صالون الرأي
دروس مصريـة
By amrمارس 03, 2019, 19:11 م
1359
بكل تأكيد كان الرئيس عبد الفتاح السيسى يشعر بما يدور فى فكر ومشاعر كل مصرى يفتخر بما يدور على أرض بلاده من إنجازات كان آخرها عقد القمة العربية الأوروبية لأول مرة على أرض مصر فى مدينة شرم الشيخ وحضور قادة 49 دولة عربية وأوروبية لهذا المؤتمر، ومن هنا كان رد الرئيس الفورى الحاسم والحازم فى نفس الوقت ودون تردد على سؤال المراسل الألمانى فى المؤتمر الصحفى المشترك مع دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية فى ختام القمة العربية الأوروبية ونجاحها نجاحًا منقطع النظير حيث أعطى الرئيس السيسى درسًا مصريًّا فى احترام القيم الإنسانية حينما رد بشكل حاسم وسريع بأن الأولوية فى الدول الأوروبية هى تحقيق الرفاهية لشعوبها، أما الأولوية للمنطقة العربية حاليًا هى منع دولها من السقوط والانهيار بسبب التحديات التى تواجهها.
إلا أن الرئيس السيسى فهم وبمنتهى السرعة وبفطنة المصريين مغزى سؤال مراسل الوكالة الألمانية عن عقوبة الإعدام وقال ردًّا على سؤاله بأنه عندما يقتل إنسان تأتى الأسر إلينا لتؤكد على حق أولادها ويتم استرداد حقهم بالقانون وإذا طلبنا من الدول الأوروبية تطبيق عقوبة الإعدام على سبيل المثال سيكون الأمر غير واقعى بالنسبة لهم.
واستمر الرئيس السيسى فى لغة قوية وحاسمة أيضا أنتم مش هتعلمونا الإنسانية فلدينا أخلاقياتنا ولديكم قيمكم فاحترموا قيمنا وأخلاقياتنا.
وهنا أعطى الرئيس السيسى مثلاً للحاضرين بقوله إن مدينة شرم الشيخ التى تحتضن هذه القمة العربية الأوروبية قد تتحول بعمل إرهابى واحد إلى مدينة أشباح لمدة 3 أو 4 سنوات مشيرًا إلى أنه قد تتعرض دولة أوروبية لعمل إرهابى واحد فى الوقت الذى تتعرض فيه إحدى الدول العربية للمئات من الأعمال الإرهابية وطالبهم الرئيس بالنظر بعين الاعتبار للأولويات والاهتمامات والنظر إليها بعيون الدول العربية وليس الأوروبية.
وهنا نقول إن اللافت للنظر لأى متابع أن اللغة الحاسمة والقوية التى تحدث بها الرئيس السيسى أعطى دروسًا للقادة الأوروبيين فى كيفية التحدث عن قيمنا وأخلاقياتنا فى المنطقة العربية حيث كان الرئيس حاسمًا أثناء الحديث عن عقوبة الإعدام والانتقادات التى وجهت لمصر بعد تنفيذ حُكم الإعدام فى 9 من قتلة النائب العام الشهيد هشام بركات حيث كانت تتم محاكمتهم منذ عام 2015 أى بعد 4 سنوات من المحاكمة حتى أصبح الحُكم باتًّا ونهائيًّا وواجب التنفيذ بعد صدوره من أعلى محكمة فى مصر وهى محكمة النقض والتى خففت الأحكام عن البعض وبرأت البعض الآخر ولم يتناولوا تلك النقطة فى انتقاداتهم.
إن اللغة التى تحدث بها الرئيس السيسى فى المؤتمر كانت لغة قوة وفخر بمصريتنا وأخلاقنا وقيمنا جعلت دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى يؤكد أن هناك تحديات خطيرة تواجه العالمين العربى والأوروبى متمثلة فى مواجهة الإرهاب ومكافحة تغير المناخ ومواجهة النزوح الجماعى بأعداد ضخمة وضمان التنمية المستدامة وضرورة العمل لحل هذه القضايا وغيرها وأن الحلول متعددة الأطراف هى أفضل السُبل للتصدى للتهديدات التى يتعرض لها الأمن والسلم الدوليين، مشيرًا إلى الأوضاع فى سوريا وليبيا واليمن وعملية السلام فى الشرق الأوسط حيث أكد توسك على استعداد الاتحاد الأوروبى لتطوير مشروعات مشتركة تغطى الأمن والطاقة والسياحة والتجارة التى تشجع الاستثمارات والنمو المستدام الذى تصبو إليه الشعوب العربية والأوروبية والإسراع من الانتهاء من اتفاقية باريس، وأكد اتفاق قادة العالم العربى والأوروبى على التعاون والتنسيق فى عدد من القضايا الخاصة بالأمن والحدود ومعالجة الأسباب الجذرية للإرهاب وتعزيز الجهود للتصدى لتحركات الإرهابيين عبر الحدود، وأعرب توسك عن تقديره للرئيس السيسى والشعب المصرى على الجهود المبذولة للخروج بهذه القمة التاريخية ونجاح ودقة تنظيمها فى شرم الشيخ وهى تعتبر بداية للحوار الصريح بين العالمين العربى والأوروبى.
إلا أن اللافت للنظر أيضا تصريح جون كلود بونكر رئيس المفوضية الأوروبية بأن حضور 49 دولة من الدول العربية والأوروبية فى هذه القمة يؤكد دور مصر الكبير ومكانتها وسط العالم وأنه يجب أن نتغلب على الخلافات المختلفة فيما يتعلق بحقوق الإنسان بين الدول العربية والأوروبية، إن تأمين هذه القمة العالمية وخروجها بهذه الصورة يعبر عن مدى تطور منظومة الأمن المصرى ويعتبر بمثابة شهادة عالمية ودولية على الاستقرار الأمنى والسياسى والاجتماعى والاقتصادى فى مصر بعد أن احتضنت مدينة شرم الشيخ قادة ووفود وممثلى 49 دولة عربية وأوروبية شاركوا فى هذا المؤتمر الذى يعقد لأول مرة فى مصر وجاء القادة جميعهم فى توقيتات متقاربة وفى وقت واحد نستطيع أن نقول إن نجاح هذا المؤتمر هو شهادة عالمية على النجاح المصرى فى احتضان وإقامة المؤتمرات والمنتديات الدولية والعالمية نظرًا للتميز المصرى فى مجال تأمين المؤتمرات العالمية والدولية وهى شهادة دولية بنجاح جهود الرئيس عبد الفتاح السيسى الدبلوماسية والسياسية والدولية ونجاح أمنى آخر لاستراتيجية وزارة الداخلية فى تأمين المؤتمرات العالمية والدولية على أرض مصر نظرًا للاستقرار الأمنى الذى يوجد فيها ونجاح المنظومة الأمنية التى وضع خطوطها ومحاورها وزير الداخلية النشط اللواء محمود توفيق حيث تشارك فيها كل قطاعات الأمن بجهاز الشرطة من الأمن العام والأمن الوطنى والشرطة المتخصصة والمرور والدفاع المدنى والعمليات الخاصة والأمن المركزى ومديريات الأمن المختلفة حيث ينفذ الجميع استراتيجية أمنية شاملة ويتم فيها تطبيق منظومة الأمن بمفهومها الشامل.
إن نجاح هذا المؤتمر بهذه الصورة التى شاهدناها هو نجاح وفخر للمصريين ويشكل دعاية غالية الثمن يجب أن تستغلها كل قطاعات الدولة بطريقة صحيحة، فهذا النجاح المصرى المنقطع النظير لابد أن تستفيد منه وزارات السياحة والآثار والطيران والاستثمار والنقل وغير ذلك من القطاعات التى تعتمد فى نشاطها على التنشيط والتسويق السياحى وغيره وهو يساوى فى قيمته مئات الملايين من الدولارات إن لم يكن المليارات من الدولارات لو كانت مدفوعة الثمن عن طريق شركات دعاية وإعلام دولية، إلا أن هناك ما هو قادم فهناك المنتدى الأفريقى العربى الأول الذى سيعقد فى مدينة أسوان السياحية والأثرية منتصف شهر مارس الجارى وهذا المؤتمر يمثل أيضا دعاية غالية الثمن لاستقرار الدولة المصرية وآثارها ومناطقها السياحية حيث يجب استغلال هذا الحدث العالمى لتسويق مصر سياحيًّا وأثريًّا على المستوى الأفريقى والدولى، وهنا نؤكد أن مشاركة سامح شكرى وزير الخارجية فى اجتماعات مجلس حقوق الإنسان فى دورته الأربعين بمدينة جنيف السويسرية وإلقائه بيان مصر أمام مجلس حقوق الإنسان حول رؤية مصر والتى تستمر اجتماعات دورته لمدة شهر كامل ومتواصل تأتى فى إطار استعداد مصر للتأكيد على كلام الرئيس عبد الفتاح السيسى ومطالبة مصر للعالم باعتبار أن مواجهة الإرهاب هى حق أصيل من أولى حقوق الإنسان ولابد أن يكون النظر لحقوق الإنسان من منظور شامل ومطلوب من الجهات المختصة فى الدولة المصرية كالمجلس القومى لحقوق الإنسان، حيث وجب على هذه الجهات المختصة بيان الجهود المصرية المتواصلة التى تقوم بها مصر لإرساء مبادئ حقوق الإنسان بهدف بناء الإنسان المصرى ومشاركته فى جهود التنمية الجارية.
لقد كانت لغة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى رده على المراسل الألمانى حاسمة وقوية لا تقبل اللبس أو التأويل، وعلينا جميعًا أن نفخر برئيسنا المصرى الذى أعطى درسًا للقادة الأوروبيين لن ينسوه أبدًا لتحيا مصر دائمًا وأبدًا وتكون هى المحرك الأول لأى قائد مصرى وطنى أصيل.