صالون الرأي
أهل الكهف تؤكد نسبية الزمن
By amrأبريل 03, 2022, 12:13 م
1023
قال أنشتين: إن الزمن يمكن تجميده حتى يصل إلى الصفر، ويحدث هذا عندما يسير جسم ما داخل ثقب أسود كبير، أو بمعنى آخر يمكن جمع الماضي والحاضر والمستقبل فى لحظة واحدة، وهو تصور لا يمكن لعقل بشري إدراكه.
وحسب كلام أنشتين فالزمن شيء نسبي، وتقدير الوقت يختلف من شخص إلى آخر، وكذلك تزيد الساعة فى مكان وتقل فى مكان ثان، وهذا ما أكده علماء الفيزياء والسؤال هل الزمن متغير وليس مطلقا؟ ويعتقد البعض أنه حالة من الوهم، وما نراه من متغيرات فى الظواهر الطبيعية هي التي تشعرنا بالوقت، وذكر فريق آخر من العلماء أنه خيال أسطوري، وجسده الأدباء فى آلة الزمن.
ولكي يوضح العلماء هذا التغيير، تخيلوا إنسانا يقف على كوكب الأرض لمدة ساعة، وآخر يقف على كوكب المشترى نفس الوقت، والمفاجأة.. كشفت الحسابات أن الشخص الواقف على المشترى مر عليه أربعون دقيقة وليست ساعة، وأرجع العلماء هذا الاختلاف إلى شدة جاذبية كوكب المشترى، ولاحظوا كذلك من خلال رصدهم لرحلات رواد الفضاء، وكان رائد الفضاء يعود من رحلته وعمره أصغر من المقيمين على الأرض بحوالي عدة ثوان.
ومما سبق لا يجعلنا نتعجب مما جاء فى القرآن الكريم من قول أهل الكهف والرجل، الذي مات مائة عام بأنهم ما لبثوا إلا يوما أو بعض يوم، ويزيد قضية الزمن غموضا، حينما أوضح لنا الله تعالى ظواهر سنة التغيير فى مشهد واحد وفى زمن واحد يجمع بين الرجل وحماره وطعامه، فالحمار مات وتحلل حتى صار عظامًا نخرة، والطعام لايزال طازجًا لم تجر عليه عوامل الطبيعة.
وصدق الله العظيم قائلا: “وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ”، وفى موقع آخر فى سورة المؤمنين يقول الله تعالى: “قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِى الأَرْضِ عَدَدَ سنِينَ، قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ”.
ولا يغيب عنا جواب نوح عليه السلام عندما سُئل عن حاله فى الدنيا بعد حياة امتدت إلى ما يقرب من ألف عام، قال: إنها أشبه بدار له بابان دخلت من هذا وخرجت من هذا، ولما العجب ونحن نسأل أنفسنا، كيف مرت بنا السنين بتلك السرعة، وكأنها تنساب بين أيدينا كالماء.
ومن تلك القراءات السابقة نستطيع القول بأن الزمن أمر لا نقدر بدقة على تحديده، ونعتبره من الأمور الغيبية، وبناء عليه يأمرنا الله تعالى بعدم سب الدهر، كما جاء فى حديثه القدسي: “يؤذيني ابن آدم بسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار”.
ونفهم من ذلك أن الزمن مع الله ليس له بداية أو نهاية، كما صوره لنا فى رحلة الإسراء والمعراج، والزمن فى الحياة الدنيا نسبي يتوافق مع القوانين الكونية، وفى الحياة الآخرة الزمن مطلق يحدده الله كيفما شاء.