رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

أسرار فى حياة آخر كبار دولة التلاوة يرويها ابنه لـ «أكتوبر»

999

محمد محمود الطبلاوي، آخر الكبار فى دولة التلاوة، «ابن بلد»، بسيط ومتواضع، أستاذ فى الأداء والمقامات، شق لنفسه طريقا وسط الكبار من القراء المصريين أمثال عبد الباسط عبد الصمد ومصطفى إسماعيل ومحمد صديق المنشاوي، ومحمود على البنا، والحصري، فأصبح آخر عظماء مدرسة التلاوة، تفرد الشيخ الطبلاوي بصوت منحه الله إياه فكان من الصعب محاكاته، وإذا سمعت صوته بين الآلاف عرفته.

«أكتوبر» التقت نجله محمد محمد محمود الطبلاوي، القارئ للقرآن، ليحدثنا عن أبيه ويروي لنا مواقف كثيرة فى حياته، وأسرار لا يعرفها الكثيرون، فإلى نص الحوار.

حوار : محمد أبو السول

حدثنا عن نشأة والدك.. آخر عمالقة دولة التلاوة الشيخ محمد محمود الطبلاوي.

ولد أبى لرجل بسيط فى منطقة ميت عقبة بالقاهرة، هو محمود الطبلاوي، فى أواخر عام 1934 وكان يحلم بأن يصبح ولده هذا من أهل القرآن، ولما بلغ الرابعة من عمره ألحقه والده بكُتّاب المنطقة.

وتعود أصوله إلى محافظتى الشرقية والمنوفية، وأتم حفظ القرآن الكريم فى التاسعة من عمره، من مشايخه الشيخ عبد الفتاح القاضى والشيخ أحمد مرعى والشيخ رزق خليل حبة والشيخ عبد الحميد المسيري.

 ماذا عن فترة الطفولة.. كيف كان يذكرها؟

كان يذكر والده دائما بكل الخير وكيف اهتم به ولما كبر أبى جاهد حتى يحقق حلم أبيه، فكان يقول: إن جدى رحمة الله عليه يهتم بالشيخ الذى يحفظ أبى رحمه الله فى الكتّاب، وكان يعطيه قرشا إضافيا، حتى يهتم بطفله؛ ليكون قارئ قرآن.

ويقول: إن جدتى، رحمة الله عليها، رأت فى المنام رؤيا أن الجنين فى بطنها سيكون من حملة القرآن وأسموه محمد.

 كيف بدأت حكاية الشيخ الطبلاوى مع القرآن؟

التحق بالكتاب ليحفظ القرآن فاكتشف الشيخ جمال صوته، وكان بعد الانتهاء من الحفظ والتسميع يجمع الأطفال ويجعله يقرأ عليهم ويرتل ويجود القرآن، وكان يقول له «إنت صوتك رخيم، وليك مستقبل كبير»، فكان شيخه فى الكتاب أول من اكتشف فيه جمال الصوت.

 أشتهر الشيخ الطبلاوى مبكرا.. ما قصة أول أجر حصل عليه؟

أتم أبى حفظ القرآن وهو فى عمر 9 سنوات، وكان يخرج للقراءة فى سرادقات العزاء والمناسبات وهو فى سن 12 عاما، مقابل 10 قروش لليلة، ثم أصبح يدعى للتلاوة فى مآتم كبار الموظفين والشخصيات البارزة والعائلات المعروفة، بجوار مشاهير القراء الإذاعيين قبل أن يبلغ الخامسة عشرة، وارتفع أجره إلى 5 جنيهات.

وكان دائما ما يذكر جدى بأنه كان دائم الاهتمام به، وأنه كان رجلا طيبا و«بتاع ربنا» فأكرمه الله فى ولده وأصبح قارئا للقرآن الكريم وملء السمع والبصر.

 كيف كان يذكر معاناته للالتحاق بالإذاعة؟

قصة التحاق والدى بالإذاعة تركت أثرا كبيرا فى نفسه، لأنه تقدم أكثر من 9 مرات وفى كل مرة كان يتم تأجيله، ورغم تكرار المحاولات لم ييأس، حتى تم اعتماده فى عام 1970، وهذا موقف يعكس مدى صبره وتحمله وتمسكه بحلمه، ولو كان أحد غيره ما صبر وما تحمل كل هذه المحاولات غير الموفقة، خاصة أنه كان معروفا فى جميع محافظات الجمهورية.

 ما الزيارة الخارجية التى كان الشيخ الطبلاوى يحكى لكم عنها دائما؟

زيارته للسعودية وقراءته فى جوف الكعبة أكثر ما كان يحب ذكره وترديده على مسامعى، فقال لى أنه فى زيارته للمملكة العربية السعودية طلب منه حامل مفتاح الكعبة أن يدخل ويقرأ فى جوف الكعبة من الداخل، كما لم يفعل قارئ من قبل، هذه الواقعة كان يذكرها كثيرا ويتفاخر بها، وكان يقول «لقد شممت ريح الجنة حينها وأنا أقرأ القرآن فى جوف الكعبة فى رمضان».

حدث ذلك فى فترة السبعينيات حينما كان جالسا مع الملك السعودى الراحل خالد بن عبد العزيز آل سعود، فاصطحبه معه لغسل الكعبة، ثم طلب منه القراءة بداية من قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)  «سورة النساء: الآية 58».

وفى زيارة له بإيران اصطحبه أحد المرافقين إلى مدرسة هناك، وقال لـ أبى: «كل دول بيقلدوك يا شيخ محمد» ووجدهم «كاتبين اسم أبى على الفصل»، وهذا الأمر أسعده جدا.

 تزوج الشيخ فى سن صغيرة.. ما قصة زواجه؟

أبى تزوج 3 مرات، وأنجب 13 ولدا وبنتًا، تزوج الأولى وكان عمره 16 عاما، وأنجب من زوجته الأولى 10 أولاد، 5 بنين، و5 بنات، وأمى كانت الزيجة الثانية فأنجبت له ولدين «أنا وأحمد»، ثم الزيجة الثالثة فأنجب منها عمر، 14 عاما.

وأنا الوحيد من أكمل المسيرة فى قراءة القرآن، وإن كنت أتمنى أن نكون جميعنا من قارئى القرآن الكريم.

 من الشيخ الذى كان والدك يفضل سماعه؟

كان أبى يحب الاستماع إلى كبار القراء القدامى، ومنهم الشيخ هاشم هيبة، والشيخ محمد صديق المنشاوى، والشيخ عبد الباسط، والشيخ كامل يوسف البهتيمي، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ البنا، والشيخ مصطفى إسماعيل، وكان يسمع هؤلاء ويستمتع بتلاواتهم جميعا، ولم يكن متعصبا لأحد دون الآخر.

 من كان أقرب أصدقائه من القراء المشاهير؟

الشيخ عبد الباسط والشيخ المنشاوى كانا الأقرب إليه من القراء، والشيخ عبد الباسط كان دائم الزيارة لأبى فى منزلنا، فكان هناك مسجد أسفل عمارتنا كانا يجلسان به، وكان أبى يزوره أيضا.

وكان أبى يحكى أنه عندما كان يقرأ مع الشيخ عبد الباسط تكون بينهما مثل المباراة، وكل منهما له جمهوره وكل جمع يجلس فى مكان مخصص.

 هل تذكر أبرز الشخصيات التى قرأ الشيخ الطبلاوى القرآن فى عزائها؟

بدأ أبى قارئا فى محافظة الجيزة وما حولها، واشتهر بحلاوة صوته وتفرد طريقته وطول نفَسه، فباتت العائلات الكبيرة تتسابق لحجزه فى مناسباتها، وجاب المحافظات من أقصاها إلى أقصاها وكان له مريديه ومحبيه فى كل مكان يذهب إليه.

كما قرأ فى سرادق عزاء الملك حسين، وشاه إيران، والرئيس حافظ الأسد.

 كيف كان الشيخ الراحل فى المنزل؟

كان الشيخ الطبلاوى أبا حنونا مع أولاده وكان يحب الهزار والضحك، ولم يتعصب يوما، ودائم النصح لنا بقراءة القرآن.

وكان يختم القرآن مرة كل أسبوع، ولم يفرض علينا رأيا، لكنه كان يطلب منا أن نستشيره فى أمورنا، ونحن اعتدنا على ذلك.

 كيف يتعامل الناس مع ابن الشيخ الطبلاوي؟

طول ما أنا «ماشى فى حياتى» أقابل الناس، وأشعر بمدى محبتهم لأبى وأرى تسهيلات كبيرة بفضل أبى وحبهم له، وأتشرف أننى ابن الشيخ الطبلاوى، فقد ترك لنا إرثا كبيرا من محبة الناس، وهذه تكفى.

فقد أوصانا بتقوى الله والقرآن، والرضا بما قسم الله، والتواضع وعدم التكبر.

 هل كان له أصدقاء مشاهير من غير القراء؟

كان أبى من مشجعى نادى الزمالك، وكان يحب الكابتن حمادة إمام، ولاعبى النادى القدامى ويعرفهم جيدًا.




503 Service Unavailable

Service Unavailable

The server is temporarily unable to service your request due to maintenance downtime or capacity problems. Please try again later.

Additionally, a 503 Service Unavailable error was encountered while trying to use an ErrorDocument to handle the request.