رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

المنتدى الحضري العالمي شهادة دولية للدولة المصرية

128

الأسبوع الماضي وعلى مدى 5 أيام استضافت القاهرة النسخة الثانية عشرة من المنتدى الحضري العالمي الذي ينظمه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل)؛ وتكتسب هذه الدورة أهمية خاصة لانعقادها بعد اعتماد ميثاق المستقبل فى سبتمبر، والذي يُعقد لأول مرة فى القارة الإفريقية بعد 20 عامًا.

انعقاد مثل هذا المحفل العالمي بالقاهرة؛ فى توقيت بالغ الدقة تمر به المنطقة والعالم من توترات يعد شهادة دولية جديدة حصلت عليها الدولة المصرية تؤكد أنها نجحت خلال السنوات العشر الأخيرة أن تتخذ الطريق الصحيح نحو مستقبل أفضل.

فقد شهد المنتدى حضور 170 وزيرًا و30 ألف شخص من 180 دولة، حضروا جميعًا إلى القاهرة على مدى خمسة أيام منذ 4 وحتى 8 نوفمبر الجاري، ليمثل حضورهم أكبر شهادة على نجاح الدولة فى مواجهة التحديات خلال الفترة الماضية.

المنتدى الذي شهد العديد من اللقاءات والجلسات والمناقشات والاتفاقيات والشراكات ومذكرات التفاهم، كان شاهدًا أيضًا على أن الدولة التي كانت تقارير البنك الدولي والجايكا تشير إلى أن عاصمتها مهددة بحالة شلل تام عام  2020 – 2022، وأن نسبة خسائر الوقود ستصل إلى 15 مليار دولار سنويًا، لكنها شهدت هذا المحفل الدولي  وهي تتمتع بسيولة مرورية بعد أن نجحت فى إنجاز أهم وأكبر مشروعات البنية التحتية خلال السنوات الماضية (الشبكة الوطنية للطرق) التي كانت بمثابة شرايين حياة حالت دون حدوث أزمات فى قلب الدولة (العاصمة القاهرة).

المنتدى فى دورته الثانية عشرة التي جاءت تحت شعار “كل شيء يبدأ محليًا – لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة” شهد أكثر من 560 فعالية ومعرضًا وهو يعد ثاني أكبر تجمع على أجندة الأمم المتحدة بعد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ.

اختيار الأمم المتحدة لعقد مؤتمر بهذا الحجم فى القاهرة لم يأتِ صدفة أو مجاملة للدولة المصرية، إنما جاء شهادة على نجاح الدولة وقوة بنيتها التحتية، وثقة فى قيادتها السياسية، ووجود تجربة مهمة فى التنمية الحضارية نجحت فيها مصر خلال السنوات السابقة يمكن للعالم الاطلاع عليها ومعايشتها.

(1)

الافتتاح الذي شهده الرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد من الرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء والمحافظين، جاء يليق بحجم الحدث العالمي وحجم الدولة المصرية وقدرتها على تقديم الخدمات اللوجستية لهذا العدد من الحضور، جاء شهادة نجاح أخرى على قدرة الدولة المصرية على تنظيم فعاليات دولية بهذا القدر من الحضور وهذا العدد من المشاركين، لما لا وقد كان تنظيم مصر لقمة المناخ بمدينة شرم الشيخ قد لاقى إشادة دولية كبيرة ونجاحًا غير مسبوق.

جاء تنظيم مصر للمنتدى الحضري العالمي شاهدًا على قصة نجاح سطّرتها مصر على مدى عشر سنوات فى تطوير السكن والقضاء على العشوائيات والمناطق الخطرة، والذي كان باكورة ذلك المشروع وهو إنشاء حي الأسمرات، الذي كان بداية المشروع المصري لتطوير العشوائيات وتطوير السكن وتقديم سكن لائق فى ظل رؤية القيادة السياسية بضرورة القضاء على العشوائيات.

 النموذج المصري فى التنمية كان محور اهتمام المشاركين وموضع إشادة للعديد من المؤسسات الدولية.

فقد أكد رينال فيلك، مدير برنامج المالية العامة والتنمية الاقتصادية ببرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية الهابيتات، أنها المرة الرابعة التي يشارك فى المنتدى الحضري العالمي وهذه النسخة من أفضل النسخ التي شارك فيها، فالتنظيم على أعلى درجة من الاحترافية.

مشيدًا بما حققته مصر من تطور كبير فى البنية التحتية، مما ساهم فى قدرتها على إنجاز أكبر عملية تطور فى السكن.

أما “آنا كلوديا روسباخ”، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، فأكدت أن انعقاد المؤتمر فى القاهرة له رمزية، حيث إن القاهرة بلد التاريخ وبها قوة الحاضر والمستقبل، مؤكدة أن المنتدى له سُمعة طيبة حول العالم.

كما أشادت رئيسة بعثة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية فى الكويت والخليج العربي، أميرة الحسن، باختيار مصر لاستضافة المنتدى الحضري العالمي، مؤكدة أنه بمثابة شهادة على كفاءة مدينة القاهرة العريقة لتنظيم منتدى عالمي بهذا الحجم، كما يعكس قوة بنيتها التحتية القادرة على استيعاب هذا العدد الكبير من المشاركين فى فعاليات المنتدى الحضري.

أما “مينج زانج ان”، رئيس القطاع الحضري بالبنك الدولي، فقد أشاد بالتجربة المصرية فى التنمية الحضارية مشيرًا إلى أنه خلال جولاته بالقاهرة على هامش حضور المنتدى شاهد الكثير من المشروعات التي ساعدت فى تسهيل حركة المواصلات فى القاهرة وعدد من المشروعات العمرانية الجديدة فى مصر.

مؤكدًا أنه على العالم الاستفادة من استراتيجيات مصر الحضارية فتجربتها رائدة، فى ظل تنامي السكان مما يمثل ضغطًا على المدن الحضارية.

 لقد استطاعت مصر على مدى عقد كامل أن تحقق تجربة فريدة جاءت  محل تقدير وإشادة من كل المؤسسات والهيئات الدولية، فقد شهدت مصر أكبر عملية تطوير عمراني فى تاريخها شمل مشروعات البنية التحتية (الطرق،  المياه، الصرف الصحي، الكهرباء،  الاتصالات، الإسكان) وجاءت تجربة “حياة كريمة” المبادرة الرئاسية التي اعتبرتها الأمم المتحدة نموذجًا للتنمية المتكاملة، ورفع مستوى جودة الحياة فى الريف لتصل إلى مستوى المناطق الحضرية مما يساهم فى تخفيف الضغط على المدن ويقف أمام عودة العشوائيات مرة أخرى حول المدن الكبرى.

التجربة المصرية لحياة كريمة بمراحلها الأولى والتي انتهت والثانية التي تجرى حاليًا والثالثة التي بها يكتمل المشروع يشمل كل القرى المصرية والذي تعتبره الأمم المتحدة أحد أهم المشروعات للتنمية المتكاملة.

(2)

لقد استعرضت مصر تجربتها خلال الفترة الماضية من تطور ملموس فى العمران وهو ما أشاد به كل الحضور للمنتدى العالمي، كإنشاء مدن الجيل الرابع والمدن الذكية وتطوير القرى والعشوائيات وغيرها، كما أن صندوق التنمية الحضارية وضع ميزانية قدرت بـ تريليون جنيه لتنفيذ أجندة التنمية الحضارية حتى 2030 الأمر الذي يجعل مصر آمنة عن توقعات الأمم المتحدة بنزوح 140 مليونًا على مستوى العالم خلال 2050 بسبب التغيرات المناخية.

جاء انعقاد المنتدى الحضري العالمي بالقاهرة دليلاً على أن المسار الذي تحركت فيه الدولة المصرية على مدى 10 سنوات كان هو المسار الصحيح نحو حياة أفضل ومواجهة صحيحة للمشكلات التي كانت تعاني منها الدولة المصرية على مدى عقود.

 ففي الوقت الذي يعد فيه المنتدى أحد أهم المنصات العالمية لتبادل المعرفة والخبرات حول التنمية الحضرية المستدامة، مثل انعقاده بالقاهرة فرصة قيمة لمصر لتعزيز التنمية الحضرية المستدامة، فقد فتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي، وفرصة قوية لمناقشة استراتيجيات التنمية الحضرية المستدامة، وعزز استضافة مصر للمنتدى، من فرص جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مشاريع البنية التحتية، بعد أن شاهد الحضور التجربة المصرية على أرض الواقع خلال المنتدى.

لدينا 23 مدينة جديدة تجسد مفاهيم المنتدى، والعالم من حولنا يجسد مفاهيم الاستدامة، ووقّعنا اتفاقية منذ 10 سنوات نجسد بموجبها مفهوم العمران الحديث الذي يخضع لأعلى معايير ومعدلات التخطيط، كما أننا لن نكسب العمران الجديد فقط هذه الخصائص بأن تكون المدن الجديدة ذكية ومستدامة ومتوازنة وعادلة، بل العمران القائم.

هذا المنتدى سيصبح قصة نجاح كبيرة، لا سيما أن هذه النسخة من المنتدى هي الأعلى فى عدد المشاركين فى تاريخ تنظيم المنتديات الحضرية العالمية.

إن ما تحدّث عنه المنتدى الحضري العالمي فى نسخته الحالية تحركت عليه مصر قبل 10 سنوات وحققت نجاحًا كبيرًا فى تلك الملفات وهو ما يؤكد أن الرؤية المبنية على العلم والتنفيذ الاحترافى والإخلاص فى العمل دائمًا ما تكون نتائجها مبهرة رغم ما تواجهها من تحديات.

لقد حقق المنتدى فى نسخته الثانية عشرة بالقاهرة نجاحًا غير مسبوق حسب تعبير “آنا كلوديا روسباخ”، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وهو ما يعد شهادة تضاف لسجل الشهادات الدولية على نجاح الدولة المصرية خلال العِقد الأخير.

(3)

فى إحدى القاعات الخاصة بالمنتدى بمركز المؤتمرات والمعارض الدولية (المنارة) وعلى جدارها كانت لوحة تحمل سؤالاً مهمًا

?What would you like to see in your city

ليتحول الجدار إلى لوحة جدارية تحمل أفكار الشباب لمدنهم ومستقبلها وما يتمناه الشباب فيها، ويقدم الشباب طنًا من الأفكار الإبداعية على حد تعبيرهم، خلال المائدة المستديرة التي جمعت الأطفال والشباب، وكررت “روسباخ” القول: “نحن بحاجة إلى التأكد من أننا نخطط المدن للمستقبل وفهم كيف يعيش الشباب وكيف سيعيش الشباب فى المستقبل؟!”.

المنتدى الذي اختتم أعماله الجمعة الماضية 8 نوفمبر لم ينتهِ أثره بانتهاء فعالياته، فقد كان بمثابة رسالة مهمة لقدرة الدولة المصرية على استضافة العديد من الفعاليات العالمية والمؤتمرات الدولية، والتي شهدت رواجًا كبيرًا على مستوى العالم خلال الفترة الأخيرة.

ترامب والأزمات العالمية

إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية بفوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة وسيطرة الحزب الجمهوري على كل من رئاسة الدولة والكونجرس ومجلس الشيوخ وحكام الولايات فى ضربة قوية للحزب الديمقراطي، على عكس التوقعات واستطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات بيومين، لا يعنى أبدًا أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب ستكون على النقيض من إدارة جو بايدن.

نعم هناك ملفات ووعود وتصريحات أطلقها ترامب خلال حملته الانتخابية تصدرتها الأوضاع الاقتصادية فى أمريكا ووقف الحروب، لكن تنفيذ هذا الأمر لن يكون بمستوى أحلام المصوّتين له فى الانتخابات أو المتابعين فى مناطق الأزمات الحالمين بوقف الحروب.

تلك هي الحقيقة التي قد نتناساها أحيانًا فالإدارة الأمريكية ليست فريق العمل الذي يأتي به الرئيس الأمريكي المنتخب معه أو يختاره، إنما مؤسسات تعمل وفق مسار لا يمكن الخروج عنه سوى فى تصريحات إعلامية لتخفيف حدة الأوضاع.

يجب ألا ننسى أن ترامب هو من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو أول من هاجم الأونروا، وأصدر أمرًا بعدم دفع أي أموال إليها من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، المستقبل ليس ورديًا  وعلى الشعوب أن تدرك أهمية الحفاظ على الأوطان.