صالون الرأينجوم وفنون
الدراما النفسية بين الواقع والشاشة
By amrيناير 14, 2024, 16:32 م
1052
الفن، هو مرآة المجتمع، يجسد معاناة البشر وينقل أوجاعهم وآلامهم على شاشتى السينما والتليفزيون، وقد كان وما يزال المرض النفسى بكافة أشكاله واضطراباته، سواء ما يتعلق منها بالوسواس القهرى أو الاكتئاب أو غيره من الأمراض النفسية، مادة خصبة أمام صُناع الأفلام والمسلسلات.
ورغم شغف السينما المصرية الدائم بتناول الاضطرابات النفسية، فقد غلب على معظم هذه النوعية من الأفلام الطابع الكوميدى والهزلى فى كثير من الأحيان، بعكس السينما العالمية التى قدمت طرحاً علمياً جاداً لمعاناة المرضى النفسيين.
وقد ساهمت الدراما مع الأسف فى الترويج للكثير من المفاهيم المغلوطة والأخطاء الشائعة حول طبيعة وحقيقة المرض النفسي، مثل الخلط بين مرض الفصام والذى يعانى المريض به من الانفصال عن الواقع والهلاوس السمعية والبصرية، وبين مرض اضطراب تعدد الشخصيات، الذى تم تناوله فى العديد من الأفلام المصرية، مثل “بئر الحرمان” و”عفريت مراتي” على أنه هو مرض “الشيزوفرينيا” أو الفصام.
وكذلك مصطلح “السيكو دراما”، والذى يظن الكثيرون أنه يشير إلى الأعمال الفنية التى تتناول المرض النفسى والشخصيات المعقدة نفسياً، ولكنه فى الحقيقة نوع من أنواع العلاج بالمسرح، حيث يمثل المريض النفسى دور بطل العرض، ويقوم الطبيب النفسى بدور المخرج، ويتم الاستعانة بأقارب وأصدقاء المريض لتمثيل أدوار الشخصيات المساعدة بالمسرحية.
ولم تعد السينما فقط وسيلة للمتعة البصرية والترفيه، ولكنها أصبحت تساهم بشكل فعال فى العلاج من العديد من الاضطرابات والأمراض النفسية، خاصة وأن مشاهدة نوعية معينة من الأفلام يمكن أن تساعد فى التخلص من الخوف والتوتر والحزن، وهناك أفلام يمكن لمريض الاكتئاب مشاهدتها لتخفيف بعض أعراض المرض ومساعدته على التقدم بالعلاج.
ومع إقبال الملايين على مشاهدة أفلام الرعب، يحذر الأطباء النفسيون من إدمان تلك الأفلام، ويضعون بعض الشروط الواجب توافرها، والطقوس اللازم القيام بها قبل مشاهدة أى فيلم منها، مؤكدين أنه لو تم اتباع هذه القواعد فيمكنك أن تستفيد من مشاهدة أفلام الرعب فى التخلص من بعض عُقدك ومكامن خوفك، والعكس صحيح إذا لم تلتزم بها، لأن العقل يعلم أنك تشاهد فيلماً من صنع الخيال، ولكن جسمك لا يعرف ذلك ويفرز بعض الهرمونات التى قد تضرك وتؤثر على صحتك ونفسيتك.
ولذلك يجب أن يعود كُتاب الدراما إلى أهل الاختصاص قبل التصدى لمثل تلك الموضوعات، لأنه يمكن أن يكون لها تأثير سلبى للغاية على المشاهدين والعكس صحيح، حيث يمكن أن تساهم الأعمال الفنية الجيدة فى زيادة حجم الوعى بطبيعة المرض النفسي، وكيفية التعامل مع المرضى النفسيين، بعيداً عن الصورة الظالمة والمشوهة التى أدت إلى تحول المرض النفسى إلى وصمة عار لصاحبه وأقاربه والمحيطين به، رغم أنه لا يختلف عن أى مرض عضوى ُيصاب به الإنسان، بل وقد يكون أسهل فى علاجه!