صالون الرأي
ثمن العبور
By amrأكتوبر 09, 2022, 18:17 م
644
تاريخ الأمم لا يصنع بين يوم أو ليلة، وإنما تدون سجلاته أفعال الشعوب ومواقفهم خلال حقبة من الزمن ليقيس المؤرخون بعدها كيف نجح هذا الشعب فى أن يصنع تاريخًا حافلاً بالأمجاد والبطولات، أو كيف أهدر فرصا ومنحا دنيوية وسماوية وانطوى فى زاوية مظلمة من زوايا الهزيمة والانكسار.
وفى تاريخ الأمة المصرية كانت “الإرادة” هى الكلمة الحاسمة الفاصلة، فلقد جئنا قبل التاريخ ووضعنا عنوان الدولة الأم واسمها وصنعنا للدنيا حضارة كانت وماتزال هى المصدر لكل الحضارات..
فقد أردنا حفر قناة السويس رغم ما قيل إنها مستحيلة وما تزال دماء أجدادنا وآباؤنا تمتزج بمياهها، وأردنا بناء السد العالى رغم المتاريس والعراقيل التى وضعوها أمامنا، وكان السد العالى أعظم وأضخم المشاريع الهندسية التى عرفها العالم.
تعودنا على مدار تاريخنا أن نختار بإرادتنا وتحمل تبعات اختيارنا مهما حدث ومهما كانت الكلفة والنتائج، وعندما تعرضنا للهزيمة فى حرب لم نخوضها قررنا أن نتحمل كلفة أخطائنا ونطور من أنفسنا ونزيد من عزيمتنا وإصرارنا لكى نخوض حربًا حقيقية، وقد كان وخضنا حرب أكتوبر وحققنا نصرًا تاريخيًا مايزال وسيظل يُدرّس فى كل أكاديميات العالم العسكرية، فعلى الرغم من الكلفة الكبيرة إلا أننا قررنا أن ندفعها وتصدى الجيش لهذه المسئولية الكبيرة وجيشت الدولة كل إمكانياتها ورهنتها من أجل الحرب وتحمل الشعب هذا القرار وشارك فيه وظلت مصر طوال الفترة من 67 وحتى 82 مرهونة للحرب ومتطلباتها وأصبح لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وعاش الشعب ظروفا صعبة وتعثرت عجلة التنمية بشكل ملحوظ أثر بشكل كبير على حال البلاد ووضعها الاقتصادى لسنوات طويلة.
اختارت الدولة فى هذه الفترة أن يتوقف كل شىء تقريبا حتى تنتهى الحرب وساندها الشعب ووقف بإرادته خلف الدولة والجيش وعبرنا إلى أرضنا الحبيبة سيناء، وإلى مستقبل يستند على إرادة من حديد لا تلين ولا تنكسر هذه الإرادة هى نفس الإرادة التى قررت أن تتحدى مخططات الشر لفرض قوى بعينها على الدولة المصرية وتحركت فى ثورة عارمة يوم 30 يونيه.
لقد قرر الشعب المصرى بنفس تلك الإرادة أن يخوض الحرب ضد الإرهاب ومخططات الشر وأن يتحمل كعادته كلفة هذا الاختيار ودخلت الدولة المصرية منذ عام 2013 حربا شرسة ضد الإرهاب، ولكن فى هذه المرة لم تكرر الدولة المصرية وقيادتها ما حدث فى الفترة من 67 وحتى 82، فقد قررت أن تطلق عجلة التنمية فى نفس الوقت الذى تحارب فيه الإرهاب وحققت نصرًا كبيرًا على الجبهتين بفضل حُسن إدارتها وعزيمة شعبها.. لذلك يجب أن نحافظ على هذا النصر الكبير ونظل نقف بجوار وطننا وندعم اختيار قادتنا لمسار التنمية والعمران بجوار مسار الحرب على الإرهاب، وألا يتخاذل أحد فينا وألا يقول “أنا ذنبى إيه”، إن وطننا يمر بظروف وتحديات صعبة ويحتاجنا جميعا فلا يجب أن نخذله.
سوف ننتصر ولا شك، سوف ننتصر رغم الشر والحقد، رغم الشائعات والأكاذيب ومحاولات بث ونشر الإحباط واليأس، سوف نتحمل وسوف نحقق معجزة العبور الآمن إلى الجمهورية الجديدة، والله بالغ أمره.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن