https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-5059544888338696

رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

من المتحف الكبير إلى علم الروم.. مصر بين المجد القديم والمستقبل الواعد 

45

أسبوع مصري استثنائي شهد سلسلة من الأحداث الكبرى التي تعكس قوة الدولة المصرية وحيويتها؛ من افتتاح المتحف المصري الكبير، إلى توقيع عقد الشراكة التاريخي بين هيئة المجتمعات العمرانية وشركة الديار القطرية لتطوير منطقة علم الروم بالساحل الشمالي الغربي، باستثمارات تصل إلى 29.7 مليار دولار.

 

فما زالت أصداء افتتاح المتحف المصري الكبير تتردد فى الأوساط المحلية والإقليمية والدولية، بعد حفل أسطوري حضره ملوك ورؤساء ورؤساء حكومات وأمراء ووزراء وسفراء من 79 دولة، عبّروا عن انبهارهم بالحضارة المصرية فى تصريحاتهم ومنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

تفاعل غير مسبوق مع الحدث لتظل أصداؤه وتأثيراته على المتابعات الإعلامية العالمية واضحة حتى اللحظة.

وقد شهد المتحف منذ اليوم التالي للافتتاح إقبالا جماهيريا غير مسبوق تجاوز 20 ألف زائر فى يوم واحد، ما يعكس حجم الشغف العالمي بالحضارة المصرية.

(1)

زرت المتحف بعد الافتتاح الرسمي، وشعرت بالطاقة الإيجابية ما إن اقتربت من بوابته، هناك يستقبلك تمثال الملك رمسيس الثاني، أعظم ملوك الدولة الحديثة، صاحب أول معاهدة سلام فى التاريخ.

ولأنني قد زرت المتحف قبل الافتتاح الرسمي بأكثر من عام ونصف، لكن لم أكن قد زرت قاعة الفرعون الذهبى فلم تكن قد فتحت بعد؛ فحرصت أولا أن أزور تلك القاعة لأشاهد مقتنيات ” توت عنخ آمون” التي تجاوزت الخمسة آلاف و398 قطعة أثرية، وهي المقبرة الوحيدة الكاملة التي لم ينهب منها شىء.

لأكتشف أن جولتي السابقة للمتحف والممتدة ليوم كامل لم أتمكن خلالها أن أتعرف على تفاصيل ما تحمله 12 قاعة عرض، وأستطيع أن أجزم أننى حتى فى زيارتي الثانية تلك للمتحف والتي امتدت لأكثر من 6 ساعات أيضا مازالت هناك كنوز كثيرة داخل المتحف لم أتعرف عليها.

دخلت إلى المتحف من البوابة الزجاجية الجانبية لأجد تمثالا  آخر للملك رمسيس الثاني واقفا  لاستقبال الزوار وعلى رأسه تاج أبيض وإلى جوار أحد قدميه تمثال لابنته ميريت آمون؛ توقفت  كثيرا أمام التمثال، فهو ليس من الجرانيت الوردي إنه من الحجر الرملي اقتربت من اللوحة الإرشادية الموجودة أسفل التمثال لأتعرف عليه فوجدت قد كتب عليها أن التمثال اكتشف بمنطقة صان الحجر وكان من عدة قطع تم ترميمها قبل أن يوضع فى المتحف، هنا أدركت أن هناك فى المتحف الكبير تمثالين للملك رمسيس الثاني أحدهما فى البهو الرئيسي وأمام الباب الرئيسي للمتحف، وهو الذى ظل فى ميدان رمسيس لسنوات حتى نقل إلى  مكانه الحالي عام 2006، أما الثاني فقد تم ترميمه ونقله من منطقة صان الحجر بالشرقية عام 2018.

 

دلفت باتجاه البهو الرئيسي والدرج العظيم لأجد حشودا ضخمة من المصريين والسائحين من كافة الجنسيات، الانبهار بعظمة الحضارة على كافة الوجوه، تسجيل تلك اللحظات على الهواتف لا يتوقف كل واحد منهم يحرص على تسجيل وجوده فى ذلك المكان، لغات متداخلة تسمعها مع كلمات المرشدين والوفود والرحلات من مختلف الجنسيات، فهذا يشرح بالإنجليزية، وآخر باليابانية وثالث بالصينية ورابع بالإسبانية وخامس بالألمانية وسادس بالعربية وسابع بالفرنسية، الجميع منتبه وفى ذات الوقت حالة الإبهار تسيطر عليهم.

 

إنها عظمة الحضارة المصرية التي جمعت كل هؤلاء فى مكان واحد لم يسأل أي منهم من إلى جواره عن دينه أو جنسيته أو عرقه، الجميع من كافة المستويات الاجتماعية، إنه سحر حضارة الأجداد الذي يستقدم الجميع إليها، ليركبوا معا آلة الزمن ويسترجعوا تاريخ حضارة أضاءت الدنيا.

عبرت الدرج العظيم ومعي زميلي المصور رمضان علي الذي لم يتوقف لحظة عن التقاط صور لكافة القطع الأثرية التي شاهدناها وتوقفنا عندها، لنصل إلى قاعة العرض الرئيسية حالة من الإبهار تجدها على الوجوه وهم يشاهدون تلك الفأس العباسية التي تثبت أن هذه الأرض تحمل حضارة تجاوز عمرها  700 ألف عام.

 

ولأن الوقت داهمنا فانتقلنا مباشرة إلى قاعة الملك الذهبي “توت عنخ آمون” هنا تجد الجميع لا يتحدث بل يتأمل عظمة ما تم، وعظمة العرض، وعظمة الكنوز، هنا الصمت أفضل لغة والتأمل أعظم.

الجميع يقرأ ما دون على اللوحات الإرشادية ويقف مبهورا بروعة المعروض من القطع الأثرية فهذا يلتقط صورة مع التابوت الذهبي وآخر يلتقط صورة للقناع وتجدهم جمعيا وقد ارتفعت هواتفهم المحمولة إلى أعلى لالتقاط صورة أفضل.

إنها أفضل رحلة عبر الزمن من الممكن أن تعيشها.

أنهيت جولتي بعد 6 ساعات من الانبهار بعظمة وتفاصيل حضارتنا نظرا لارتباطي بموعد عمل، لكن هناك قاعات أخرى أتمنى أن يقدر لي أن أزورها بإذن الله بعد ذلك لأتعرف على تفاصيل ما تحتويه من عظمة حضارتنا.

ما إن غادرت المتحف الكبير وجدت نفسي أعود إليه سريعا لكن هذه المرة لأتابع ما كتبه بعض القادة والحضور خلال حفل الافتتاح من انبهار بعظمة تلك الحضارة وما نشروه من صور لهم داخل المتحف وأتابع آثار افتتاح المتحف الإيجابية والتي جاءت من اللحظة الأولى بإعلان رئيس وزراء هولندا ديك سخوف، خلال زيارته للقاهرة وحضور افتتاح المتحف، أن هولندا ستعيد تمثالاً نصفياً حجرياً مصرياً يبلغ عمره 3500 عام إلى مصر، تم مصادرته من معرض فني بعد التأكد من أنه سُرق وُمُهرب بطريقة غير قانونية.

لقد فتح المتحف الطريق أمام استعادة القطع الأثرية المصرية التي خرجت بطرق غير شرعية أو القطع الفريدة مثل حجر رشيد ورأس الملكة نفرتارى.

لقد حقق افتتاح المتحف أكبر عملية ترويج للدولة المصرية حيث بلغ عدد الوفود الرسمية أكثر من 79 وفدا عبرت الكلمات التي كتبوها على صفحاتهم الشخصية والرسمية عما تعيشه مصر من أمان واستقرار وما تتمتع به من مقومات وما تمتلكه من إرث تاريخي يجعلها دائما أرض المحبة والسلام.

لقد نشرت ملكة الدنمارك المالكة ماري، مجموعة من الصور لها فى حضرة الفرعون الذهبي كما نشرت صورا لها بمنطقة الأهرامات وعلى نيل القاهرة، كشفت عشقها الشديد للحضارة المصرية.

وذكرت سفارة الدنمارك بالقاهرة “على مدار أكثر من ستين عامًا، ظلّت مصر حاضرة فى ذاكرة العائلة الملكية فى الدنمارك”.

ففي ستينيات القرن الماضي زارت الأميرة مارجريت مصر شابةً شغوفة بالتاريخ والآثار، وتعرّفت عن قرب على حضارتها العريقة قبل أن تصبح لاحقًا ملكة الدنمارك لأكثر من خمسة عقود.

واليوم، تواصل الملكة ماري هذه الرحلة من التقدير والتواصل، بزيارتها للقاهرة والمتحف المصري الكبير، احتفاءً بروابط ثقافية وإنسانية تجمع البلدين منذ عقود.

 

“من الأميرة مارجريت إلى الملكة ماري… قصة صداقة واحترام متبادل، وجسر ممتد بين الدنمارك ومصر”.

كما ذكرت على صفحتها الرسمية “فصل لا يُنسى فى مصر

زارت جلالة الملكة ماري، ملكة الدنمارك، مصر للمشاركة فى الافتتاح التاريخي للمتحف المصري الكبير-إنجاز عالمي يحتفي بعراقة التراث المصري ورؤيته الحديثة”.

وخلال زيارتها، التقت جلالتها بفخامة الرئيس

عبد الفتاح السيسي، حيث أشادت بجهود مصر المتميزة فى إنشاء المتحف المصري الكبير كصرح فريد من نوعه يعرض روعة الحضارة المصرية العظيمة. كما شاهدت جلالتها شروق الشمس الساحر فوق أهرامات الجيزة، فى لحظة جسّدت سحر وجمال مصر الخالد.

كما كتبت الملكة رانيا العبد الله تقول “ممتنة للرئيس عبدالفتاح السيسي والسيدة انتصار السيسي على الترحيب بي وبسلمى -حفل رائع جسد حاضر مصر وتاريخها العريق” .

ثم عبرت عن إعجابها الكبير هي وابنتها الأميرة سلمى بما شاهدته من قطع أثرية فى المتحف الكبير قائلة “أحلى رحلة عبر الزمن مع حبيبتي سلمى”.

(2)

قبل أن ينقضي الأسبوع الماضي حتى تحقق على أرض مصر إنجاز جديد حيث تم توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة  وشركة الديار القطرية لإنشاء أكبر مشروع للتنمية العمرانية والسياحية بالساحل الشمالي الغربي بمنطقة علم الروم على مساحة 4900 فدان، باستثمارات تصل إلى

29.7 مليار دولار  تقوم شركة الديار القطرية بسداد 3.5 مليار دولار نقدا نهاية ديسمبر القادم وتحصل هيئة المجتمعات العمرانية على حصة عينية من الوحدات  تصل إلى 397 الف متر مربع بقيمة تقديرية تبلغ

1.8 مليار دولار  ونسبة 15% من صافى أرباح المشروع كما سيوفر 250 ألف فرصة عمل تقريبا.

ويعد المشروع مشروعا عمرانيا متكاملا يشمل مجموعة من الفنادق العالمية وأحياء سكنية وخدمات ومستشفيات وجامعات ومدارس.

ومثل كافة مشروعات الشراكة بين الدولة المصرية والمطورين المحليين والدوليين يتم العمل طبقا للقانون المصري وقانون هيئة المجتمعات العمرانية واللائحة الخاصة به.

هذا المشروع يعد نقلة جديدة للتنمية السياحية فى الساحل الشمالي الغربي حيث يساعد فى تحقيق رؤية مصر التي تسعى إليها فى 2030 بالوصول إلى

30 مليون سائح وفى 2040 إلى 50 مليون سائح.

كما يساهم فى تنمية منطقة علم الروم وهي إحدى المناطق الواعدة بالساحل الشمالي.

المشروع الجديد الذي يبعد عن مشروع رأس الحكمة بـ 50 كيلومترا جاء نتيجة نجاح الدولة المصرية فى توفير مناخ جاذب للاستثمار بالإضافة إلى نجاحها خلال الفترة الماضية فى إقامة بنية تحتية قوية بالساحل الشمالي ونجاح النموذج العمراني المتكامل الذي أنشأته الدولة فى مدينة العملين الجديدة ليتحول الساحل الشمالي إلى منطقة عمرانية متكاملة تعمل طول العام وليس خلال أشهر الصيف فقط ويوفر فرصا استثمارية جديدة.

المشروع يستكمل مراحله خلال خمس سنوات، ويعد من أكبر المشروعات الاستثمارية القطرية على مستوى العالم.

إن مثل تلك المشروعات التي تقوم على الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص المحلي والدولي يعد بمثابة أحد مسارات التنمية الاقتصادية التي تستهدفها الحكومة والتي حددت لها 4 قطاعات هي الصناعة، الزراعة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة.

إنها مسارات سيكون لها مردود إيجابي كبير على الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة من خلال زيادة حجم الصادرات.

وقد نجحت مصر فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى تحقيق طفرة كبيرة فى صناعة التعهيد (تُسند شركة أو جهة عمل جزءًا من مهامها أو خدماتها إلى شركة خارجية متخصصة بدلاً من تنفيذها داخل الشركة نفسها) وتعد مصر حاليا من أفضل 10 دول عالميا فى هذا المجال الذي يخلق أكبر قدر من فرص العمل كما يساهم فى نقل الخبرات المتخصصة.

وسيتم افتتاح 50 مشروعا فى هذا المجال مع 50 شركة عالمية الأحد القادم وهو ما يدل على أن الدولة المصرية تسير فى الاتجاه الصحيح رغم التحديات.

من المتحف الكبير إلى علم الروم، تمضي مصر بخطوات واثقة نحو المستقبل، تجمع بين أصالة التاريخ وجرأة التنمية، لتكتب فصولًا جديدة من النجاح والاستقرار، تثبت فيها أنها لا تزال – كما كانت – قلب الحضارة ووجهها المشرق.