القرار الذى اتخذه الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، بشأن إلغاء حالة الطوارئ كان مفاجئا للكثيرين، فقد جاء الإعلان عنه ليشبه بيان العبور.
العبور لمرحلة جديدة فى تاريخ الدولة المصرية.
جاءت الكلمات التى كتبها الرئيس على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى والتى لم تتعد 100 كلمة تحمل الكثير من الدلالات والرسائل المهمة لمرحلة جديدة فى عمر الوطن، وتؤكد على نجاح الرؤية والاستراتيجية التى وضعها الرئيس السيسى للدولة المصرية.
حيث قال: «يسعدنى أن نتشارك معاً تلك اللحظة التى طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد، فقد باتت مصر، بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار فى المنطقة؛ ومن هنا فقد قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد.
هذا القرار الذى كان الشعب المصرى هو صانعه الحقيقى على مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة فى كافة جهود التنمية والبناء، وإننى إذ أعلن هذا القرار، أتذكر بكل إجلال وتقدير شهداءنا الأبطال الذين لولاهم ما كنا نصل إلى الأمن والاستقرار، ومعًا نمضى بثبات نحو بناء الجمهورية الجديدة مستعينين بعون الله ودعمه، تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر».
وقد كنت سأواصل فى هذا العدد استكمال كشف مخطط تحرك جماعة الإخوان الإرهابية للدفع بوجوه جديدة فى المشهد الثقافى والإعلامى لإعادة إحياء التنظيم الإرهابي، فيما يشبه بالبعث الجديد.
وكذا استغلال منافذ مثل معارض الكتب الخارجية لإدخال أموال للجماعة أو تصدير منتجات لإحداث أزمة فى السوق المصرية، إلا أن أجهزة الدولة كانت لهم بالمرصاد، فقبل دخول المجلة للمطبعة تم التحفظ على إحدى شركات الاستيراد والتصدير والشحن الدولى والمتخصصة فى شحن الكتب(س . ص)، والتى كانت تقوم بشحن كتب دور نشر الجماعة الإرهابية من وإلى الخارج.
حيث قامت باستبدال الكتب بكميات كبيرة من السلع الغذائية المصرية عن طريق أحد الموانئ. وتم ضبط كميات من الأرز والسلع الأخرى كانت فى طريقها للتهريب إلى إحدى دول البحر المتوسط بصورة مخالفة للقانون.
وذلك بهدف أولا: ضرب السوق المصرى وإحداث حالة من العجز فى مخزون السلع.
ثانيا: توفير دعم مالى بديل للجماعة التى تمر بأزمة طاحنة تتعلق بالتمويلات.
كما تعمل الشركة على تنفيذ أجندات التنظيم أيضا بنشاط تهريب الكتب الممنوعة.
وخلال العدد القادم سأواصل كشف أذرع الجماعة الإرهابية وما وعدتكم به فى العدد الماضى .
ولنتحدث هذا العدد خلال السطور القادمة عن ذلك القرار الذى صدر ولم يكن متوقعًا من الكثيرين، فى الداخل والخارج (إلغاء حالة الطوارئ)، نظرا لما أحدثه من رد فعل على المستويين المحلى والعالمي.
فالمتابع والمدقق لما يحدث داخل مصر وما حققته الدولة المصرية خلال السنوات السبع الماضية، وما تمتلكه القيادة من رؤية .. يجد أن الأمر طبيعى لدولة استطاعت خلال سنوات قليلة أن تحقق ما لم يتحقق خلال أكثر من 50 عاما.
ودعونى أتوقف عند بعض النقاط التى حملت دلالات ورسائل مهمة لهذا القرار.
الدلالة والرسالة الأولى :
جاء القرار بعد سنوات طويلة من فرض حالة الطوارئ والتى كانت منذ الاحتلال الإنجليزى لمصر ولم ترفع إلا فى أوقات محدودة، وخلال السنوات الأربعين الأخيرة لم ترفع إلا مرتين فقط، وكانت أحداث عدم الاستقرار التى تمر بها البلاد أحد أهم أسباب فرض حالة الطوارئ فى البلاد، وكانت أحيانا تشمل عموم الدولة المصرية ومرات أخرى تشمل مناطق محددة.
ليأتى قرار إلغاء حالة الطوارئ ليدلل على نجاح الدولة المصرية فى تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة تضربها الأزمات والتوترات.
فقد استطاعت مصر تحقيق نجاح كبير فى مواجهة التطرف والإرهاب، وهو ما لم يكن ليتحقق إلا بالتكاتف والاصطفاف خلف القيادة الوطنية، وضرورة التنمية والتعمير التى تزحف على الإرهاب فى أوكاره ومخابئه، وكذلك العمل على المواجهة الفكرية والتوعية الشاملة.
مما جعل الدولة المصرية واحة للأمن والاستقرار لكل شعوب المنطقة الذين فروا من نيران الصراعات الداخلية فى أوطانهم.
الدلالة والرسالة الثانية :
جاء قرار الرئيس دليلا واضحا على قوة الدولة المصرية واسترداد مؤسساتها المختلفة لقوتها وقدرتها على القيام بمهامها على أكمل وجه، الأمر الذى يجعل المؤسسات قادرة على مواجهة أى تحد أو تهديد وفق الإجراءات الطبيعية؛ دون الحاجة إلى إجراءات استثنائية.
فقد حققت الدولة المصرية خلال السنوات السبع الماضية أكبر عملية تطوير وتحديث لمؤسساتها وما زالت تواصل برامجها التنموية من أجل تحسين جودة الحياة للمواطن المصرى وتطوير الخدمات.
كما نجحت فى أكبر عملية مواجهة عسكرية وأمنية ضد التنظيمات التكفيرية.
الدلالة والرسالة الثالثة :
علينا ألا ننسى الدور الذى قدمه الأبطال فى هذه المواجهة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار ولا ننسى دماء الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم الطاهرة من أجل الحفاظ على الوطن ومقدراته وحفظ أمنه واستقراره.
فقد قدم رجال القوات المسلحة والشرطة خلال فترة المواجهات مع الجماعات التكفيرية والإرهابية أعدادا كبيرة من الشهداء.
الدلالة والرسالة الرابعة :
ما قدمته مصر للعالم فى شهر سبتمبر الماضى عندما استعرضت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان كانت بمثابة مقدمة لحزمة من الإجراءات التى ستتخذها الدولة فى هذا الاتجاه.
فقد وضعت أربعة محاور عمل رئيسية تشمل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان للمرأة والطفل وذوى الإعاقة والشباب وكبار السن، والتثقيف وبناء القدرات فى حقوق الإنسان.
الدلالة والرسالة الخامسة:
إن ما تشهده مصر من تنمية لا يمكن أن يتحقق إلا بالاستقرار وهو إحدى دعائم التنمية .. كما أن مصر تمتلك مناخا مناسبا لجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية فى ظل تطور كبير شهدته سواء فى البنية التحتية أو البنية التشريعية، بالإضافة إلى الفرص المتاحة والواعدة التى يتمتع بها مناخ الاستثمار فى مصر خلال المرحلة الحالية.
الدلالة والرسالة السادسة:
إن تدشين الجمهورية الجديدة يحمل معه بداية عهد يتمتع فيه الجميع بالحرية المسئولة، وحقوق الإنسان الكاملة.
جمهورية منهجها البناء والتنمية وتحقيق مزيد من الرخاء من أجل غد أفضل للأجيال الحالية والقادمة.
لقد آن الأوان لهذا الشعب الذى تحمل تبعات أكبر عملية إصلاح اقتصادى من أجل بناء الوطن أن ينعم بنتائج ذلك البناء، فما أطلقته الدولة من مبادرات رئاسية فى كافة القطاعات يخلق أوضاعا جديدة تستهدف تحقيق جودة الحياة للمواطن.
الدلالة والرسالة السابعة:
قطع الطريق على المنظمات الحقوقية وبعض أبواق قوى الشر من المتاجرة بالحقوق والحريات المزعومة والتى كانوا دائما ما يتحدثون عن أن حالة الطوارئ والإجراءات الاستثنائية تقف حائلا أمام ممارسة الحريات وحقوق الإنسان، متغافلين تماما ما تقوم به الدولة المصرية للحفاظ على حقوق الإنسان فى المسكن والحياة الكريمة والصحة والتعليم.
لقد جاء قرار إلغاء حالة الطوارئ فى كافة أنحاء البلاد ليؤكد انتصار الدولة التى كان البناء والتعمير والتنمية منهجها، فى مواجهة قوى الشر من الإرهاب الأسود التى لا تعرف سوى لغة الخراب والتدمير، ولا تؤمن سوى بتقطيع أواصر الدول ، ولا يترسخ فى ذهنها سوى سفك مزيد من الدماء وإزهاق الأرواح، فهم لا يعرفون سوى لغة الزيف والوقوف على جثث الضحايا.
لقد أثبتت الدولة المصرية قوة منهجها الذى بدأته منذ عام 2014 برؤية قائد آمن بوطنه وحرص على مواجهة المشكلات والتحديات والأزمات التى كان يعانى منها ليحقق الهدف المرجو وهو بناء دولة قوية والحفاظ على الوطن من السقوط فى الفوضى.