رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

عظم شهيدك.. بطولات خالدة في سجل الشرف

321

احتفلت مصر وقواتها المسلحة بيوم الشهيد، الذي يواكب ذكرى استشهاد البطل الفريق أول عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة يوم 9 مارس 1969، ومنذ ذلك اليوم قدمت مصر قائمة طويلة من الفخر والشرف والتضحيات لأبطال وشهداء هانت عليهم حياتهم فداء للوطن واستقراره.

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الاحتفال بـ «يوم الشهيد» في الندوة التثقيفية الـ37 للقوات المسلحة بمركز المنارة للمؤتمرات بالقاهرة الجديدة إن هناك تضحيات ومقدرات وتكلفة قدمتها الدولة في حربها على الإرهاب، وأن ما حدث من إرهاب ليس وليد اللحظة بل كان نتاج فكر وتخطيط من أهل الشر من أجل أن تتعرض مصر لما مرت به منذ عشر سنوات.

أكد الرئيس السيسي أن الشهداء، الذين ضحوا بأرواحهم دفعوا ثمنا كبيرا من أجل أن تنعم مصر بالأمن والأمان والسلام، مشددا على قدرة مصر الكبيرة فى تخطي الصعاب والتحديات.

ووجه الرئيس السيسي التحية والتقدير لأسر الشهداء والمصابين، قائلا: «عهدنا معكم أننا لن ننساكم، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لكم، لكن العهد الأكبر أننا سنجعل ثمن دماء أبنائكم والإصابات التي حدثت وقدمت فداء لمصر، وميلاد لدولة يفتخر بها أبناء مصر وأحفادها.

وقال الرئيس: «لقد شهدت جميع الأحداث التي وقعت ورأيتها وهي تحدث على أرض الواقع، وتترتب بشكل أو بآخر، وكما رأيتم فإن احتفالية يوم الشهيد تعكس أمرا واحدا فقط، إنه مهما بلغت الصعاب والظروف التي واجهناها، ستمر تلك الصعاب بفضل الله، وهناك ثمن كبير تم تقديمه بالفعل وتكراري لهذا الكلام دائما يكون من أجل تقديم العرفان لأسر الشهداء المتواجدة وغير المتواجدة معنا اليوم».

تضحيات كبيرة

وأضاف «هذا الثمن الذي تم بذله من أجل الوطن كان كبيرا للغاية، عندكم وعندي أيضا، وعند جميع المصريين، الذين يشاهدوننا خلال تلك الاحتفالية، ويشعرون بمدى الثمن الكبير، الذي تم بذله؛ لتعيش مصر فى أمن وأمان وسلام».

وتابع الرئيس : «هذه الرسالة ليست للمصريين الطيبين فقط ولكن أيضا رسالة للأشرار.. فعندما حدث هذا الكلام منذ سنوات كنا نقول إن هذه الظروف العصيبة ستنتهي يوم ما»، مؤكدا « أنه ليس هناك إرهاب يستطيع القضاء على بلد أو هدمها طالما كانت على قلب رجل واحد»، مضيفا أن هناك ثمنا ووقتا كبيرا ومقدرات وتكلفة تضيع فى مواجهة الإرهاب، بخلاف الأرواح التي تقدم فداء لمصر، مؤكدا أن هناك نهاية بالتأكيد لكل ما رأيناه يوميا على مدى عشر سنوات مضت».

مخططات إرهابية

 واستطرد الرئيس السيسي «سأتحدث معكم كشاهد عيان من أجل أن تعلموا أنه ليس هناك شيء ينفذ وليد اللحظة بل هناك فكر وتخطيط وترتيب وإجراءات لما حدث من أجل الوصول فى النهاية إلى ما وصلنا إليه خلال السنوات العشر الماضية.. وأنا أقول وقائع حيث كنت نائبا لمدير المخابرات الحربية فى 2009، وكنا نعقد لقاءات من أجل مناقشة الوضع الأمني فى سيناء بحضور مدير المخابرات الأسبق اللواء مراد موافى، ورئيس جهاز أمن الدولة الأسبق اللواء حسن عبدالرحمن، وخلصنا إلى أنه تم خلال سبع سنوات تشكيل بنية أساسية ضخمة للإرهاب فى شمال سيناء وهي عبارة عن مخازن للأسلحة والذخيرة والمفرقعات وأيضا عناصر بشرية كبيرة للسيطرة».

وقال الرئيس إنه «بالعودة إلى مواقــــــع التواصـــــــل خـــــــــــلال الفتـــــرة من (2008

و 2009)، سوف ترون أنه كانت هناك أفلام للعناصر الإرهابية وهم ينظمون عروضا عسكرية وكأنهم خارج إطار الدولة وكان التشخيص للوضع آنذاك بأنه توجد مشكلة كبيرة فى سيناء وأن الكتلة الإرهابية التي تشكلت على مدى السنوات من 2005 إلى 2008، تحتاج إلى جهد وعمل عسكري مشترك كبير من الشرطة والجيش من أجل التدخل؛ لمواجهة هذا الخطر ولكن لم يتم تنفيذ ذلك، حيث كانت هناك ظروف واتفاقيات تحكم الوضع فى سيناء، وتنص على تواجد قوات شرطة محدودة وقوات من الجيش موجودة على المنطقة

(أ) فقط وظل الموضوع كذلك».

خيوط المؤامرة

وقال الرئيس السيسي «المؤامرة اتضحت فى عام 2011 فبينما الناس مشغولة فى الميدان كان يتم تخريب مقدرات الدولة المصرية المتواجدة فى شمال سيناء من خلال الاعتداء على الأقسام والمديريات وكل ما يتعلق بمؤسسات الدولة وتم الإعلان عن ولاية وقضاء شرعي للإرهابيين «على حد تعبيرهم».

وأضــــــــاف الرئيـــــس «أنـــــه فى يوم

 28 يناير 2011 خرجت الأمور عن السيطرة وتحدثت إلى وزير الدفاع آنذاك المشير محمد حسين طنطاوي (رحمه الله) وأبلغته أن مشكلة كبيرة جدا قد تنشأ لو الأمر على هذا الوضع لأنه كان من الممكن للإرهابيين القيام بعمليات عبر الحدود ضد إسرائيل وكان يمكن لها أن ترد وكان هذا سيمثل مشكلة تؤدي إلى صراع كبير وربما كان هذا هو هدفهم فى النهاية».

وتابع الرئيس: «كان القرار من المشير طنطاوي الدخول بقوات، حيث قمنا بعمل الإجراءات المطلوبة مع الإسرائيليين فى ذلك الوقت، حيث اتصلت بهم وأبلغتهم بأننا نحتاج تدخل قوات بسرعة فى العريش ورفح والشيخ زويد من أجل السيطرة على الوضع هناك وهم كانوا متفاهمين وطلبوا أن نبلغهم بعدد القوات التي ستكون موجودة فى هذه المناطق».

وقال «إننا مستمرون فى ذلك الوضع حتى الآن، حيث زاد حجم القوات الموجودة خلال الـ 8 و9 سنوات حتى نتمكن من التعامل مع التحديات هناك».

وأضاف «أنه يروي هذا الكلام حتى لا نغفل أو ننام عن أي شيء داخل مصر وأيضا من أجل الانتباه من أي شىء يمس أمن مصر من الخارج».

 الاستقرار والتنمية

وقال الرئيس السيسي مخاطبا الشعب المصري «عندما توليت المسئولية عام 2014 كان لدي خياران، الأول: أن أحملكم الهم ويتم وقف كل الأعمال التنموية ونقوم بحشد إعلامي ضخم على الحرب ضد الإرهاب فى سيناء، التي لم تكن بسيطة»، مشيرا إلى أنه لو تم عرض الأفلام التي صورت تلك المواجهات مع الإرهابيين – التي تم تصويرها عن طريقهم وهي موجودة على مواقع الانترنت- ستشاهدون حجم الخسائر والدمار والخراب الذي وقع على الأرض والمواطنين فى سيناء على حد سواء، مشيرا إلى أن هذه الأفلام تظهر بشاعة ما كانت ترتكبه الجماعات الإرهابية وخوفا على مشاعر المواطنين لم نعرض هذه الأفلام.

وتابع الرئيس: «أما الخيار الآخر، كان السعى بكل همة وما أوتينا من قدرة لإنهاء المشكلة جنبا إلى جنب مع بناء البلاد التي كانت تمر بظروف غاية فى الصعوبة وزادت الصعوبة أكثر بعد الفترة من 2011 و2012 و2013، مؤكدا أنه تم اختيار الطريق الثاني، حيث كان أبناؤنا يحاربون فى سيناء والبلاد تحارب أيضا فى معركة أخرى وهي معركة البناء، وقد نجحنا فى إنجاز المهمتين.

وقال الرئيس السيسي «إننا عندما قلنا إن الإرهاب اختفى من سيناء أرادوا أن يعودوا من خلال عملية إرهابية؛ ليثبتوا أنهم لا يزالوا متواجدين ، لذلك يجب علينا الانتباه والحيطة دائما».

وأكد الرئيس السيسي ضرورة أن تكون الدولة المصرية دائما منتبهة وفى يقظة تامة لما يحاك ضدها، وأن يظل «السلاح صاحي» فى مواجهة العناصر الإرهابية، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية كانت تكلف الدولة على الأقل كل شهر مليار جنيه ولمدة 90 شهرا أو أكثر بحيث يتم الحساب منذ عام 2011.

تحديات كثيرة

وأضاف الرئيس السيسي أنه يؤكد هذا الحديث خلال الاحتفال بيوم الشهيد، لأنه يتصور أن جميع المصريين متأثرون جدا بحالة أسر الشهداء سواء ( زوجة، أم، أب أو أبناء)، فنحن متأثرون مثلهم؛ لأننا بشر وهم أبناؤنا وأهلنا، مشددا على أن هناك ثمنا كبيرا جدا تم دفعه بخلاف دم الشهداء والمصابين.

وتابع الرئيس: «هناك أشخاص لا تنام وآخرون يستشهدون؛ لكي نعيش فى سلام ومن المهم جدا أن يشعر أهالي الشهداء بالثمن والتقدير الكبير من جانبنا جميعا لهم»، مؤكدا أن الدولة المصرية حريصة على التأكيد على ذلك.

وأضاف: «أكدت سابقا أننا لا بد وأن نصبح أكثر صلابة من الآن، لأن التحديات أمامنا كثيرة ولم تنته»، مشددا على أن بناء دولة بها 105 ملايين نسمة، وأكثر من 6 ملايين من الضيوف، الذين يعيشون وسط المصريين، واستعادة مكانتها فى التعليم والصحة وغيرهما من المجالات أمر ليس باليسير، ويحتاج جهدا وتضحية كبيرة.

وأشار إلى أنه «عندما بدأت المعركة مع الإرهابيين، كان الكثير ينتظر انتهاء تلك المعركة، وكنا نعلم أنها ستنتهي بفضل الله، وبدماء الشهداء»، لافتا إلى أنه: «سيتم إقامة معرض يخلد ذكرى تلك الحرب؛ لنطلعكم على الأشياء التي كانت موجودة وما تبقى منها، وهي ليست قليلة بل كثيرة جدا، سواء سلاح أو ذخائر أوأجهزة اتصالات وكل ما تعنيه من معدات للحرب».

معرض لتخليد الحرب

وأوضح الرئيس أن الحرب هناك لم تكن بسيطة، فأغلب الناس اعتادوا على أن يروا الحرب من منظور الدبابات والطائرات مثل كل الحروب التقليدية، ولكن تلك الحرب كانت أكثر شراسة، لأننا فى الحرب العادية، نعلم العدو التقليدي ونراه ونستطيع التعامل معه وجها إلى وجه، ولكن هذا العدو مختلف، فلا نراه لأنه يختبئ بيننا، ويرتدي نفس ملابسنا؛ ليقوم بكل خسة وجبن بالمباغتة والهجوم»، مضيفا «نحن نعلم أن كل أسر الشهداء تشعر بالأسى والوجع على فراق أبنائها وأيضا على مستقبل بلدها».

وأضاف الرئيس: «سوف نقوم بتنفيذ هذا المعرض؛ لتخليد تلك الحرب الشرسة، لنريكم من خلاله صور وأسماء هؤلاء الأعداء والمجرمين»، محذرا: «من أن يتكرر هذا الأمر مرة أخرى» قائلا: «إياكم يا مصريين أن تكونوا السبب مرة أخرى فى خراب بلدكم، فهذا الأمر حدث عندما تفككت البلاد فى عام 2011 ، وسأكرر هذا الحديث لكم باستمرار وسأحاسب أمام الله على هذا الكلام».

ووجه الرئيس السيسي بضرورة تدريس هذه الأحداث داخل المدارس، ونشرها فى وسائل الإعلام والجامعات، لافتا إلى أن: «تدمير الدول من الداخل أمر عظيم، فهذا فكر وعلم، كما أنه أرخص تكلفة عند من يقومون به، فتدمير بلد بأهلها تكلفته قليلة جدا على من يقومون بتنفيذ ذلك».

وطمأن الرئيس السيسي، الشعب المصري قائلا: «إن الدولة المصرية بخير وسلام وأمان واليوم أفضل من الأمس، ولا يجب أن نقيس ظروفنا الاقتصادية بحال الدولة، والأزمة الاقتصادية الراهنة التي نمر بها ليست هي المقياس الحقيقي للدولة المصرية».

وذّكر الرئيس السيسي بالوضع فى مصر عامي 2012 و 2013 وما نحن عليه الآن، مطالبا بضرورة عدم نسيان ذلك وأن تلك الأحداث كادت أن تدخل البلاد فى حرب أهلية تستمر لسنوات عديدة، منبها إلى أن هناك العديد من الدول دخلت حروبا أهلية ولم تخرج منها حتى الآن.

وتابع الرئيس: «إن الله أراد لمصر بفضله ألا تدخل فى تلك الحروب رغم كل التخطيط والمكر، ولكن الله أراد أن ينجي مصر من تلك الأزمة وهذا ما حدث بفضل الله».