https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

اتجاهات الإعلام الإيرانى حول التوتر بين طهران وواشنطن

1845

انعكست التوترات الإقليمية والضغوط الأمريكية المتزايدة على وسائل الإعلام الإيرانية، حيث ركزت الصحف الصادرة فى طهران على قضية محورية تتمثل فى احتمالات تعرض إيران لضربة عسكرية أمريكية، إذ تباينت تقديرات المتابعين لمدى إمكانية قيام إدارة الرئيس الأمريكى “دونالد ترامب” بتوظيف الأداة العسكرية فى مواجهة طهران والتداعيات التى قد تترتب على هذا السيناريو.
يأتى هذ الرصد من مركز أبحاث المستقبل فى أبوظبى حتى فى ظل إعلان الرئيس الأمريكى أكثر من مرة الاستعداد للحوار والاكتفاء بالحصار الاقتصادى الخانق والذى بدأت مؤشراته العملية والسلبية تظهر على الشارع الإيراني.
ويغلب على ترجيحات الإعلام الإيرانى أن سياسة “حافة الهاوية” التى يتبعها “ترامب” تهدف إلى الضغط على إيران للتفاوض دون استخدام القوة العسكرية فعليًّا ضدها، كما أن غالبية المحللين أبدوا رفضًا لعقد صفقة مع واشنطن بسبب توقعاتهم ارتفاع مستوى المشروطية التى قد يفرضها “ترامب” على طهران.
ويرى الإعلام الإيرانى أن أهم أسباب التصعيد الأمريكى ضد إيران تتمثل خلال الفترة الماضية – حسب رؤية المحللين الإيرانيين- فيما يلي:
1- الانتخابات الرئاسية الأمريكية: رأى المؤرخ وأستاذ الجغرافيا السياسية فى جامعة طهران “بيروز مجتهد زاده” فى حواره مع صحيفة “آرمان امروز” المنشور بتاريخ 25 مايو 2019، أن أحد الأسباب الرئيسية التى دفعت “ترامب” للقيام بحشد القوات الأمريكية فى المنطقة هو قرب قدوم الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، حيث يسعى “ترامب” إلى الإيحاء للشعب الأمريكى بأن هناك حربًا قادمة، وأنّ عليهم الاتحاد وراء رئيس معين لمواجهة ذلك.
ويؤكد “مجتهد زاده” أن أى رئيس أمريكى يختلف فى فترة رئاسته الأولى عن الثانية، حيث إنه فى الأولى يُطلق شعارات عديدة، ويكون حماسيًّا أكثر؛ إلا أنه فى الثانية “يسعى إلى حفظ مكانته فى التاريخ”. ويضرب الكاتب مثالًا على ذلك من خلال التطرق إلى فترة رئاسة “جورج بوش الابن” (2001-2009)، وكيف أنه كان يتعامل بمنطقية أكثر فى الفترة الرئاسية الثانية عنها فى الأولى، فلم يعد يُطلق الشعارات كما كان فى الأولى، وبدأ يسير بعقلانية أكثر.
2- حرب نفسية: حيث رأى الكاتب الإيرانى الشهير “محمد رضا ستاري” فى مقاله المعنون “ترامب غير جدير بالثقة فى هذه المبادرة”، المنشور فى 23 مايو 2019 بصحيفة “ابتكار” الإصلاحية؛ أن هدف الولايات المتحدة من إرسال قواتها العسكرية إلى المنطقة هو شن حرب نفسية وإعلامية من أجل التأثير على الرأى العام الإيراني، وإقناع طهران بضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات من جديد للتوصل إلى اتفاق آخر غير الذى تم التوصل إليه فى عام 2015.
ويشير الكاتب إلى أنه على الرغم من أن واشنطن كثّفت من عقوباتها النفطية على إيران، وصنفت الحرس الثورى منظمة إرهابية، وألغت الإعفاءات التى كانت قد منحتها لعدد من الدول، وفرضت عقوبات على عدد من الصناعات؛ إلا أنها فى النهاية لا ترغب فى الحرب.
فيما استبعد البعض اشتعال حرب عسكرية بين إيران وأمريكا، حيث يرى الكاتب الإيرانى “رضا حجت” فى مقاله المنشور بتاريخ 20 مايو 2019 بصحيفة “جوان” المتشددة التابعة للحرس الثورى الإيرانى تحت عنوان “لماذا لا تقع الحرب؟”؛ أنه من المتوقع ألا تقع حرب بين طهران وواشنطن، إذ رأى أن الرئيس “دونالد ترامب” لا يرغب أصلًا فى الحرب، وأن واشنطن نفسها لن تكون فى مأمن من عواقب تلك الحرب، فضلًا عن رفض الكونجرس والشعب الأمريكى لها. وأكد “حجت” أن “ترامب” يرغب فقط فى الترويج لنفسه فى الداخل الأمريكي، والحصول على مكاسب سياسية فى الداخل الأمريكي.
وأشار كذلك إلى مجموعة من العوامل الإقليمية التى تجعل خيار الحرب مستبعدًا، حيث زعم “حجت” أن شعوب المنطقة ستقف إلى جانب إيران فى حالة نشوب حرب بينها وبين الولايات المتحدة، مشيرًا بشكل ضمنى إلى ما يملكه النظام الإيرانى من ميليشيات مسلحة فى سوريا والعراق واليمن ولبنان.
ويتّفق فى هذا الرأى مسئول التحرير بصحيفة “جام جم” التابعة للإذاعة والتليفزيون الإيرانى “محمد صادق على زاده”، حيث أشار فى مقاله المنشور تحت عنوان “أين أنتِ يا لنكولن؟! أين مكانك؟” فى 22 مايو 2019؛ إلى أن حاملة الطائرات “لنكولن” تبعد حوالى 230 كلم عن السواحل الشرقية لسلطنة عمان فى شمال بحر العرب، أى إنها تبعد عن إيران بمسافة كبيرة.
كما أنه، حسبما ذكر الكاتب، ينبغى لهذه القوات أن تتمتع بلوجستيات عالية وهو أمر غير موجود، فضلًا عن أن “ترامب” نفسه صرّح خلال الأيام القليلة الماضية بأنه لا يرغب فى حرب عسكرية.
ولم تختلف وجهة نظر المؤرخ الشهير وأستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة طهران “بيروز مجتهد زاده” فى حواره مع صحيفة “آرمان امروز”، حيث ذكر أن واشنطن لن تُقْدِم على شن حرب ضد إيران فى ظل عدم وجود رغبة من الحزبين الجمهورى والديمقراطى بسبب “الذاكرة التاريخية” لهذه الأحزاب، وما مروا به مسبقًا خلال الحروب التى خاضها الرئيس الأسبق “جورج بوش الابن”.
والخلاصة التى توصل إليها رصد مركز أبحاث المستقبل لمواقف ورؤى الإعلام الإيرانى أن كافة المحللين والخبراء الإيرانيين من الجناحين المتشدد والإصلاحى يتفقون على استبعاد وقوع مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة، ويرون أن الهدف الرئيسى لـ “ترامب” هو الضغط النفسى على صناع القرار فى طهران لإجبارهم على التفاوض. ويُحذّر غالبية المحللين الإيرانيين من الانجراف وراء رغبة “ترامب” والتفاوض معه، حيث إنه سيُجبر طهران على الرضوخ لشروط قاسية.