الرئيسية سياسة عنصرية ووحشية ضد السود.. الشرطة الأمريكية.. لا إصلاح ولا تهذيب
سياسةشئون دولية
عنصرية ووحشية ضد السود.. الشرطة الأمريكية.. لا إصلاح ولا تهذيب
By amrفبراير 07, 2023, 17:10 م
410
بعد نحو عامين ونصف العام من الصدمة التى فجرها مقتل المواطن الأمريكى الأسود جورج فلويد على أيدى الشرطة الأمريكية، والمظاهرات الواسعة التى خرجت وقتها احتجاجا على عنصرية ووحشية الشرطة والمطالبة بإصلاحها، جاء الكشف عن مقطع الفيديو الذى يظهر اعتداء رجال الشرطة بالضرب المبرح على الأمريكى من أصل أفريقى تاير نيكولز، ما أدى إلى وفاته بعد عدة أيام فى المستشفى الذى تم نقله إليه، ليؤكد بعد سلسلة من حوادث مشابهة خلال العامين الماضيين، أن شيئا لم يتغير، وأن الشرطة الأمريكية ما زالت مستمرة فى استخدام أساليبها الوحشية.
ونشرت سلطات مدينة ممفيس الأمريكية فى 27 يناير الماضى مقطع فيديو مؤلما تضمن أربعة أجزاء التُقطت من خلال الكاميرات المثبتة على زى رجال الشرطة وكاميرا لمراقبة الشوارع، يظهر عناصر الشرطة فى المدينة الواقعة بولاية تينيسى يعتقلون تاير نيكولز (29 عاما) ويحاولون تثبيته باستخدام صاعق ورش رذاذ الفلفل ثم مطاردته بعد محاولته الفرار منهم.
وتظهر مشاهد لاحقة من مقطع الفيديو الذى يمتد قرابة الساعة وتُسمع فى أجزاء منه أصوات نيكولز وهو يبكى وينادى والدته، رجال الشرطة وهم يركلون نيكولز مرارا فى الرأس ويلكمونه فى الوجه ويضربونه بعصا، بينما يشير الفيديو إلى أن سيارة الإسعاف لم تصل لأكثر من 20 دقيقة بعد الضرب الوحشى، وقالت الشرطة إن نيكولز اشتكى لاحقًا من ضيق فى التنفس ونقل إلى المستشفى، التى أدرجت حالته على أنها حرجة.
قبل نشر الفيديو تم إيقاف الشرطيين الخمسة المتورطين فى ضرب نيكولز، وجميعهم أيضًا من السود، بعد تحقيق داخلى سريع توصل إلى أنهم استخدموا القوة المفرطة ولم يقدموا المساعدة، وإضافة إلى تهمة القتل من الدرجة الثانية، لإقدامهم على ضرب تايرى نيكولز، الذى توفى فى المستشفى فى 10 يناير بعد ثلاثة أيام على توقيفه بشبهة «القيادة المتهورة»، يُتهم عناصر الشرطة بالاعتداء المشدد والخطف المشدد.
بالرغم من ذلك، أثار مقطع الفيديو احتجاجات فى عدد من المدن الأمريكية للمطالبة بإصلاح جهاز الشرطة الذى قالوا إنه يجعل من العادى معاملة السود بوحشية فى ممفيس وفى جميع أنحاء البلاد، وقارن كثيرون وفاة تايرى نيكولز بمقتل جورج فلويد، الذى قضى اختناقًا فى مينيابوليس فى مايو 2020 بعد أن ضغط شرطى أبيض بركبته على رقبته لمدة عشر دقائق.
وبعد عامين من مقتل فلويد، بلغ عدد الذين قتلوا فى احتكاك مع الشرطة خلال عام 2022 مستوى قياسيًا هو الأعلى منذ عشر سنوات حيث وصل إلى 1186 قتيلًا، بينهم 26% من السود فى حين أنّهم لا يمثّلون سوى 13% من مجموع السكان، وفق ما أورد موقع «مابينج بوليس فايلنس» (مسح عنف الشرطة).
وحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، تبين عدة دراسات أن الأمريكيين السود، أكثر عرضة لأن يقعوا ضحايا للشرطة مقارنة بالأعراق الأخرى، حيث أعلنت منظّمة «مابينج بوليس فايلنس» غير الحكومية، فى دراسة أجرتها، أن السود يقتلون على يد الشرطة، أكثر بثلاث مرات من البيض.
وقال القس آل شاربتون، أحد قادة الحقوق المدنية الأمريكية، لـ «بى بى سى»، إن الجريمة الأخيرة مؤلمة بشكل خاص بسبب عرق الضباط، وأوضح «قاتلنا من أجل وضع السود فى قوات الشرطة .. إن تصرفهم بهذه الطريقة الوحشية هو أفظع مما أستطيع أن أخبركم به»، وأضاف «لا أعتقد أن هؤلاء الخمسة من ضباط الشرطة السود كانوا ليفعلوا ذلك لو كان شابا أبيض اللون».
وقال المحامى أدانتى بوينتر إن حالات قتل رجال سود على أيدى ضباط سود نادراً ما تتصدر الأخبار.
وأضاف لـ «بى بى سى»: «هذه القضية توضح أنها ليست مجرد قضية بيض مقابل سود، ولكنها بدلاً من ذلك ديناميكية للقوة تلعب دورها بغض النظر عن عرق ضباط الشرطة».
من جانبها، سلطت وسائل الإعلام الأمريكية الضوء على العنصرية والعنف المتأصلين فى منظومة الشرطة، وفى هذا السياق، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن «عامل أن الضباط الخمسة المتهمين بقتل نيكولز من السود يزيد من المعاناة، ويسلط الضوء أيضًا على ما قاله العديد من السود وكثيرًا ما يضيع فى قضايا وحشية الشرطة التى تشمل ضباطًا بيض وضحايا سود، وهو أن: مشاكل العرق والشرطة هى نتيجة لثقافة راسخة فى جهاز الشرطة من العنف ونزع الصفة الإنسانية عن السود أكثر من كونها نتيجة لعنصرية بين الأشخاص.. إن النظام والتكتيكات هو ما يعزز العنصرية والعنف، كما يقولون، وليس الهويات العرقية للضباط».
فى نفس السياق، لفتت صحيفة «لوس انجلوس تايمز» إلى قول بعض الخبراء إن عنف الشرطة مثل ذلك ضد نيكولز، ليس له علاقة بعرق الضباط بقدر ما يتعلق بشىء متأصل بعمق فى عمل الشرطة ككل.
ونقلت الصحيفة عن دوان لوينز، الأستاذ المساعد للدراسات الحضرية والأفريقية فى كلية رودس فى ممفيس، قوله إن «الدراسات تشير إلى أن الضباط السود هم بنفس القدر من الوحشية ضد السود مثل نظرائهم البيض، وفى بعض الأحيان أكثر وحشية».
أما الكاتب الصحفى بيرى بيكون فقال فى مقال بصحيفة «واشنطن بوست» تعليقاً على مقتل نيكولز: إن هذه الجريمة ما هى إلا تذكير بأن علينا أن نغير منظومة الشرطة فى الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الحادثة الجديدة ما هى إلا مثال فظيع على وحشية الشرطة.
وأوضح بيكون أن فصل ضباط الشرطة الذين قتلوا نيكولز وتوجيه تهم لهم لا يعتبر دليلاً على أن منظومة الشرطة تعمل بشكل جيد، فالرجل قتل على يد أشخاص من المفترض أنهم مكلفين بالحفاظ على حياة المدنيين، وما فعله نيكولز وهو قيادة السيارة بتهور، والفرار من الشرطة، لا يجب أن ينتهى بالموت على أيدى مسئولين يمثلون الحكومة فى بلد تدعى أنها أكبر ديمقراطية فى العالم.
وأضاف بيكون أن «كون الضباط الخمسة جميعهم من السود، وأيضا نيكولز- وكذلك قائد شرطة ممفيس- لا يجعل الموقف أقل سوءًا أو لا علاقة له بالعنصرية.
المشكلة، كما يقول نشطاء «حياة السود مهمة» منذ عقد من الزمان، ليست أن الضباط الأفراد يكرهون السود أو الأقليات الأخرى، ولكن قيام أقسام الشرطة الأمريكية بتدريب ضباطها على النظر إلى المواطنين العاديين على أنهم إما تهديدا لسلامة الضباط أو مصدر اضطرابات لمجتمع منظم، ما يؤدى إلى تصاعد المشاجرات بلا داع إلى عمليات قتل».
وأشار بيكون إلى أن «الشرطة الأمريكية غالبًا ما تستهدف الفقراء أو الذين يعتبرهم مجتمعنا مصدر إزعاج، لذلك فإن السود هم أكثر عرضة للقتل على يد الشرطة من أولئك الذين ينتمون إلى مجموعات عرقية أخرى».