صالون الرأي
ذمة “الأديب القرداتى”
By amrأغسطس 16, 2023, 18:18 م
473
لا أقصد بالقطع الذمة المالية، فليس لى شأن بها، وهناك من يسأل عنها ومعنى بها، والذى أتوقع أنه سيجد مفاجآت كثيرة تسره لو دقق وفحص ومحص وسأل وحقق.
ولكن ما يعنينى هو الذمة الأدبية تلك التى تتعلق بالمحرك الأساسى لأى نية والمشغل الرئيسى لأى فعل يتعلق بتوجيه الأفكار أو الرسائل أو نقل الرؤى أو محاولة إحداث تأثير موجه لتحقيق غرض ما.
هذه الذمة نسميها نحن أهل “الورقة والقلم” – الفلتر- الذى يمر عبره الأفكار والكلمات والأحاديث قبل أن تتحول إلى كائن مرئى فى مقال أو تدوينه أو مداخلة أو حوار تليفزيونى، ولأن الذاكرة البشرية قد تتأثر ببعض العوامل الزمنية والصحية وغيرها، إلا أنها فى مجمل الأحوال لا تنسى ما خزنته كله ويبقى فيها الكثير لسنوات طويلة.
ومن نعم الله علينا أن مكنا نحن البشر من اختراع ما يدعم هذه الذاكرة ويساعدها فكانت “ذاكرة اليوتيوب” التى لا تنسى شيئا على الإطلاق وتحفظه بكافة تفاصيله.
ومع الذاكرة البشرية والذاكرة الصناعية يأتى الحظ السىء لهذا الكاتب الذى يظن نفسه محلل و”أديب” وأظنه ليس أكثر من “قرداتى بيتنطط” على كل مائدة شوية.
فالمصريون يا “أديب” من سوء حظك لا ينسون، خاصة من هم مثلك ، فقد شاهدوك تمدح مبارك وتؤيد مشروع التوريث، وشاهدوك أيضًا وأنت تنقلب عليه وتقدح فيه وفى كل من له صله به، وشاهدوك أيضًا تركب مركب الإخوان فى عامهم الأسود وشاهدوك أيضًا وأنت تقفز منه وهو يوشك على الغرق قبل أن ينتهى نفس العام، ويعلمون مدى قصور تحليلاتك ويشاهدون ويعلمون كيف تبنى مواقفك وكيف توجه أفكارك ومن الذى يدفع “الفاتورة”.
مقالاتك ما هى إلا أفكارًا وكلمات موجهة اندفعت فاتورتها مسبقًا، وما أنت إلا إرادة عمياء تنفذ دون تفكير أو تدبير، ودون اعتبار لصالح بلدك.
أفكارك وكلماتك تصطاد فى الماء العكر، وتختار توقيت أن تعلم أنه حرج ، وظروف تعلم جيدًا أنها استثنائية تمر بها كل دول العالم، ولكنك تحاول أن تبعث برسائل أُمليت لك وعليك، وأنت لا حول لك ولا قوة، فقد تحولت إلى “خادم” لمن يدفع لك أكثر حتى وإن كان ذلك على حساب بلدك.
إياك أن تظن أو تراهن على فراسة المصريين أو على ذاكرتهم ، فهم لا ينسون ولا يسامحون من أساء إليهم ومن تركهم فى أزماتهم بل وتاجر بها.
يحفظ التاريخ كل ما قلت وكل ما كتبت وسيبقى لك كل ما قلت وكل ما كتبت وستعلم قريبًا أنك راهنت رهانًا خاسرًا وإنك بسذاجة لا نظير لها، اخترت طريق يعلم الجميع أنه طريق الخاسرين دائمًا.
مقالاتك الأخير تؤكد أنك ما تزال تصر على أن تبيع شرف الكلمة، وشرف الرجل – إن كنت لا تعلم – هو الكلمة.
لا يعنينى أن تراجع نفسك وتتراجع عما تفعل ولا يعنينا جميعًا، لأننا نعلم تمام العلم أن الأوطان باقية وأن من يبيعون الأوطان إلى زوال دائمًا.
حفظ الله الجيش .. حفظ الله الوطن.