رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

من يحمي الجمهور من «الفنكوش»؟!

82

محمد رفعت

رغم مرور ما يقرب من 40 سنة على عرض فيلم “واحدة بواحدة” من بطولة زعيم الكوميديا عادل إمام، إلا أننا لا يمكن أن ننسى اختراع “الفنكوش”، الذى كشف به مؤلف الفيلم مدى خداع الوكالات الإعلانية للجماهير بإعلانات عن منتجات وهمية، وأصبح رمزًا لاستخدام الدعاية السوداء فى التحايل والتلاعب بعقول الناس.

يتناول الفيلم المقتبس عن الفيلم الأمريكى «Lover Come Back»، قصة تنافس بين وكالتى إعلانات هما «أوسكار» التى يديرها صلاح فؤاد (عادل إمام) و«حسن وحسنى وحسنين» التى تديرها مايسة (ميرفت أمين).

يجسد صلاح فؤاد جميع ما فى هذا العالم من الانحرافات ويستخدم أساليب الإغراء الرخيص لكسب المزيد من العملاء، فهو يستغل خدمات الراقصة زيزى روكا (زيزى مصطفى) لكسب عقد إعلانات دسم من مرسى (على الشريف) صاحب مصنع الورنيش، وتتوالى أحداث الفيلم عندما يتورط فى إعلان وهمى لمنتج وهمى اسمه «الفنكوش» لمنع زيزى روكا من الشهادة ضده لأنه تلاعب بها ولم يلتزم بوعده لها بجعلها نجمة إعلانات.

أما “مايسة”، فهى شخصية ملتزمة بأصول وقواعد المهنة والمبادئ والأخلاق، وتحاول كسب عقود الإعلانات عبر تقديم الأفكار الإبداعية الحقيقية، إلا أنها تفشل فى مساعيها، نظرًا لاتباعها قواعد المنافسة الشريفة.

كما تظهر مايسة بقدر هائل من السذاجة إلى درجة أن صلاح فؤاد نجح فى خداعها وإيقاعها فى شباكه عندما انتحل شخصية الدكتور أيوب (محمود الزهيري)، المطلوب منه تقديم اختراع الفنكوش، بل إنها تضطر للتراجع عن بعض مبادئها، فى سبيل كسب قلب الدكتور أيوب المزيف، كما أنها هى نفسها صارت فى سباق مع صلاح فؤاد للحصول على «الفنكوش» الوهمي، وهى تعرف ذلك جيدًا.

إن تعرضها للخداع بسهولة وسعيها إلى «الفنكوش» يحمل 3 رسائل، أولها أنها لا تعرف العاملين فى القطاع بشكل جيد، وهو نقيصة كبيرة، والثانية أن من لا يستخدم الأساليب الملتوية فى عالم الإعلان، لن يحالفه النجاح، أما الثالثة فهى أنه حتى الأشخاص الأخلاقيين فى هذه الصناعة لا يردعهم شيء إذا كان لديهم ثأر مع أحد.

يكتفى «واحدة بواحدة» بإظهار قادة صناعة الإعلان التجاري، ويستعرض أخلاقياتهم وطريقة تفكيرهم وأساليبهم فى العمل، لكنه لا يتعرض لآليات العمل اليومية فى وكالات الإعلان، فهو
لا يظهر محررى الإعلانات ولا المخرجين الفنيين
ولا أقسام خدمة العملاء المخولة بالتواصل مع العملاء وبيع الأفكار كما يفعل الفيلم الثاني.

ومع الاعتراف بخطأ التعميم فى ظل وجود وكالات إعلانية جادة وتقدم أفكارًا مبتكرة للترويج عن المنتجات المختلفة باحترافية ووعى ودون الانزلاق إلى الكذب أو المبالغة أو بيع الوهم للناس، إلا أن عالم الإعلانات فى العالم العربى كله يحتاج إلى تشريعات حقيقية تضع النقاط فوق الحروف، وتحمى المستهلك والمعلن ذاته فى بعض الأحيان من خداع بعض شركات الإعلان!