صالون الرأي
حتى جحا سرقوه !
By amrيناير 12, 2020, 15:42 م
2063
قد تهون سرقة الأموال أوالغاز أوالبترول، فهى يمكن أن تعوض، ولكن سرقة العقول والتراث والتاريخ، هى السرقة الأخطر، فأى منها قد يعوض لو تم سرقته؟! .
اللصوص العثمانيون يمارسون هذه الجريمة التى اعتادوا عليها عبر تاريخهم الطويل، وجميعنا يذكر كيف سرقوا كل الحرفيين والصناع المهرة ونقلوهم إلى الآستانة من أجل نقل فنونهم إليها والسطو على تراثهم وأفكارهم وصنع أيديهم، ويمارسونها الآن فى سوريا، ويعتقدون أنهم قادرون على فعلها فى ليبيا، لذلك يجب التصدى لهم ومنعهم.
نصر الدين خوجة أو «جحا التركى»،هو اسم شخصية فى التراث العثمانلى توازى «جحا» الشهير بالفكاهات والنوادر فى التراث العربي، وتؤدى نفس دوره، وتسير على نهجه، وبنفس أسلوبه أحيانا.
يبدو الأمر مجرد تقليد للشخصية العربية الشهيرة المحببة لدى الجميع، إلا أنه فى حقيقته محاولة للسطو على التراث العربي، ونهبه، وسرقته، وتتريكه دون خجل أو مواربة، حيث ادعى مؤرخون أترك أن جحا التركى هو الأصل، وأن العرب هم من نقلوه عن جيرانهم الأتراك، وليس العكس.
والقردوغان التركى يسيرعلى نهج أجداده من اللصوص التاريخيين، واستغل حالة سوريا لتتريك شعبها العربى هناك، لاسيما الأطفال والشباب، وأمر وزارتى التعليم والثقافة بتسخير جهودهما لفرض اللغة التركية على اللاجئين السوريين، وأعدت «دائرة أتراك المهجر» بالتعاون مع جمعية «يارديم الي» كتابا يضم قصص «جحا» باللغتين التركية والعربية، ووزعت منه 100 ألف نسخة فى مخيمات اللاجئين السوريين فى تركيا.
شخصية جحا العربى «أبو الغصن دُجين الفزاري» الذى ولد فى العقد السادس من القرن الأول للهجرة، وقضى الشطر الأكبر من حياته فى مدينة الكوفة، وعاش أواخر الدولة الأموية، تمثل لى ولكل العرب، ظاهرة إنسانية إبداعية فريدة تجاوزت حدود الزمان والمكان، وامتلأت كتب التراث العربى بنوادرها، وصار نتاجها الضاحك ملكا لجميع الحضارات الإنسانية، حيث شارك الجميع جحا بتأليف النوادر المضحكة التى تعبر عن مختلف حالات البشرية النفسية، فهى للتسلية والترفيه حيناً، والوعظ والإرشاد حينا آخر، كما أنها صرخة شعوب مطحونة ضد قمع المستبدين والمستعمرين، واستمرت نوادره حية فى أذهان الشعوب العربية حتى العصر الحديث، حيث أرسل العرب جحا ليخوض معارك الاستقلال ضد القوى الاستعمارية الأوروبية، والتى جلبها العثمانيون لبلادهم، واستخدمت مسرحية «مسحوق الذكاء» عام 1959 شخصية جحا لمهاجمة الاستعمار الفرنسى فى الجزائر، وأعاد الأديب المصرى «على أحمد باكثير» صياغة حكاية «مسمار جحا» عام 1951 للتهكم من هوس بريطانيا بقناة السويس.
لهذا كله استحق «جحا العربي» تكريم «اليونسكو»، والتى أطلقت على عام 1996 اسم «عام جحا» تكريما لهذه الشخصية الفكاهية التاريخية.. فهل نتركه نحن للصوص الأتراك.