رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تونس..حكاية استرداد وطن مختطَف منذ عشر سنوات

الطريق إلى تحقيق إرادة شعب (3) مؤسسات تصدّت لحكم المرشد

496

واصل تنظيم الإخوان غيّه لأخونة وتفكيك مفاصل الدولة المصرية، لم يكن الهدف الخير لمصر كما جاء فى شعارهم المستحدث «نحمل الخير لمصر» بعد أن كان شعارهم على مدى عقود سابقة «الإسلام هو الحل» ليكتشف المصريون أن الدم لدى ذلك التنظيم هو الحل فى مواجهة كل من يعارضهم أو ينتقدهم.
فهو تنظيم إرهابي لا يعرف سوى لغة الدم والحديث الذي يتحدثون به للعامة ليس سوى مراوغة سياسية للوصول إلى كرسي الحكم ثم بعد ذلك يشهرون سيوفهم لقطع أعناق من يخالفهم لا يعبأون لشيء سوى لبقاء التنظيم.
ويستطيع مفتي الجماعة أن يفتيها ويبيح لها اليوم ما حرمه عليها أو على غيرها بالأمس، لأن الفتوى لديهم أيضًا مرتبطة بالظرف والغرض.

فقبل 2011 كانت الجماعة تؤيد بقوة مخطط التوريث، بل إن مرشدهم محمد بديع أشاد بجمال مبارك فى 10 أبريل 2010 خلال حديث تليفزيوني للعاشرة مساءً على قناة دريم، قائلاً: «إن الجماعة لن يكون لها مرشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة فى عام 2011، وأن الجماعة ستختار من بين البدائل المتاحة، ليس لدينا تحفظات على أي شخص؛ بشرط أن تكون الآلية لاختياره هي صناديق الانتخابات.. فليترشح جمال مبارك ببرنامج جديد يختاره الشعب، ويقدم إصلاحات يتعهد بها أمام الشعب المصري، فليس لدينا تحفظ على ترشحه».

(1)

عقب أحداث 2011 قفز التنظيم الإرهابي إلى المشهد ليحصد ما لم يزرعه، لكنها ثوابت التنظيم المبنية على الخطف والدم والسرقة.
وبعد أن غير التنظيم كل تعهداته.. فسب مبارك ونجله عقب ثورة يناير 2011 وسيطروا على البرلمان ومجلس الشورى ثم دفعوا بأكثر من مرشح للرئاسة، د. محمد مرسي وخيرت الشاطر، ولأن الجماعة كانت تدرك أن خيرت الشاطر لن تنطبق عليه شروط الترشح، وهو الثابت فى يقينها فرشحت بديلاً له وهو د. محمد مرسي، وإلا لماذا دفع التنظيم بمرشحين فى آنٍ واحد؟!
وبعد فوز مرسي بالرئاسة، قال عصام العريان القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة فى أكتوبر 2012 موجهًا حديثه لعمرو موسي خلال حضوره عقد قران نجل د. عبد المنعم أبو الفتوح، قائلاً: «انصحهم بقى يا عمرو بيه أنت صديقهم وبيحترموا كلامك، وقول لهم إن مبارك لن يخرج من السجن إلا على النقالة التي ستنقله إلى القبر، والناس تقتلني أنا لو مبارك خرج من السجن»، هكذا كانت حقيقة ما يضمره أعضاء التنظيم الإرهابي.
هكذا هي ثوابت التنظيم الإرهابي يتنفسون الكذب ولا يعرفون سوى الدم والإقصاء لغة، والأوطان لا قيمة لها عندهم.
أعود فى هذه الحلقة لاستكمال الطريق إلى تحقيق إرادة شعب، وفى هذه الحلقة نواصل كيف عمل التنظيم الإرهابي على أخونة المؤسسات واستهدف مؤسسة القضاء والثقافة والأزهر؛ وكيف عمل التنظيم الإرهابي على صناعة الأزمات للقفز على تلك المؤسسات مستخدمًا مفردة ثابتة لديه يقذف بها شعارًا لكسب التعاطف (التطهير)، وهو فى الحقيقة يستهدف أخونة تلك المؤسسات.
فبزعم تطهير القضاء مارس التنظيم الإرهابي ضغوطا شديدة من خلال التظاهرات للنيل من السلطة القضائية ولقد لقنهم القضاء المصري الشامخ درسًا قاسيًا لن ينساه أعضاء التنظيم الإرهابي.
بدءًا من قضية اقتحام السجون ووقوف نادي القضاة فى وجه مشروع قانون السلطة القضائية الذي كان يستهدف تسريح عدد كبير من القضاة واستبدالهم بأعضاء الجماعة من المحامين، وحصار المحكمة الدستورية وإقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، خلال تلك الأحداث كان تنظيم الإخوان يستهدف الضغط على القضاة بالتظاهرات التي كانت أمام دار القضاء العالي وكذا حصار المحكمة الدستورية العليا.
إلا أن قضاة مصر الأجلاء تصدوا بقوة للمؤامرة الإخوانية المستهدفة لأخونة القضاء ومنع حدوث تلك الجريمة النكراء.

(2)

بالتوازي مع محاولات التنظيم الإرهابي الفاشلة لأخونة القضاء كان التحرك للنيل من الأزهر الشريف والسيطرة عليه وإجبار الإمام الدكتور أحمد الطيب على الاستقالة، وقد كان التحرك بشأن الأزهر مبكرًا فقد كان موقف الدكتور أحمد الطيب مما عرف بالصكوك الإسلامية سببًا رئيسيًا فى شن التنظيم الإرهابي هجومًا واسعًا عليه والمطالبة بإقالته.
كما أن «الإخوان» كانوا يرون أن شيخ الأزهر يقف حجر عثرة فى طريقهم بسبب موقفه مع الرئيس الإيراني، والذي بدا جليًّا خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أحمدي نجاد مع كبير مستشاري الأزهر.
كما استغل التنظيم الإرهابي حادثة تسمم عدد من طلاب المدينة الجامعية بالأزهر فى أبريل 2013 لتجديد المطالبة بإقالة شيخ الأزهر بل منعوه من دخول المشيخة وحشد التنظيم لتظاهرة ضمت طلاب التنظيم فى الجامعة وكذا المعاهد الأزهرية.
ورغم إقالة شيخ الأزهر لرئيس جامعة الأزهر فى ذلك الوقت وإقالة مدير إدارة المدن الجامعية، إلا أن الجماعة الإرهابية واصلت التصعيد ضد شيخ الأزهر.
وقد أثارت الأحداث حفيظة حزب «النور» السلفي، الذي تحدث نائب رئيسه لشئون الإعلام فى ذلك الوقت نادر بكار عن وجود نية مبيتة للزج باسم شيخ الأزهر ومحاولة اغتياله معنويًا، بعد فشل محاولات إقالته لأسباب دستورية.
فقد كان استهداف التنظيم الإرهابي لشيخ الأزهر فى مواقف عديدة من ضمن تلك المواقف كانت قد خصصت جماعة الإخوان كراسي الصف الأول لأنصارها متجاهلة شيخ الأزهر، حيث خصصت الجماعة لمقام شيخ الأزهر كرسيَّا فى الصف الثاني خلف قيادات الجماعة، لم يرض الإمام الأكبر بهذه الإهانة للأزهر فقرر الانسحاب قبل بدء اللقاء، واحتج كذلك على عدم تخصيص مقاعد لأعضاء هيئة كبار العلماء فى مقدمة الصفوف، فى تجاهل واضح للأزهر الشريف وعلمائه.
ولأن التنظيم كان يستهدف الدفع بقياداته إلى الصدارة فحاول فرض مفتي الجماعة الدكتور عبد الرحمن البر ليكون مفتي الجمهورية وجاءت الصدمة عندما جاء موقف هيئة كبار العلماء برفض مساعي الإخوان، وصوتت للدكتور شوقي علام بـ 22 صوتًا مقابل صوت واحد للدكتور البر، وتعمد الإمام الأكبر إعلان النتيجة فى مؤتمر صحفي قبل إبلاغ الرئيس المعزول محمد مرسي بها حتى لا يتم رفض النتيجة أو التلاعب بها.
كما لم ينس التنظيم الإرهابي للدكتور الطيب ما حدث حينما أصدر الرئيس المعزول فى ‬22 نوفمبر 2012، إعلانًا دستوريًّا ليحصن قراراته ويمنع حل مجلس الشورى أو الطعن فى لجنة الدستور ويعين نائبًا عامًّا جديدًا، وقرارات أخرى، وأحدث هذا الإعلان وقيعة وانقسامات بين أبناء الوطن، ما دعا الأزهر الشريف للتحرك ومحاولة لم الشمل الوطني انطلاقًا من مسئوليته الوطنية.
وطالب الأزهر فى بيان صادر عن مجمع البحوث الإسلامية بتجميد «الإعلان الدستوري» والدعوة إلى حوار وطني فورًا، تشارك فيه كل القوى الوطنية دون استثناء أو شروط مسبقة.
وحاول أعضاء التنظيم الإرهابي التظاهر أكثر من مرة للضغط على شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب.
فكان الرد على تظاهرات التنظيم الإرهابي بخروج مظاهرة تأييدًا لشيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب ضد محاولة «أخونة الأزهر»، وخرج المتظاهرون فى مسيرة من ميدان التحرير صوب مشيخة الأزهر، وتجمع مئات المتظاهرين أمام مشيخة الأزهر لدعم شيخ الأزهر.
ورفع المتظاهرون لافتات تقول «الأزهر خط أحمر» و«لا لأخونة الأزهر»، وهتف المتظاهرون «يا بديع شيخ الأزهر مش للبيع»، و«الأزهر خط أحمر».
وشارك أزهريون من رابطة الصحو الإسلامية (رابطة تضم شيوخ منتمون للأزهر الشريف) فى التظاهرة بملابسهم الأزهرية المميزة، وقاد الأزهريون المسيرات من التحرير لمقر المشيخة.

( 3)

ومن الأزهر إلى الثقافة فقد عمد التنظيم الإرهابي وفق خطة أعدها مكتب الإرشاد لإدراكه أهمية الثقافة فى السيطرة على الوعي المجتمعي والحفاظ على هوية الدولة، فتحرك باتجاه أخونة الثقافة محاولاً الدفع بالتجربة التي نفذها فى المحليات وعدد من القطاعات لكنه لم يكن يدرك أن التحرك باتجاه أخونة قطاع الثقافة سيكون بداية النهاية للتنظيم الإرهابي.
كان الهدف من «أخونة الوزارة»، باعتبارها من أهم الوزارات بحكم تأثيرها فى ثقافة الشعب المصري واتجاهاته، ومن ثم فإنها وزارة مهمة فى ملف تحريك المجتمع، فضلاً عن كونها وزارة تضم نخبة مثقفة ومفكرة ومسئولة عن وعى الأمة.
فكان الأمر بمثابة دخول التنظيم الإرهابي لـ«عش الدبابير»؛ فليس من السهولة اقتحام الوزارة واختطافها، خصوصًا مع محاولات أخونة دار الأوبرا، وقطاع العلاقات الثقافية الخارجية، وهو الأمر الذى وصل لاستقالة رؤسائها.
ففي 7 مايو 2013 تم تولي «علاء عبدالعزيز» حقيبة وزارة الثقافة والتي لم يظل بها سوى 29 يومًا، فقد حرص منذ اليوم الأول لتوليه الوزارة على أخونة وزارة الثقافة وهو ما ظهر واضحًا عقب إقالته لرئيسة دار الأوبرا المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم، وكذا إقالة رئيس هيئة دار الكتب والوثائق القومية وتعيين أحد قيادات التنظيم الإرهابي بدلاً منها والذي بمجرد توليه مهام منصبه قام بعزل أكبر 4 قيادات فى الهيئة من مناصبهم.
والتى أطلق عليها «مذبحة دار الكتب والوثائق القومية» لكنها كانت نهاية التنظيم الإرهابي ليست فى الثقافة وحدها لكنها فى مصر فقد أعلن الكتاب المثقفون والفنانون اعتصامهم بمبني وزارة الثقافة لحين خروج الوزير الإخواني وإقالته من منصبه.
وحاول التنظيم الإرهابي استخدام عناصره فى فض الاعتصام بالقوة إلا أن المثقفين والفنانين من المعتصمين تصدوا لهم.
فى الوقت ذاته كان التحرك فى الشارع المصري يزداد سخونة استعدادا ليوم الثلاثين من يونيو وهو الموعد الذي حددته حركة تمرد لخروج الجماهير المصرية تهتف بسقوط حكم المرشد وتسترد الدولة المصرية.