صالون الرأي
عالم ما بعد ترامب!
By amrنوفمبر 25, 2024, 20:03 م
57
جمال رائف
ترقب عالمي لخطوات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الأولى نحو البيت الأبيض الذي يرحل عنه جو بايدن وقد تركه مشتعلا بالأزمات الداخلية والخارجية، وكأنه اتبع سياسة الأرض المحروقة داخل المكتب البيضاوي ما يعقد مهمة ترامب خلال السنوات الأربعة القادمة، الرئيس الأمريكي الجديد أمام خريطة صراع دولي تستنزف الخزينة الأمريكية وتضع التموضع الأمريكي الخارجي في خطر، هذا بجانب تحديات داخلية تمثل تهديدا حقيقيا لمستقبل الديمقراطية الأمريكية.
عالم ما بعد ترامب بالتأكيد ليس هو ذاته الذي نراه الآن خاصة وأن قدرة الإدارة الأمريكية الجمهورية على إدارة الملفات الخارجية تحديدا ستحدد مستقبل التموضع الأمريكي على الساحة الدولية، بل يعد هذا نقطة فاصلة ما بين بقاء النظام الدولي أحادي القطب أو الذهاب إلى عالم متعدد الأقطاب، حيث إن قدرة الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة القادمة على إدارة الصراع الدولي لصالحها قد يحسم هذا الجدل ولكنها ليست بالمعركة السهلة حيث إن تعدد بؤر الصراع التي تنخرط بداخلها الولايات المتحدة وتشابك المصالح الاقتصادية مع أطراف الصراع أمر ليس في صالح الكفة الأمريكية، لهذا من المتوقع أن يبدأ ترامب بترتيب أولويات عمل إدارته خارجيا وفق أولوية المرحلة، بمعنى أنه سيذهب للتخلص من عبء الصراع في شرق أوروبا وهذا سيحدث صدعا في العلاقات الأمريكية الأوروبية ولكنه صدع يسهل على ترامب ترميمه فيما بعد بينما يتجه لإدارة الأوضاع في الشرق الأوسط ولكن ليس بنفس اندفاع فترة رئاسته الأولى خاصة وأن اتساع الصراع الإقليمي يهدد المصالح الأمريكية وينعكس سلبا على نقاط صراع أخرى بالساحة الدولية تتواجد بها الولايات المتحدة ومن ثم المتوقع أن يتم إدارة ملف الشرق الأوسط بهدوء على غير ما يتوقع البعض، في حين إن ترامب ربما يغير طريقة إدارة الصراع في بحر الصين الجنوبي عبر إشعال الحرب التجارية مع الصين وبالتوازي سيسعى لإفشال التقارب الروسي الصيني بما يمكنه من إدارة كل ملف على حدة، ومن المؤكد أن إسكات جبهة شرق أوروبا أو تحريك الملف النووي الإيراني بالإضافة لطريقته الخاصة في التعامل مع كوريا الشمالية جميعا أدوات ربما تحقق لترامب هذه الرؤية.
النظام الدولي يتشكل من جديد هذه حقيقة لا يمكن غض الطرف عنها والمتغيرات العنيفة التي شهدتها الساحة الدولية خلال العقدين الماضيين تحديدا تمهد لمولد نظام عالمي جديد يتزامن مع قدوم ترامب إلى البيت الأبيض، ما يضع الإدارة الأمريكية الجديدة في اختبار هو الأصعب إما أن تنجح في الإدارة الدبلوماسية لمرحلة الميلاد أو يذهب العالم الي قيصرية الحرب العالمية التي سيتبعها عالم أضعف من أن ينهض إلا بعد عقود.