حوار: د نسرين مصطفى
تصوير : رمضان على
أكد اللواء محمد عبد الواحد، المتخصص في شؤون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب، أن وسائل الإعلام الغربية تركز على إظهار الإرهاب في العالم على أنه يأتي من المنطقة العربية، وأن الفكر الديني المتطرف للجماعات التكفيرية سببه الإسلام إلا أن هذا القول كاذب جملة وتفصيلا وإنما تم الزج بالإسلام ووضعه في قالب سياسي وفكري متطرف لتحقيق مصالح سياسية بالدرجة الأولى.
وكشف اللواء عبد الواحد أن هناك ثلاثة أجيال من الإرهاب تعاقبت على البشرية حيث بدأ الإرهاب من أوروبا ولم تعرفه المنطقة العربية ولا الإسلام إلا بعد ظهور النفط العربي وارتباطه بالمصالح الأمريكية والأوروبية، وأن أجيال الإرهاب استخدمت العنف للترويج لأفكارها وتحقيق أهدافها، ثم انتقلت إلى الوطن العربي باسم الدين والدين الإسلامي بريء منها.
وفي هذا الحوار الذي تنشره “أكتوبر” على ثلاث حلقات، يكشف خبير شؤون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب اللواء محمد عبد الواحد، عن كواليس تطور الإرهاب في العصر الحديث وأجياله المختلفة ودور الغرب والولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع هذه الظاهرة، وأهم العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها، والجهود الدولية والإقليمية لمواجهة تلك الظاهرة والقضاء عليها من خلال الكشف عن أسبابها وجذورها، مرورا بما تسببه من عرقلة لجهود التنمية وانتهاء بالدور المصري الفاعل في مكافحة الإرهاب ودور أجهزة الاستخبارات والمعلومات في القضاء على تلك الجماعات والتنظيمات المتطرفة.
بداية ما هو تعريف الإرهاب؟
اختلفت الدول في تعريف الإرهاب وهناك جهود دولية لتجريم الإرهاب منذ ١٩٣٤ عندما ناقشت عصبة الأمم مشروع اتفاقية لمنع الإرهاب، ورغم اعتمادها عام ١٩٣٧ إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ، ورغم استمرار الجهود حتى الآن ولكن دون أن تحقق نتيجة لاختلاف وجهات النظر حول مفهوم الإرهاب من دولة لأخرى، وفى عام 2004 حاولت الأمم المتحدة وضع تعريف محدد للإرهاب تناولت فيه عددا من الأفعال ولكنها أيضا لم تصف معنى الإرهاب ولم تعرفه، ويرجع السبب في عدم توصيف الإرهاب بشكل يقبله جميع الأطراف أن كل بلد ترى الإرهاب طبقا لوجهة نظرها، فنحن ننظر لمنظمة التحرير الفلسطينية على أنها عمل وطني مشروع لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي لكن هناك دول أخرى تنظر إليها على أنها جماعة إرهابية, وهنا يتم الخلط المتعمد بين المنظمات التي تعمل لتحرير واستقلال أوطانها والجماعات الإرهابية التي تستخدم العنف منهجا لها، كما أن هناك نظما سياسية تصف المعارضة بأنها جماعات إرهابية، وبالتالي هناك صعوبة أيضا للتوصل إلى اتفاقيات أو معاهدات دولية نظرا لاختلاف مصالح الدول، فى ظل دعم بعض الدول للإرهاب إعلاميا وماديا, كما أن دولا مثل الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف بإرهاب الدولة حتى تعفي إسرائيل من تورطها في ممارستها الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني.
من جهة أخرى فإن هناك أعمالا أخرى مشابهة في شكلها وأهدافها للجماعات الإرهابية خاصة استخدام العنف مثل حركات التمرد وحركات العصيان والمعارضة المسلحة وجماعات الجريمة المنظمة فمن الممكن أن تكون شبيهة بالعمليات الإرهابية من حيث الشكل لكن تختلف عنها في المفهوم والأهداف والدوافع، كما أن العمليات الإرهابية تشبه عمليات الجريمة المنظمة من حيث إنه عابر للحدود والقارات وكلاهما يستخدم العنف أسلوبا لتحقيق أهدافه ولكن دافع الأول سياسي أو عقائدي أما دافع الثاني مادي.
ما الأسباب الحقيقية لانتشار الإرهاب؟
الإرهاب يجد جذوره في مشاعر الإحباط واليأس والبؤس والمعاناة التي تفوق أحيانا طاقة البشر على احتمالها فإذا وصلنا إلى أعماق الأشخاص سوف نعرف الأسباب الحقيقية التي تجبر تلك الفئة والأفراد على اعتناق العنف كأسلوب ومنهج في التعامل مع الواقع الذي نعيشه والنتائج دائما مربوطة بالأسباب، وهي في مجملها أسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية، بالإضافة إلى الإحساس بالتهميش المجتمعي والذي ينتشر في الأماكن الفقيرة والعشوائيات أو نتيجة لمشاكل أسرية وعائلية، والحكم غير الرشيد بالدول وعدم وجود ديمقراطيات وانتشار البطالة وغيرها من السلبيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كل ذلك يغذى الإرهاب فيجب أن يشارك الشباب في الحياة السياسية والحياة الحزبية التى تجعل هذه المشاركة عوضا عن الانضمام للجماعات الإرهابية.
كما أن شيوع الإرهاب الدولي يعكس أزمة ضمير وأخلاقيات مستحكمة يعيشها النظام السياسي الدولي وهى أزمة يبرز فيها التناقض الواضح بين ما تنص عليه المواثيق الدولية التي تتحدث عن قيم ومبادئ إنسانية وسياسية ومثاليات وفى نفس الوقت تدعم بعض الدول الإرهاب وتقدم له كافة أنواع الدعم وبعضهم يغض الطرف عنه، كما أنه لا يمكن إنكار أن أحد أسباب انتشار الإرهاب الدولي هو افتقار المجتمع الدولي إلى الحزم في الرد على الانتهاكات التى تتعرض لها المواثيق الدولية وإذا أردنا محاصرة الإرهاب الدولي علينا فرض عقوبات دولية شاملة ورادعة ضد تلك الجماعات بوضع قوانين حازمة للرد على تلك المخالفات من قبل الدول الراعية للإرهاب، فالإجرام يزدهر حين يغيب القانون ولا عنف يستشرى خطره عندما لا يجد من يردعه ويوقفه عند حده.
وكيف تطور الإرهاب عبر مراحله المختلفة؟
الإرهاب موجود منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها فمنذ أن خلق الله الأرض وتوجد الجريمة والعنف والإرهاب وفى العصر الحديث قسم الباحثون الإرهاب إلى ثلاثة أجيال، فالجيل الأول ظهر في أواخر القرن الـ 19 ومطلع القرن الـ20من خلال بعض الجماعات الإرهابية التي اجتاحت أوروبا حتى عقد الثلاثينات من القرن العشرين.
وكانت تتسم بالطابع القومي المتطرف وتعتمد في عملياتها على القتل والتفجيرات باستخدام الأسلحة الخفيفة مثل “الجماعة الدولية, وأبناء الطبيعة، والعلم الأسود، وطليعة العمال والأشغال الشاقة والديناميت والفلاح الجائع وهم حوالى 12 جماعة متطرفة لها كوادرها وأفرادها ووسائل لنشر دعوتها وكلها ليست تنظيمات إصلاحية أو خيرية كما تدعى ولكنها تنظيمات متطرفة استخدمت العنف في أوروبا حتى في الأفكار التي شهدتها فترة القرن الـ19, وظهور المفكرين الفوضويين أمثال جودوين الإنجليزي وهو أول مفكر فوضوي والذي ظهر في فترة الثورة الفرنسية وتأثر بها ومن مؤلفاته “العدالة السياسية وأثرها في الفضيلة والسعادة الاجتماعية” ثم انطلقت تلك الأفكار الفوضوية بين تلاميذه خاصة الفكر اليساري المتطرف فظهر هيجل الذي كانت له أفكار غريبة ومثيرة وانتهى الجيل الأول من الإرهاب في ثلاثينات القرن العشرين.
أما الجيل الثاني من الإرهاب فظهر في فترة الحرب الباردة، ومن أشهر المنظمات على المستوى الدولي منظمة الجيش الأحمر اليابانية ومنظمة الألوية الحمراء الإيطالية ومنظمة الجيش الجمهوري الأيرلندي ومنظمة الجيش الأحمر الألمانية “بادر ماينهوف” ومنظمة ايتا الإسبانية المسلحة والتي كانت تسعى لانفصال إقليم الباسيك عن إسبانيا والتي مارست أعمالها في فرنسا وإسبانيا.
وقد ظهرت بعض الجماعات الإرهابية فى البلاد العربية والإسلامية فى فترة السبعينيات من القرن الماضي كانت تعتنق الفكر السلفي المتشدد الجهادي بسبب ظروف سياسية واجتماعية مرت بها المنطقة العربية والإسلامية فى تلك الفترة, فضلا عن استخدام الحكومات العربية الحركات السياسية المتأسلمة لضرب الطوائف الأخرى كالشيوعيين والاشتراكيين في فترة من الفترات إلى أن انتشر هذا الفكر في الوطن العربي، فنجد جماعات التكفير والهجرة والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد الإسلامي والناجون من النار، وغيرها، وبدأت المنطقة تشهد بعض العمليات الإرهابية الجديدة والغريبة على المجتمع مثل عمليات الخطف أشهرها اختطاف الشيخ الذهبي ثم قتله وحادث مطار”لارناكا” ومقتل يوسف السباعي في قبرص ثم وقع عدد من الاغتيالات بدأت باغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات ثم عمليات إرهابية واسعة في الثمانينات والتسعينيات لكن الإرهاب في تلك المرحلة كانت تدعمه بعض دول الجوار الجغرافي، ثم يأتي الجيل الثالث والعابر للحدود وهو الإرهاب الدولي ويمثل هذا الجيل تنظيم القاعدة وبعض التنظيمات المتشددة المتفرقة حول العالم وتشمل تنظيم شباب المجاهدين فى الصومال وجماعة بوكو حرام وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي وتنظيم القاعدة في العراق واليمن وأصبحت أعمال العنف والإرهاب تتخذ أشكالا أخرى وأخيرا تنظيم الدولة داعش والتى تعتبر طور من أطوار تنظيم القاعدة.
لماذا ظهرت الأجيال الأولى من الإرهاب في أوروبا وكيف انتقل إلى المنطقة العربية؟
الجيل الأول من الإرهاب ظهر في أوروبا نتيجة الصراعات الاستعمارية وانتشار الأفكار الفوضوية وقد احتلت الحركات الفاشية والنازية والشيوعية والإرهابية الدينية مساحات واسعة فى مجال استخدام العنف وقد شهد الربع الأخير من القرن التاسع عشر ازدهار “العدمية” كمذهب متطرف ويرجع أصل المذهب العدمي إلى التطرف الديني “الأرثوذكسي” في روسيا, ثم ظهر الجيل الثاني للإرهاب والذي كانت جماعاته من اليساريين عدا بعض الجماعات الانفصالية وكان معظم تلك الجماعات اليسارية يحصل على الدعم من الاتحاد السوفيتي وبالتالي يمكن استغلالها لتحقيق أهداف كثيرة ومنها إدارة الحرب الباردة ثم عقب انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت المصالح الأمريكية تتجه نحو الشرق الأوسط والعالم الإسلامي وبدأت تظهر الجماعات الإرهابية السياسية والتي تتخذ من الإسلام ستارا لها إذا جاز التعبير، ويجدر الإشارة إلى أن المنطقة العربية لم تكن تعرف الإرهاب خلال الجيل الأول والثاني وإنما كانت الدول العربية واقعة تحت الاحتلال ومن ثم لم تكن هناك خلافات فكرية.
ما الذي يميز الجيل الثاني عن الجيل الأول من الإرهاب ؟
الجيل الثانى له صبغة دولية ويظهر ذلك من ظهور عناصر إرهابية أجنبية مما يعنى أن الإرهاب أصبح في تلك الفترة عابر للدول وللقارات أيضا وأكبر دليل على ذلك هو وجود علاقات وطيدة بين منظمة “بادر ماينهوف” وبعض المنظمات الفلسطينية الأخرى، كذلك بين تلك الجماعات وجماعات في أمريكا اللاتينية من هنا بدأت صفة الإرهاب الدولي.
وكيف كانت طبيعة العمليات الإرهابية في الجيل الثاني للإرهاب؟
أرى أن الجيل الثاني من الإرهاب نفذ كافة أشكال العمليات الإرهابية والمتمثلة في اختطاف وتفجير طائرات, وتفجير مطارات, واختطاف, واغتيال شخصيات, وتفجير سيارات مفخخة, واحتجاز رهائن،،،، الخ
وما أشهر العمليات الإرهابية التي وقعت في الجيل الثاني؟
أشهر العمليات الإرهابية في الجيل الثاني، عملية اختطاف الطائرة لوفتهانزا من قبل 4 فلسطينيين في أكتوبر 1977 وكانت العملية من تخطيط وديع حداد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكان الغرض منها مساندة الجيش الأحمر الألماني “بادر ماينهوف” والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في السجون الألمانية, ثم هبطت الطائرة في مطار مقديشو وانتهى الأمر بأن جماعة من مكافحة الإرهاب في ألمانيا استطاعت اقتحام الطائرة وتحرير الرهائن، وبعد تلك العملية شعرت الحكومة الألمانية والأمريكية والإسرائيلية بمدى جدية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فى إعادة المحاولة لإطلاق سراح المسجونين مرة أخرى فقام عملاء الموساد باغتيال جماعة من المعتقلين داخل السجون الألمانية وهو تاريخ إسرائيل وأمريكا في مجال حقوق الإنسان وقيامها بعمليات اغتيالات لمساجين.
ومن أشهر العمليات أيضا عملية اختطاف واغتيال رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو موريتي، من قبل منظمة الألوية الحمراء وهى منظمة شبة عسكرية يسارية مقرها إيطاليا وكانت مسئولة عن معظم حالات العنف من خطف واغتيالات وتأسست سنة 1970 وأوجدت حالة ثورية للكفاح المسلح جعلت إيطاليا تنسحب من حلف شمال الأطلسي واستطاعت الحكومة الإيطالية أن تفككها سنة 1981.
كيف كانت الأوضاع بالمنطقة العربية أثناء ظهور الجيل الأول والثاني من الإرهاب في أوروبا؟
على عكس الغرب وأوروبا، كانت المنطقة العربية هادئة فلم تشهد حالات عنف أو إرهاب ولكن خلال الحرب الباردة تعرضت المنطقة العربية والقارة الأفريقية إلى الاستقطاب من الكتلة الشرقية والولايات المتحدة الأمريكية وكانت وسائلهم تدخل مباشرة عن طريق تقديم مساعدات وتأييد لبعض الدول وفى بعض الفترات نجح الاتحاد السوفيتى فى بعض محاولاته حيث استطاع الاتحاد السوفيتى أن يكون له منطقة نفوذ فى أفريقيا خاصة فى الصومال وإثيوبيا وعدن, بالتزامن مع وجود أنظمة تنتهج النهج الشيوعي (سياد برى فى الصومال ومنجستو فى إثيوبيا) وقد نجح النظام الشيوعي بالفعل فى إحكام السيطرة على منطقة باب المندب وخليج عدن إلى أن قام جورباتشوف بعدد من الإصلاحات وتبنى سياسة المصارحة وبدأ سحب قواته من أفريقيا مما أدى إلى حدوث فراغ فى المنطقة استغلته الولايات المتحدة.
وماذا عن الاستراتيجية الدولية لمواجهة العمليات الإرهابية في ذلك الوقت؟
كانت المعالجات أمنية بالدرجة الأولى كما أن الولايات المتحدة والدول التى كانت تعانى من تلك الجماعات اليسارية وبعض دول الجوار كانت تلعب دورا في تبادل المعلومات لمحاصرة تلك الجماعات والقضاء عليها بالإضافة إلى معالجات إعلامية محدودة وتختلف عن الوقت الراهن فى ظل تقدم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
كما قامت بعض الدول الأوروبية بتبني مشروع يتمثل في الاتفاق مع بعض العناصر الإرهابية المقبوض عليهم في السجون بالصفح عنهم مقابل تسليم السلاح والانضمام إلى فئات الشعب وبالفعل نجحت تلك المبادرات فى تحقيق الهدف منها فحصلت تلك الدول على معلومات أدت إلى القضاء على تلك التنظيمات وتفكيكها فى فترة الثمانينات والتسعينات.
أما الآن فقد اتخذ المجتمع الدولي محاذير عالية جدا بإجراءات التأمين الخاصة وتأمين المطارات والطائرات فأصبح من الصعب الوصول لهذه الأماكن إلا أننا يجب إلا نغفل عن أحداث 11سبتمبر وهى عملية “الإرهابي الطائر” كما يطلق عليها خبراء مكافحة الإرهاب, حيث استطاعت بعض العناصر الإرهابية اختطاف الطائرة وتدمير برجى التجارة العالمي, وعقب هذا الحادث تصدى المجتمع الدولى بكل قوته لدحر الإرهاب وتجفيف منابعه.
تنظيم الدولة داعش هو التطور الطبيعي لتنظيم القاعدة فما مراحل تكوين التنظيم؟
تنظيم داعش كان في البداية جماعة سياسية انضم إليها أفراد من القوات المسلحة السابقة التى تم تسريحهم فى العراق وبدأت فى بداية الأمر بالهجوم على الحكومة الشيعية والتى همشت جماعات السنة وانضم له عناصر متشددة ومتطرفة بل وأكثر تشددا من تنظيم القاعدة حتى بدأت تنتشر وأطلقت على نفسها تنظيم الدولة فى بلاد الشام والعراق, وأطلق عليها اسم ” داعش” اختصار لولاية الدولة الإسلامية في العراق والشام وهذه الاختصارات موجودة في ثقافات الغرب وليس العرب مما يدل على أنها مدعمة من الغرب، وقد استغلت داعش حالة الفراغ السياسي الموجودة لإحكام السيطرة على كافة الأقاليم، بالإضافة إلى أنها لديها الكوادر والمجموعات القادرة على حمل السلاح ولها خبرة عسكرية وكوادر من المهندسين الذين لديهم القدرة على التعامل مع وسائل الإنترنت والاتصالات والتكنولوجيا الحديثة وكوادر فنية للترويج للعمليات وبثها على الصفحات المختلفة للإنترنت، وبذلك أصبح لدى داعش جميع الأدوات التى تستطيع من خلالها نشر أفكارها.
ما أهم استراتيجيات الجيل الثالث؟
أهم استراتيجيات الجيل الثالث هي اكتسابه صفة العالمية فنجد تنظيم القاعدة وداعش يستخدمان العنف المفرط والاستيلاء على الأراضي والأسلحة واستخدام تكنولوجيا الاتصالات لتحقيق انتصارات للتنظيم فضلا عن تدريب الكوادرالخارجية على تنفيذ العمليات الإرهابية وصناعة المتفجرات من مواد أولية محلية وكذلك فرز وتجنيد عناصر جديدة للتنظيم وقد ساعدت وسائل الاتصال لانضمام العديد من العناصر الأجنبية من دول أوروبية وآسيوية ومن كل دول العالم إلى تنظيم القاعدة وداعش.
ما علاقة الولايات المتحدة بالجيل الثالث من الإرهاب؟
جماعة طالبان وتنظيم القاعدة من ضمن الحركات التى دعمتها الولايات المتحدة فى السبعينات أثناء احتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان ولم تحصل تلك الجماعات على دعم الولايات المتحدة فقط بل وعلى دعم أوروبا أيضا بل وبعض الدول العربية إلا أن تلك العلاقة كانت ذات تأثير سيئ على تلك الدول حيث ظهرت مشكلة العائدين إلى أوطانهم بعد انتهاء الحرب فى أفغانستان فظهرت أجيال جديدة من المتشددين وهو ما يطلق عليهم” العرب الأفغان” وظهور الجيل الجديد من تنظيم القاعدة .
إذا لتنظيم القاعدة جيل جديد ؟
بالفعل استطاع تنظيم القاعدة تطوير نفسه سواء على المستوى الإعلامي أو الاتصالات فهو يمثل جيلا ثالثا من أشكال العمليات الإرهابية حيث ظهر جيل آخر من تنظيم القاعدة أطلق عليه داعش ينتهج عنفا شديدا أكثر من تنظيم القاعدة فى الاغتيالات والإعدامات والعنف المفرط فضلا عن تمتعه بمصادر تمويل عالية نظرا لأنه حصل على أراض شاسعة في العراق وسوريا واستولى على آبار النفط التي كانت تدر له أرباحا يومية تصل إلى 2 مليون دولار أمريكي, واستيلائه على معدات عسكرية ثقيلة ومخازن أسلحة نتيجة حالات الفوضى التى شهدتها العراق وسوريا وليبيا واليمن, كما توسع في التجارة غير الشرعية والجريمة المنظمة والمخدرات وتهريب السلاح لتوفير التمويل اللازم لدعم عملياته الإرهابية ودعم الجيل الثالث حيث أصبح عابرا للحدود والقارات ومستخدما للتكنولوجيا الحديثة ومروجا لأفكاره من خلال السوشيال ميديا، وهنا يظهر تغيير فى شكل القوى الدولية التى لم تصبح بين الدول بعضها البعض فحسب بل أصبحت مع فاعلين من غير الدول وتستطيع فى اللا “زمن” واللا “مسافة” أن توثر فى القرار السياسي وستصبح مؤثرة أكثر فى تغيير وتشكيل الرأى العام إذا تمكنت ولم يكافحها المجتمع الدولى.
هل هذا يفسر وجود جنسيات مختلفة تنتمي إلى الجماعات الإرهابية؟
الجنسيات الأخرى متواجدة داخل الدول منذ الجيل الثانى والذى يسمى الإرهاب الدولي لتحالف الجنسيات الأخرى مثل تحالف بادر ماينهوف مع منظمة التحرير الفلسطينية فعندما يتم طرح فكرة تجد من يتعاطف معها فالأفكار تنتقل بين الدول ولا تموت فداعش يطرح قضيته من خلال منظورة المتطرف فيجد من يستجب له من الشباب حول العالم بسبب ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية.