صالون الرأي
الغرب يعترف بسرقته
By amrمارس 19, 2023, 17:07 م
575
بأمر الغرب، على دول العالم الثالث أن تظل حبيسة بين أسوار هذا العالم، التي رسمها لهم الغرب، ولا يحق لأي دولة تعيش بداخله أن ترتقي إلى مصاف عالم آخر متقدم، يُسمح لها فقط الدوران فى فلكه المحدود، ولا يشفع لها امتلاكها إنتاجا صناعيا كبيرا، برغم أن تاريخ إطلاق اسمه وتحديد دوره يعود إلى فترة الخمسينيات من القرن الماضي، ولم يلحق عليه أي تعديلات طبقا لمفاهيم العصر الحديث.
كان الهدف من تصنيف الغرب دول العالم إلى ثلاث عوالم هو رسم خرائط مختلفة الأطراف اللاعبة فى الحرب الباردة، وينسب المؤرخون إطلاق التصنيفات الثلاث إلى العالم الديموجرافى الفرنسي “ألفريد سوني”، وقد جاء فى مقال نشره فى عام 1952 تحت عنوان “ثلاثة عوالم.. كوكب واحد”، ولا يعني مسمى العالم الأول أنه الأفضل فى كل النواحي، حسب رؤية الباحث “بول فارمر”، ويقول إن الولايات المتحدة الأمريكية فيها جيوب تعاني من فقر مدقع تقع فى المناطق الحضارية والريفية على حد سواء، ويعمل الباحث فارمر أستاذا فى كلية الطب بجامعة هارفارد.
تصنيف عالم أول وثالث يفصح عن استعلاء الغرب ونظرته الفوقية، ومن جانب آخر يرسخ مفهوم سيادة المستعمر على المستعمرة، وبمثابة إقرار منه أنه مازال ينهب خيرات مستعمراته السابقة، وأن هيمنته لن تنفك عنه، ويصدر صورة ذهنية لجميع الأطراف أنه صاحب اليد العليا المانحة، التي تحافظ على بقاء الحياة لمن هو أدنى منه، وتوحي له أنها تحوطه بحمايتها، والمنظمات التي أنشأها أو ما تسمى بالمنظمات الدولية تناشده بضغط الهوة الاقتصادية والعلمية بينه وبين الدول النامية.
والطريف اختفاء مصطلح العالم الثاني مع انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك حلفائه، كانضمام ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية، وتعريف العالم الثالث فى معجم المعاني يحمل عدة أوجه، تارة يذكر أنه مجموعة من الدول النامية التي لديها معدلات عالية من الفقر والأمية، وتارة أخرى يعرفه المعجم بأنها الدول الأقل نموا الواقعة فى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وفى قول ثالث يعني أنها مجموعة بلدان فى طريقها إلى التنمية.
ويظهر فجأة تصنيف جديد يسمى العالم الرابع، إشارة من مفكري الغرب إلى الفئات المهمشة مثل الغجر، ويشمل المناطق الأكثر فقرا وتخلفا، وتمر بصفة دائمة باضطرابات اقتصادية، ويطلق كذلك على المناطق ذات الاكتفاء الذاتي، التي تنأى بنفسها عن المشاركة فى الاقتصاد العالمي، منها قبائل بورجينيه بأمريكا الجنوبية وقبائل السكان الأصليين فى أستراليا، وفى وسط زحمة تلك التقسيمات لا يزال موقع الصين حائرا بين العالم الأول والعالم الثاني التائه بعد الحرب الباردة، ومراكز الأبحاث الغربية تبرر عدم لحاق الصين بالعالم الأول لوجود 373 مليون نسمة تعيش فى فقر شديد، غير أن شركات صينية عديدة
لا تحيد عن تصنيع منتجات رديئة الجودة، مما يعوق معدل النمو الاقتصادي للصين.