بها لأنها لا تستطيع سد نفقاتها، حيث إنه ليس لديها الموارد الكافية للبقاء.

وكل قناة تحدد معايير وضوابط تلك البرامج المدفوعة أو المكفولة، وذلك بالاتفاق مع المنتج الذي يشتري الهواء على الشكل والمضمون، بحيث يتم الإعلان بشكل غير مباشر ومن خلال وقت زمني على مرات محددة.

أما ما يحدث من بيع الهواء بدون معرفة كافية عن تفاصيل المعلن والمنتج فهو استخدام عشوائي غير معمول به فى القنوات الكبيرة والمحترمة والتي لها مصداقية عند المشاهد، فهذه الأمور نجدها فى قنوات «بير السلم» على حد وصفها، وهذا غير مشروع على الإطلاق، بعكس البرامج محددة المضمون التي تتبع معايير محددة وتحترم المشاهد.

وعن دور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى مواجهة هذه الظاهرة، قالت منى الحديدي، هو ضبط وتنظيم المشهد الإعلامي، ويتم التعامل مع أي إخلاء بمواثيق الشرف الإعلامية ومحاسبة القناة بشرط معرفة أصحابها والقائمين عليها، أو عندما تقدم شكوى لتقديمها معلومات خاطئة.

وأكدت أن الأعلى للإعلام، يستمر فى متابعته لهذا الملف لأننا بحاجة لإعلام قوى يقف بجوار الدولة ويعود المواطن المصري يتابع عن كثب برامجه التي تناقش مواضيع تهم المواطن وتبتعد عن السطحية والضيوف غير المؤهلين، خاصة ونحن نعاني من قنوات أصبح شغلها الشاغل بيع الهواء فقط بعيد عن المحتوى

وكان قد أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قرارا بشأن تنظيم تأجير الوقت ونقل ملكيته فى القنوات الفضائية، وألزم القرار المؤسسات الإعلامية الراغبة فى تأجير أو منح أو نقل ملكية أو التنازل عن جزء من وقت بث الوسيلة الإعلامية التي لغيرها التقدم بطلب إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لأخذ موافقته قبل ذلك.

وأكد المجلس خلال قراره على أن تتم الموافقة بقرار من رئيس المجلس، وأن عدم البت فى الطلب خلال مدة أقصاها سبعة أيام عمل من تاريخ قيده بسكرتارية رئيس المجلس بمثابة موافقة.

تأجير الهواء

وفي ذات السياق، أعرب الإعلامي أيمن عدلي رئيس لجنة التدريب والتثقيف بنقابة الإعلاميين عن بالغ قلقه إزاء ظاهرة «تأجير الهواء والبرامج» على القنوات الفضائية، والتي باتت تنتشر بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تحمل فى طياتها العديد من المخاطر التي تمس بمصداقية الإعلام ودوره الوطني.

وقال إن السماح لأشخاص أو جهات غير مؤهلة بتأجير وقت الهواء والظهور على الشاشات دون إشراف مهني دقيق يعرض المشاهدين لمحتوى غير احترافي، وفي بعض الأحيان مضلل، موضحا أن الإعلام ليس مجرد منصة للإعلانات أو الترويج، بل هو أداة للتنوير والتوعية وتعزيز القيم المجتمعية، ومن هنا تكمن خطورة تحويله إلى مساحة للإيجار دون رقابة.

وأكد «عدلي» أن هذه الظاهرة تضر بشكل مباشر بمصداقية الإعلاميين المحترفين الذين قضوا سنوات فى بناء الثقة مع جمهورهم.

 التمييز بين محتوى مدفوع يفتقر إلى المصداقية وآخر مبني على قواعد مهنية صارمة أصبح غامضاً للمشاهد العادي، مما يؤدي إلى تآكل الثقة فى المؤسسات الإعلامية ككل.

وشدد «عدلي» على أن مثل هذه الممارسات تسهم فى تفشي خطاب الإثارة والتشهير دون معايير، حيث تكون الأولوية للمكاسب المالية على حساب القيم المهنية، بالاضافة الى أنها تؤدي إلى ظهور برامج ومحتويات تشجع على السطحية وترويج معلومات غير دقيقة أو حتى ضارة بالمجتمع.

ودعا «رئيس لجنة التدريب والتثقيف بنقابة الإعلاميين» كافة المؤسسات الإعلامية إلى تحمل مسؤولياتها والالتزام بالمعايير المهنية المعمول بها، وعدم السماح بتحويل منصات الإعلام إلى ساحات للإيجار التجاري البحت، مطالبا أيضًا بتشديد الرقابة على هذه الممارسات، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه أي قناة فضائية تسهم فى تشويه صورة الإعلام من خلال تأجير الهواء لمن لا يملكون الكفاءة أو الخبرة اللازمة.

قنوات درجة تانية

الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز يؤكد أن تأجير الهواء سلوك قنوات درجة تانية وتالتة وهي آفة من الآفات التي تواجه صناعة الإعلام الفضائي، وتقوم بها لأنها لا تستطيع سد نفقاتها، حيث إنه ليس لديها الموارد الكافية للبقاء، فيكون الحل هو تأجير ساعات هواء لعرض مساحات تجارية فى الأساس، تحولت فيما بعد لمساحات سياسية ورياضية وغيرها، لكن لا يمكن ضبط قوانينها، فتختل أجندة القناة، وتفقد السيطرة على المضامين التي تُقدمها، وتتحول لشاشة عرض بدلًا من شاشة عرض مضمون، وذلك المفهوم موجود بالخارج، لكنه للمحتوى التجاري وعلى أسس ثابتة، فمخاطر تلك الظاهرة كبيرة على مستوى المضامين المقدمة تحديدًا، خاصة أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ليس لديه صلاحيات على “تأجير الهواء” لكن صلاحياته تتعلق بمتابعة المحتوى، والتأكد من أنه يوافق لشروط الخدمة”.

وتابع: القنوات مستويات“A B C”، و على هذا الأساس يتم تحديد المبلغ المالي المطلوب، فالقنوات نفسها لا تتحمل أي أعباء مادية فمذيع البرنامج أو المنتج هو من يدفع ثمن الوقت الذي يظهر فيه على الهواء، أو فى برنامج مسجل، أو حتى كضيف.

والأزمة الحقيقية لبيع الهواء هو عدم الفصل بين ما يمكن اعتباره محتوى إعلانيا وما هو محتوى إعلامي، خاصة وأن ظهور البعض فى قنوات ذات مصداقية لدى الجماهير، يعطيهم المصداقية، وتكون النتيجة هي تعرض العديد من البسطاء لوقائع نصب بسبب ثقتهم  فى من يظهرون على الشاشة رغم عدم استحقاقهم هذا الظهور.

وما يحدث الآن علي بعض القنوات من الفئة c ما هو إلا «فوضى إعلامية» فمن يمتلك المال يستطيع أن يظهر على الشاشة بأمواله بعيداً عن القيم المتعارف عليها للعمل الإعلامي وأن هذا يتطلب وقفة تتضمن عدم المتاجرة بالهواء وأن تقدم مذيعاً مؤهلاً يناقش موضوعات ذات قيمة.

وقد ظهرت مؤخرا حملة انتقادات وسخرية من محتوى برامج القنوات ذات التصنيف(c) أو سلوك بعض مذيعيها أو الضيوف، وتساؤلات حول كيف يظهر أولئك المذيعين أو الضيوف على شاشة التلفزيون، وكل هذا بسبب تأجير الهواء.