رئيس التحرير
وادي النيل قمة الشراكة والتكامل
By mkamalأكتوبر 28, 2018, 11:14 ص
1478
جاءت القمة المصرية – السودانية الثالثة والعشرون، على مستوى الرؤساء والتي عقدت بالخرطوم الخميس الماضي، تأكيدًا على عمق العلاقات بين مصر والسودان التي توصف بأنها علاقات أزلية ومتشعبة في كافة الاتجاهات والمجالات ويزكي هذه العلاقات ويدعمها أن البلدين يجري فيهما شريان واحد يمد كل منهما بالحياة متمثلاً في نهر النيل.. الذي يمثل لهما مرتكزا وأساسا قوياً للعديد من مشروعات التعامل.
وقد نسجت اعتبارات الجغرافيا ومسارات التاريخ وحركة البشر علاقة خاصة بين مصر والسودان، على نحو ربما لم يتيسر لشعبين آخرين فى المنطقة. إذ إن هناك علاقة قوية بين الشعبين الشقيقين.. فهناك صلة نسب ومصاهرة ودم.
ويمثل السودان العمق الاستراتيجى الجنوبى لمصر، لذا فإن أمن السودان واستقراره يمثلان جزءًا من الأمن القومى المصري، ومن هنا تبرز أهمية السياسة المصرية تجاه السودان للحفاظ على وحدته واستقراره وتماسكه من ناحية وفى تعزيز علاقات التكامل بين الجانبين من ناحية أخرى، فالسياسة المصرية تحرص فى هذه المرحلة الجديدة الفارقة فى تاريخ البلاد بعد ثورة يونيو على إقامة علاقات تتميز بالخصوصية والتفاهم العميق مع السودان الشقيق، وتطوير علاقاتنا الاقتصادية المشتركة وإحداث نقلة نوعية فيها تتماشى مع ما تطمح إليه شعوب الدولتين.
وتحرص السياسة المصرية فى هذه المرحلة على إقامة علاقات تتميز بالخصوصية والتفاهم العميق مع السودان الشقيق، وتطوير علاقاتنا الاقتصادية المشتركة وإحداث نقلة نوعية فيها تتماشى مع ما تطمح إليه شعوب المنطقتين.
خاصة فى ظل ارتفاع حجم الاستثمارات المصرية فى السودان إلى 207 مليارات دولار.
وتحرص الدولتان على تقوية ودعم العلاقات بينهما فى شتى المجالات، فالسودان يعد الدولة الوحيدة التى لديها قنصلية فى محافظة أسوان مما يدل على نمو حجم التبادل التجارى. وتلك القنصلية لا يتوقف دورها عند تقوية العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدولتين بل يمتد هذا الدور ليشمل العلاقات فى المجالات المختلفة.
الزيارة التى قام بها الرئيس السيسى لحضور اللجنة الرئاسية العليا المشتركة بين البلدين تحمل العديد من الدلالات وتلبى العديد من طموحات الشعبين الشقيقين.
– حرص الزعيمان السيسى والبشير على دورية انعقاد اللجنة العليا الرئاسية من أجل التشاور المستمر فى كافة الملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين ومواصلة التنسيق بينهما وتطابق الرؤى بين مصر والسودان فى العديد من الملفات ومنها الملف الليبى والقضية الفلسطينية، وإفريقيا، وسوريا، واليمن، وعدد من قضايا المنطقة.
– جاء حرص الدولتين على تنفيذ وثيقة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتحت الرعاية المباشرة من القيادة العليا فى الدولتين بهدف توسيع دائرة المنافع والمصالح من أجل مستقبل أفضل لشعبى الدولتين.
وتأسيسًا على هذا النهج فقد حفل هذا العام بالعديد من مظاهر التعاون المثمر والزيارات المتبادلة على كافة المستويات والتى توجت بزيارة رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير إلى القاهرة 19 مارس الماضى وزيارة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى إلى الخرطوم يومى 28 – 29 يوليو الماضى، بالإضافة إلى مشروعات التعاون الثنائية الكبرى التى ستدفع نحو تعزيز وترقية العلاقات الاقتصادية التجارية والاستثمارية.
بدأت فعاليات اللجنة الرئاسية المشتركة باجتماع اللجنة الفنية على مستوى كبار المسئولين بالقاهرة يومى 7 – 8 أغسطس 2018 وأعقبه اجتماع اللجنة الوزارية يومى 28 – 29 أغسطس 2018، حيث اجتمع الوزراء المعنيون بالقطاعات الستة السياسى والأمنى والقنصلى والاقتصادى والمالى والنقل والتعليم والثقافة والإعلام والخدمات والزراعة والموارد المائية والرى.
وتم التوافق على مختلف أوجه التعاون الثنائى وتبع ذلك اجتماع اللجنة الفنية بالخرطوم يوم 23 أكتوبر 2018 أعقبه اجتماع اللجنة الوزارية يوم 24 أكتوبر 2018، حيث توصل الطرفان إلى توافق بشأن الوثائق المختلفة من اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية.
وتوجت هذه الجهود بانعقاد اللجنة الرئاسية السودانية المصرية المشتركة بالخرطوم فى يوم الخميس الموافق 25 أكتوبر 2018، حيث تم التوقيع على اثنتى عشرة وثيقة فى مجالات التجارة والزراعة والصحة والتعليم العالى والإعلام والشباب والرياضة والهجرة وتبادل الخبرات وبناء القدرات والتدريب الدبلوماسى والتأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور المشترك لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه واستكمال الوثائق التى ما تزال قيد المراجعة والدراسة والانعقاد الدورى للجنة الرئاسية المشتركة كل عامين.
وفى هذا الإطار اعتمد الرئيس عمر حسن أحمد البشير رئيس جمهورية السودان والرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية محاضر الاجتماعات الفنية والوزارية التى عقدت واتفقا على عقد أعمال الدورة الثالثة للجنة الرئاسة المشتركة بين السودان ومصر بالقاهرة فى أكتوبر 2020.
– متابعة المشروعات التى يتم العمل بها فى إطار التعاون المشترك بين البلدين ومنها مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسودان والذى يعد بمثابة نافذة لتصدير الدولة المصرية لفائض إنتاجها من الكهرباء إلى إفريقيا.
– بدء تنفيذ عملية ربط السكك الحديدية بين البلدين وهو ما يعد شريانا جديدًا يضاف إلى نهر النيل ليربط بين البلدين .
التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتى تم الاتفاق عليها خلال أعمال اللجنة الرئاسية المصرية السودانية المشتركة، وتشمل:
* بروتوكول تنفيذى لإنشاء مزرعة نموذجية مشتركة لإنتاج المحاصيل البستانية.
* مذكرة تفاهم بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بجمهورية مصر العربية ووزارة الزراعة والغابات بجمهورية السودان فى مجال مكافحة دودة الحشد الخريفية.
* مذكرة تفاهم للتعاون فى مجال تبادل الخبرات بين حكومتى جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان.
* مذكرة تفاهم بين معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة خارجية جمهورية مصر العربية ومركز التدريب ودعم القرار الدبلوماسى بوزارة خارجية جمهورية السودان.
* البرنامج التنفيذى للتعاون الفنى بين وزارة القوى العاملة بجمهورية مصر العربية ووزارة العمل والإصلاح الإدارى والتنمية البشرية بجمهورية السودان لعامى 2019 – 2020.
* مذكرة تفاهم للتعاون فى مجالات الهجرة وإشراك المغتربين بالتنمية بين وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج بجمهورية مصر العربية وجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج بجمهورية السودان.
* برنامج تنفيذى فى المجال الصحى بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية السودان للأعوام 2018 – 2020.
* البرنامج التنفيذى للتعاون فى مجال الشباب والرياضة بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية السودان.
* البرنامج التنفيذى لاتفاقية التعاون فى مجال التعليم العالى والبحث العلمى بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية السودان للأعوام 2018 – 2021.
* مذكرة تفاهم بين الهيئة المصرية لتنمية الصادرات ونقطة التجارة الخارجية بوزارة الصناعة والتجارة السودانية.
* اتفاق وميثـاق الشرف الإعلامى.
* برنامج تنفيذى للأعوام 2018 – 2020 فى مجال الإذاعة والتلفزيون بـيـن الهيئة الوطنية للإعلام بجمهورية مصر العربية والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بجمهورية السودان.
– استطاعت قيادة الدولتين الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس عمر حسن البشير أن يعيدا الدفء إلى العلاقات بين البلدين وتلبية طموحات الشعبين الشقيقين، بعد أن حاولت بعض القوى الخارجية تعكير صفو تلك العلاقة الممتدة بين الأشقاء.
وهو ما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال كلمته قائلًا: «إن الحقيقة الثابتة تظهر أن الأيام والسنين لم تُكسب علاقاتنا الأخوية إلا مزيدًا من الرسوخ والمتانة والقدرة على التصدى لأية تدخلات خارجية ومعالجة أية مشكلات مصطنعة، كما أنها عكست حجم ما يعلقه شعبا البلدين من آمال وطموحات عريضة نحو تحقيق مزيد من التكامل والترابط بين مصالح شمال الوادى وجنوبه، فى ظل ما تمتلكه الدولتان من قدرات بشرية وثروات طبيعية ندر أن تذخر بها أى دولتين جارتين فى العالم».
لقد شهدت الفترة الماضية بدء تنفيذ مشروع الربط الكهربائى بين البلدين وهو المشروع الذى من شأنه أن ينقل علاقات التعاون القائمة بين بلدينا إلى مرحلة جديدة تتأسس على تنفيذ المشروعات الاستراتيجية المشتركة التى تعزز من فرص التبادل التجارى والاستثمارى، وذلك فى ظل ما تحظى به مشروعات الطاقة من أهمية بالغة على صعيد دفع جميع أوجه علاقاتنا الاقتصادية والتنموية.
كما استضافت الخرطوم خلال الشهر الجارى الاجتماع الأول للجنة ربط السكك الحديدية بين البلدين، وهو مشروع استراتيجى آخر يُضاف إلى تعزيز عملية انتقال الأفراد والسلع بين دولتينا، ليمثل بذلك خطوة إضافية على مسار دفع الترابط والتكامل بين البلدين.